رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

العربي.. الذي خسرته "مصر الثورة"..!

كتب الأستاذ طلال سلمان في صحيفة "السفير" اللبنانية يقول:"نبيل العربي الذي أعاده "ميدان" ثورة مصر إلى وزارة الخارجية، فلسوف يكون عليه أن يقاتل حروباً كثيرة قبل أن ينتزع الاعتراف بأنه صاحب دور وليس موظفاً وبأنه يريد ويسعى لأن تكون الجامعة في المستقبل ومنه وليست من الماضي وفيه".

صاحب دور أم موظف؟، هذا هو بيت القصيد للدكتور نبيل العربي الذي غادر الخارجية المصرية إلى ثلاجة الجامعة العربية أمينًا لها بدرجة كبير الموظفين.

العربي بخبرته الدبلوماسية والقانونية الدولية العميقة والواسعة يدرك أن إصلاح الجامعة مسألة معقدة بسبب الأوضاع العربية المتهرئة فالجامعة منظمة رسمية وهي انعكاس للحالة الرسمية العربية وإذا كانت تلك الحالة على ما هي عليه الآن من تشظٍّ ،فماذا يمكن أن يفعل وهو بلا صلاحيات سياسية تمكنه من ذلك؟!، ويزداد وضع الجامعة ارتباكا مع أحداث الربيع العربي ،حيث موقفها من تلك الأحداث مؤسف، وما اتخذته من خطوات بشأن ليبيا لا يقاس عليه، فهو كان موقفا انتقائيا ومن الواضح أن وراءه حسابات سياسية أكثر من كونه لحماية الشعب الليبي. إذن مسألة أن ينتزع العربي دورًا ليقوم بعمل مهم في إصلاح الجامعة وتفعيلها مشكوك فيه بدرجة كبيرة، وعمرو موسى لم يستطع أن يفعل شيئًا مهمًا طوال عشر سنوات رغم أفكار التطوير والإصلاح التي عرضها وبقي نشاطه الأوسع في دائرة الكلام فقط . الإصلاح الحقيقي للجامعة سيبدأ عندما تنصلح أوضاع الأنظمة الحاكمة بأن تكون معبرة عن شعوبها وأن تكون ديمقراطية ولو استمر الربيع العربي وحقق المأمول منه في نيل الشعوب حريتها وقرارها في الاختيار،وترافق ذلك مع الإصلاح السياسي والدستوري في الملكيات العربية فستكون البيئة السياسية مهيأة لخلق نسخة جديدة عصرية من الجامعة تعبر عن الأنظمة والشعوب في آن واحد، لأن الأنظمة ستكون مختارة من شعوبها وليست مفروضة عليها ويمكن هنا أن نكون إزاء حالة مشابهة بالاتحاد الأوروبي، فكلمة السر في نجاح المنظومة الأوروبية هي أن أنظمة الحكم لبلدان الاتحاد متفقة كلها في أنها ديمقراطية وأنها جاءت للحكم نتيجة إرادة شعبية وبالتالي فإنها تعمل لمصلحة شعوبها داخل الاتحاد ،أما في حالة الجامعة اليوم فإن الأنظمة تعمل لصالح نفسها وليس لصالح الشعوب ،ولذلك هي تتكتل للدفاع عن بعضها البعض في مواجهة الشعوب حتى لو كانت ثلاثٌ منها الآن - ليبيا واليمن وسوريا، وقبلهما تونس ومصر- ترتكب جرائم إبادة بحق ثورات سلمية تطالب بالحرية.

هل قرأتم تصريحًا للعربي منذ تمّ تعيينه بالجامعة منتصف مايو الماضي أو رأيتم تحركًا له؟.

هو تصريح وحيد خجول منذ أيام عن الربيع العربي مع الإشارة إلى سوريا، لا يُفهم منه موقف واضح، والرجل معذور في غموضه لأنه الآن موظف - وليس صاحب دور - عند الأنظمة العربية، وليس عند الشعوب، وإذا قال كلمة لا تعجب أي نظام فإنه يعترض عليه ، وقد يقاطعه ولا يستقبله في عاصمته رغم أن قامة وثقافة وخبرة العربي قد تتفوق على كثير من صناع الدبلوماسية في الدول العربية. السوريون شنوا حملة عنيفة ضد عمرو موسى في أواخر أيامه بالجامعة لأنه قال كلمتين لن يؤخرا أو يقدما، واتهموه بأنه ينتقد سوريا لمغازلة الشعب المصري لأنه طامح لرئاسته.

لذلك فإن العربي ترك الخارجية وانتقل إلى الجامعة رغما عنه، فقبل أن يرشح المجلس العسكري د.مصطفى الفقي لأمانة الجامعة عرض عليه أن يرشحه للمنصب لكنه اعتذر وفضل الخارجية لأنه يدرك الفارق بين المؤسستين، مؤسسة الجامعة الميتة، والتي تميت من يدخلها، ومؤسسة الخارجية الحية، فوزير خارجية مصر أكبر دولة عربية وإحدى القوى الإقليمية الكبرى له مكانة دبلوماسية رفيعة وصوت مسموع ومؤثر ،فما بالنا إذا كان وزيرا لخارجية مصر الثورة،هنا المنصب يزداد قيمة لأنه يتحدث مع الخارج

باسم الشعب الذي أبهر العالم بثورته .

ذهب العربي إلى الجامعة مضطرا، كحل وسط لبقاء المنصب في مصر، لأن الفقي لم يكن مرغوبا من الثوار، ومن أنظمة عربية، وكل يوم يمر يتأكد أنه كان من الأفضل أن يبقى العربي وزيرا للخارجية المصرية، فالجامعة ليست ملكا لمصر حتى وإن كانت تحتضن مقرها، فمصر عضو فيها من بين 22 عضوا أي ليست صاحبة القرار وحدها، أما الخارجية فهي واجهة مصر وصوتها الدبلوماسي أمام العالم ووزيرها صانع سياسة ومواقف علاوة على أن أمين الجامعة هو منصب إداري وتنفيذي بلا صلاحيات سياسية حتى لو كان يتقلده دبلوماسي ماهر كالعربي ،بينما فاعليه وقدرات العربي ستكون أوضح في الخارجية وهي ظهرت بالفعل في وقت قياسي حيث قضى في الوزارة أقل من 4 أشهر بعث خلالها الأمل في استعادة مصر دورها السياسي الخارجي.

بعد تعيين محمد العرابي وزيرا جديدا للخارجية - مع كامل تقديرنا لشخصه - تمنيت أكثر لو أن العربي لم تطأ قدماه الجامعة، ورفض أمانتها حتى لو ذهب هذا المنصب الى أي شخص آخر غير مصري. مصر في هذه المرحلة كانت تحتاج وزيرا قويا في واجهته الخارجية، والتضحية بالعربي لنيل منصب غير مؤثر بالجامعة تثير الشكوك حول أن يكون قد تم التضحية به لمواقفه المتتالية بشأن إسرائيل، وأسعار الغاز، والفلسطينيين، والعلاقات مع أمريكا، وإيران، وحزب الله. ذلك أن إسرائيل اعتراها قلق كبير من ثورة مصر ومن وزير خارجية الثورة حيث فقدت مبارك كنزها الإستراتيجي ولم يعد لها رجال في الحكم، ومصر لن تحاربها لكنها ستضع العلاقات معها في إطارها العادي ولن تعطيها ميزة على حساب الشقيق الفلسطيني أو الحقوق العربية، وإسرائيل تدرك أنه إذا ما تحركت مصر واستردت قيادتها السياسية على الساحة العربية والإقليمية فإنها لن تستطيع العربدة كما يحلو لها ولن تجد الحليف العربي الذي تستقوي به، وهذا الدور كان سيبعثه العربي مجددا ولذلك بدأ استهدافه من الإعلام والسياسيين في إسرائيل. فقط كانت رؤيته لفتح صفحة جديدة مع إيران متعجلة بعض الشيء، وهي أزعجت بلدان خليجية، لكنه كان اجتهادا سياسيا قابلا للمناقشة والتعديل. العربي كان أفضل لمصر كوزير للخارجية بعد سنوات أبو الغيط العجاف، ووجوده بالجامعة لا يعني الشيء الكثير لمصر غير الحفاظ على منصب بلا فاعلية، فمن الذي أراد أن يعيد الخارجية إلى مسارها أيام النظام السابق وكأن مصر لم تشهد ثورة على مبارك وعصره وسياساته وإرثه ورجاله؟.