رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

آسف واحد «يكفى»!

 

الحمد لله «إنى عشت وشفت وسمعت بأم أذنى» رئيس دولة عربية يعتذر لمواطنة من رعاياه على مرأى ومسمع من العالم ويقول لها بحنو وصدق «أنا آسف» أنا آسف ليكى ولكل المصريين, آسف على الرجالة وآسف على النخوة وآسف لأن ما حدث يعتبر سبة فى جبين كل المصريين.

بهذه الكلمات التى سمعناها جميعاً وبتلك المعانى ذات المغذى العميق والدالة والمعبرة عن قيمة وفلسفة ووجهة نظر رجل فى «خطأ» وقع فيه «نفر» من بعض أفراد شعبه ضد فتاة كانت فى أشد لحظات ضعفها, وقف الرئيس عبدالفتاح السيسى بكل بأس وشدة وحزم ونخوة أمام فتاة التحرير, وهو يقول بحزن وامتعاض شديدين, موجهاً كلامه لكل الناس بأنه يعتذر لها لكل امرأة مصرية ويأسف للرجولة والأخلاق، ثم يوجه كلامه لكل الجنود والضباط الصغار بأنه لن يحدث ذلك مرة أخرى وأنهم لن يسمحوا بتكرار هذه المهزلة, وكأنه يطمئنهم على حقهم فى القيام بواجبهم دون خوف من صوت عال ومن يد مرتعشة!
القيمة هنا فى رسالة الرئيس, ومفادها, أنه إنسان بسيط اختاره الشعب فى انتخابات حرة وفاز فيها بنسبة لم يستطع الأعداء التشكيك فيها, وأن الخطأ وارد منه ومن أفراد رعيته, وأنه يملك الشجاعة كإنسان أن يعترف بالتقصير ويتعهد بالتصدى له وبعدم تكراره, وأن هناك خطوات تتخذ فى هذا الصدد.
ثم فى سرعة التلبية والاعتراف بوجود أزمة كبيرة تتطلب منه أن ينتقل بنفسه إلى عنبر الضحية فى المستشفى ويعتذر لها ويشدد على أن حقها لن يضيع وأن كل مجرم لن يفلت بجريمته النكراء, الدولة كلها تعتذر, أكبر رأس فيها يقف أمام مواطنة ظلمت مع سبق الإصرار والترصد فوجب عليه كرئيس أن يتعامل مع المشكلة بأبعادها الإنسانية والقانونية وبالردع الذى يرضى كل مواطن معرض للظلم ولكل مجرم ينوى ارتكاب الإثم, وبالسرعة المطلوبة.
ورحم الله رئيساً كان يتدخل كل مرة فى آخر لحظة وبعد خراب مالطة, حتى فى تعامله مع الثورة التى قامت تطلب قرارات إصلاحية وانتهت بالمطالبة بعزله حتى سقط بالفعل! وتلك عقوبة البلادة وبطء الفهم وعدم القدرة على التعامل وفق منطق العقل والواقع ومقتضى الحال!
ثم قيمة تقدير الرئيس السيسى الإنسان, لقوة الشرطة الصغيرة التى تمكنت من إنقاذ الضحية وتكريمه للنقيب مصطفى ثابت وزملائه وتكريم اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية لخير الأجناد الذين تصدوا للجريمة المقززة التى لم تعد غريبة على مجتمعنا الشرقى للأسف, رغم كل الظروف المحيطة بالواقعة والحماية التى توفرت للجريمة من قبل معاونين لم يتم الكشف عنهم حتى الآن ومصورين حرصوا على تسجيل «الفضيحة» بكل تفاصيلها, للاتجار بها والتشهير بالمجتمع المصرى ليلة فرحته برئيسه المنتخب رغم أنف الحاقدين من المتطرفين وأذناب جماعات القتل والتخريب والدمار.
ولأنها أول مرة نسمع فيها رئيساً يتأسف لأحد أفراد شعبه

وقع عليه ظلم فقد وجب علينا جميعاً أن نعتذر نحن أيضاً للرئيس السيسى الذى سبقنا جميعاً بالاعتذار للضحية وللمرأة المصرية بصفة عامة, هذه المرأة التى أذهلت العالم فى ثورة 30 يونية وفى الاستفتاء على الدستور وفى انتخابات الرئاسة, هذه المرأة التى فعلت الأفاعيل فى مقاومة جماعة الإخوان المتأسلمين عندما شعرت بالخطر على مستقبل الوطن وكانت للرئيس «المعزول» بالمرصاد حتى سقط وسقطت جماعته والمؤلفة قلوبهم إلى الأبد!
والحقيقة أننا لا نريد أسفاً بعد اليوم سواء من الرئيس للشعب أو من الشعب للرئيس, فتكفى مرة واحدة لنشعر بالخطر المحدق بالوطن, ولأن كثرة الأسف, تعبر عن أزمة حقيقية مستمرة, نحن نريد مواجهة لكل أزماتنا التى نشترك فيها بقصد وجهل وسوء نية، نريد عملاً جاداً, وأخلاقاً موجودة فى كل منا, نريد للقيمة أن تعلو على النفس الأمارة بالسوء, نريد الأخلاق التى بعث رسولنا الكريم ليتمها فى قلوب أمته، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» هذا هو مغذى بعثة رسولنا الكريم وغايتها الحقيقية.
ولن يتحقق ذلك إلا بالقانون «الغاشم» الذى لا يخشى فى الحق لومة لائم, فالله سبحانه وتعالى فرض حد قطع يد السارق, وبالقياس قطع رأس القاتل بالقصاص العادل, وقطع طرف المغتصب وكف المتحرش, فمن آمن العقاب أساء الأدب! وقديماً قالوا: «يا فرعون إيه فرعنك قال لم أجد حد يلمنى».
ورسالة السيسى وصلت بالفعل لرجال الجيش والشرطة، فأصغر جندى وضابط  فضلاً عن أعلاهم رتبة, أقسموا على الوفاء بالعهد والوعد وأنهم حماة الأرض والعرض, وإذا كان الرئيس آسف لنا فعلينا أيضاً أن نأسف له, ونتعهد أمام الله بأننا لن نسكت على «خطأ» بعد اليوم ولن نقصر فى عملنا, بالحق والخير والجمال والأخلاق الرفيعة.
وإن شاء الله بالرئيس الإنسان والشعب رفيع الأخلاق والمجيد والمجتهد فى عمله ستكون مصر أم الدنيا وقد الدنيا بإذن الله تعالى.