رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل الدبلوماسي الإيراني.. جاسوس فعلاً ؟!

هل قاسم الحسيني الدبلوماسي في بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة تجسس فعلاً على مصر لصالح بلاده، وهل جرت معه تحقيقات بعد القبض عليه، وهل اعترف أم أنكر، وهل جمع معلومات تضر بالأمن القومي المصري، ثم ماذا كانت نتيجة هذه التحقيقات؟!.

لقد فوجئنا بخبر القبض على الحسيني, ثم فوجئنا بخبر ترحيله إلى بلاده خلال 48 ساعة.. كيف يستقيم هذا الأمر إذن والأسئلة معلقة بلا إجابات؟.

لو كان الحسيني جاسوسا والتحقيقات أثبتت التهمة عليه فكان الواجب في دولة القانون أن يقدم للمحاكمة خصوصا أن التجسس تهمة خطيرة تلحق أضرارا بأمن ومصالح البلد الذي يعمل فيه هذا الدبلوماسي، ويضاف إليها أنها تمثل انتهاكاً للوظيفة الدبلوماسية التي جاء من أجلها للقاهرة، فوظيفته العمل على خدمة العلاقات بين البلدين بطريقة شرعية، وليس ليتجسس ويجمع معلومات بطريقة مريبة وغير شرعية.

أمَا وأنه لم يقدم للمحاكمة ربما بسبب الحصانة الدبلوماسية, وتم ترحيله باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، فإننا نتساءل عن مغزى إذاعة هذا الخبر المفاجئ والمثير في وقت يفترض أن العلاقات بين مصر وإيران تتحسن من الجانبين ويقود هذه العملية بحماس وزير الخارجية نبيل العربي .فهل المقصود إيقاف عجلة استئناف العلاقات الدبلوماسية كاملة لمزيد من طمأنة دول الخليج خصوصا بأنه لا تقارب مصري إيراني في الوقت الحالي، وأن تصريحات الوزير نبيل العربي حول فتح صفحة جديدة مع إيران قد تم غلقها، وهل هذا يفسر تصريحات مصرية قبل إعلان نبأ هذا الجاسوس بأن العلاقات مع طهران متروكة للبرلمان المصري المنتخب باعتبار ذلك قراراً استراتيجياً ؟!.

إذا كان قاسم الحسيني جاسوسا كما نشر، وإذا كان ممكن ترحيله دون محاكمة، فلابد أن يكون هناك مقابل له، أي جاسوس مقابل جاسوس مثلاً، لكننا لم نقرأ أن مصر تسلمت شيئا من إيران ولا حتى المطلوبين أمنيا المقيمين فيها منذ سنوات طويلة، بل قرأنا أن وفداً شعبياً سافر لطهران ومعه على متن نفس الطائرة هذا الدبلوماسي برفقة مدير مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة مجتبي أماني. أليس ذلك أمرا مدهشا حقا، يثير الكثير من علامات التعجب، إذ ما المعنى من تفجير قضية تجسس متهم فيها دبلوماسي، وفي نفس الوقت يرحل إلى بلاده على نفس الطائرة التي يسافر عليها وفد شعبي مصري إلى إيران، والأغرب أن هذا الوفد يذهب لتحسين العلاقات، هل ذلك نوع من الترضية لإيران عما حدث للدبلوماسي؟!.

بصراحة الموضوع كله لغز، فالخبر كما فهمت من تفاصيله مصدره المخابرات العامة، وهذا جهاز غاية في الدقة في كل ما يصدر عنه، وهو يعمل في صمت وهدوء، ولا يمكن أن يجازف بتاريخه وسمعته ونشاطه ودقته وذكائه في قضية غير حقيقية أو غير دقيقة أو من دون أدلة قوية وإلا فإنه سيفقد من سمعته في الخارج قبل الداخل، ثم اللافت انه في سياق الأخبار المنشورة فهمت أن وزارة الخارجية لم تكن على علم بالقضية، فهل هذا صحيح، وهل من المنطقي ألا توضع الخارجية في
الصورة في مثل هذه القضية الحساسة خصوصا أن المتهم دبلوماسي؟!.

الخلاصة: هل الدبلوماسي الإيراني جاسوس أم لا؟. وهل الخبر حقيقي أم أنه - مرة أخرى- رسالة طمأنة إلى من يهمه الأمر بأن مصر لن تعيد العلاقات الآن مع إيران، وأن ما جرى هو تأكيد آخر من جهة أمنية مهمة ببقاء العلاقات على حالها بعد سيل تصريحات رئيس الوزراء عصام شرف بأن أمن الخليج خط أحمر و شدد على ذلك ؟!.

من البداية كانت افتتاحية العربي بشأن عودة العلاقات مع إيران متسرعة وفي غير أوانها فهذا قرار استراتيجي لا يتخذه وزير في حكومة مؤقتة ولا يتخذه حتى مجلس عسكري يتعجل تسليم المهمة لمن يختاره الشعب لحكم البلاد، مثل هذا القرار من اختصاص الرئيس والبرلمان المنتخب والحكومة التي ستتشكل بعد ذلك، ثم إن لمصر مصالح حيوية في منطقة الخليج المتضررة أكثر من غيرها من تهديدات وسياسات وأطماع إيران، وهذا سيتطلب من النظام الجديد ميزاناً حساساً في وزن مصالح مصر بين المحيط العربي في الخليج وبين تحسين أو استئناف العلاقات كاملة مع إيران، وإذا كان لابد من التفضيل فإن العلاقات والمصالح مع الأشقاء في الخليج والعرب عموماً مقدمة على إيران، دول الخليج تضخ الآن ما يقرب من 20 مليار دولار في شرايين الاقتصاد المصري، وهى لن ترضى بأن تنهار مصر اقتصادياً لأن خطورة ذلك ستنعكس عليها أولا، ومصر لها عمالة في هذه البلدان تقدر بالملايين تضخ تحويلات بالمليارات سنويا, وهي لا تتحمل عودة أي عدد ولو قليل من هذه العمالة الآن، وأجندة المصالح المتبادلة بين مصر والعرب كبيرة فضلا عن المصير والهدف الواحد المشترك، أما إيران فماذا يمكن أن تُحصل منها مصر غير الشعارات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، مصر تقوى بأشقائها العرب وهم يستقوون بها، وإيران هي من يجب أن يسعى لمصر وليس العكس ووفق حسابات جديدة تحظى برضا وتوافق مصري عربي .