رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأقسام و«مهزلة» المخلى سبيلهم

هى فعلا «مهزلة» بكل مقاييس احترام حقوق الانسان، خصوصاً وهو فى اضعف مواقفه، ومطلوب من السيد اللواء محمد ابراهيم، وزير الداخلية التصدى لها وحل مشاكلها التى تتعارض مع جهود الوزارة ومديريات الأمن فى المحافظات لاعادة ثقة واحترام المواطن لجهاز الشرطة وتقدير رسالته الوطنية.

واعترف بأننى لم اكن على إحاطة يقينية بهذه المشكلة وما تتضمنه من تعنت وبرود ولا مبالاة حتى وقفت بنفسى على بعض الحالات وفى أيام مختلفة، من خلال متابعاتى لحالات المواطنين فى أقسام الشرطة والذين شاء حظهم العاثر دخول القسم فى مشكلة يمكن لأى مواطن شريف ومحترم وغير مسجل جنائيا - وقد يكون بعضهم يدخل القسم لأول مرة - أن يتعرض لها ليذوق مرارات عديدة بسبب تعنت ضابط مباحث أو مأمور أو حتى شرطى بسيط.
و«المهزلة» تتلخص فى حجز المواطن المخلى سبيله بقرار النيابة العامة بعد عرضه عليها فى المشكلة أو القضية التى تحررت ضده، ورفض رئيس المباحث أو أحد معاونيه تطبيق قرار النيابة فوراً ودون إبطاء، وعدم التأشير على المحضر وتأجيل ذلك للفترة المسائية التى قد تمتد لليوم الثانى وأحياناً الثالث! يحدث ذلك ببرود متناه وعدم لامبالاة بمشاعر المخلى سبيله وأسرته التى تعيش لحظات سوداء منذ أن دخل فيها والدهم أو ابنهم أو شقيقهم أو حتى صديقهم القسم فى «خناقة» أو جنحة ومخالفة عادية، وقد يكون بعضهم لم يذق طعم النوم منذ ذلك الوقت، والمهزلة لها ابعاد تتعلق بالانسانية والقانون والعدالة، فتخيل إنساناً بسيطاً، ومحترماً لم يدخل «قسم» فى حياته إلا للضرورة، وهو يقضى ساعات طويلة فى «التخشية» بين المتهمين بالقتل وتجار المخدرات والنشل، رغم إخلاء النيابة العامة لسبيله!
والتجمعات التى نشاهدها جميعاً لمواطنين وفى المقاهى المحيطة بالاقسام على مستوى الجمهورية دليل على وجود «أبرياء أخلى سبيلهم» ولم يفرج عنهم بسبب أن رئيس المباحث مشغول و«مش فاضى» يوقع على المحضر، أو يخشى إخلاء سبيل المواطن لمبررات مختلفة منها خوفه من قيامه بارتكاب تجاوز فى حق الطرف الثانى للمشكلة، فإذا كان ذلك صحيحاً فإلى متى سيوضع المواطن فى «حجز القسم، وكيف نعاقب مواطناً عادياً وغير مسجل ودخل القسم لأول مرة فى حياته, بسبب قلق الضابط فقط.
أفهم أن يحدث ذلك مع مسجل جنائى وعتيد فى الاجرام او تاجر مخدرات او حتى نشال يحتاج الضابط «الشغل» عليه لإخراج ما تبقى فى جعبته من جرائم ومصائب ارتكبها أو حتى استخلاص معلومات عن باقى زملائه أو حتى تجنيده لصالح المباحث.
ولكن أن يحدث ذلك مع برىء ومحترم دخل القسم فى مشكلة يمكن أن تحدث لكل منا، وفى أى وقت من ليل أو نهار، فهذا ما لا يمكن أن نسكت عنه أبدا، ولن يهدأ لنا بال حتى تُحسم هذه القضية ويفهم كل ضابط أن كل لحظة يقضيها برىء فى «التخشيبة» ليست فى صالح الوزارة ولا العدالة ولا حقوق الانسان وتسير فى الاتجاه المعاكس لسياسة

الوزارة التى تبنى جسور ثقة مع المواطن.
والأمثلة على تعنت ضباط المباحث كثيرة ومنها مثلا عدم تنفيذ قرار النيابة مع مواطن بقسم أول طنطا قررت النيابة اخلاء سبيله ولم يخرج إلا مساء اليوم الثانى، رغم التلغرافات التى أرسلها أهله للوزارة ومدير أمن الغربية!
والحقيقة إننى لا أريد أن أستطرد فى «الأمثلة» لأننى لا أتكلم عن حالة فردية ولكنى أتحدث عن حالة عامة وملموسة ويعرفها كل محامى ولا ينكرها رؤساء المباحث ولا مديرو الأمن، وبالمناسبة يجب فى هذا الصدد الإشارة إلى «غرف الانتظار» التى سبق وملأت وزارة الداخلية الدنيا ضجيجاً بتصريحات حولها و«التكييف» الذى دخل التخشيبة، وبصراحة فغرفة انتظار قسم طنطا تعتبر اساءة فى حد ذاتها، وتعتبر «عقاب» للمواطن المحترم التى أعدت من أجله!
لو كنت ضابط مباحث مسئولاً عن صرف المواطن المخلى سبيله، ليعود لبيته معززا مكرما ليلقى بنفسه فى أحضان ودفء زوجته وأولاده بعد التجربة السوداء التى مر بها، لما تأخرت لحظة واحدة فى تنفيذ ذلك كأولوية أولى، ولكن للأسف معظم الضباط يتركون مكاتبهم فى الفترة الصباحية وهم يعلمون بوجود مواطنين محجوزين فى «التخشيبة» اللعينة فى عز الحر والظلام بسبب انقطاع الكهرباء، يحتاجون لمجرد توقيعهم العزيز والشريف على محضرهم!
لن أطلب من النيابة العامة إخلاء سبيل المواطن البرىء أو الذى لا يخشى منه أو عليه من سرايا النيابة حتى لا يتعرض لتعنت المباحث، لكنى أطلب من كل ضابط أن يرعى الله فى عمله ويضع نفسه فى هذا الموقف، فتخيل أن والدك أو شقيقك أو حتى جارك العزيز شاء حظه العاثر المرور بهذه التجربة، وأخلت النيابة سبيله والضابط زميل حضرتك، أجل تنفيذ الاخلاء بمزاجه «كيفه كده» للفترة المسائية أو حتى لليوم الثانى والثالث، ياترى شعورك «هيبقى عامل إزاى»؟ ورأيك وقتها فى الداخلية والوزير ومدير الأمن الجالس فى مكتبه المكيف ولا يرد على الناس، وشعارات احترام حقوق الانسان «هيكون وضعه إيه جواك»؟؟
عاطف دعبس