عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل يعتذر أحد لـ تهاني الجبالي ؟!

من حيث لا تدري المستشارة تهاني الجبالي فإن واحدة من ملاحظات المحكمة الدستورية على قانون مباشرة الحقوق السياسية المتعلقة بتصويت العسكريين في الانتخابات جاءت لصالحها، وتعد بمثابة شهادة براءة لها مما ألصق بها من اتهامات، ثم حصل تدعيم لتلك الشهادة بعد أيام قلائل بقرارين جديدين للدستورية ببطلان قانون انتخاب مجلس الشورى، وبطلان تشكيل اللجنة التأسيسية الثانية لوضع الدستور.

كيف ذلك؟.
الذين شنوا حملات هجوم عنيف ضد المستشارة خلال وجودها بالمحكمة كان مبررهم أنها توجه أو تجير أو تسيس المحكمة في قراراتها ضد الإسلاميين ، وأنها تمارس انقلابا ناعما عليهم من خلال القضاء متخذة المحكمة الدستورية وسيلة لذلك ، وقالوا إنها وراء قرار بطلان قانون انتخاب مجلس الشعب وبالتالي حله، ووراء قرار بطلان عودته - أول قفزة في الهواء لمرسي بعد أسبوع واحد فقط من أدائه اليمين الدستورية رئيسا - ، وأنها كانت وراء نية مبيتة لإبطال تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية لوضع الدستور، وبطلان قانون انتخاب مجلس الشورى ليلحق بزميله مجلس الشعب، وأنها كانت تعمل في الخفاء لعزل الرئيس باعتباره قد حنث مرات بالدستور الذي أقسم عليه أمام المحكمة، وأنها تحالفت مع المجلس العسكري خلال حكمه للبلاد ولذلك كانت تعمل من خلال المحكمة للعصف بالمسار الديمقراطي لإبقاء العسكر في السلطة تمهيدا للإطاحة الكاملة بالإخوان من الحكم وإعادتهم إلى مربع المعارضة أو الإقصاء ، وقيل أيضا إنها أشادت بقانون انتخاب مجلس الشعب وهي تعلم أنه يتضمن مطاعن دستورية وأنها استفادت منها فيما بعد في إبطال القانون وبالتالي حل المجلس عندما جاءت الانتخابات بأغلبية إسلامية.
من هي هذه الـقاضية الـ " سوبرمان " التي تستطيع فعل كل ذلك في المحكمة وكأنها ليست مجرد مستشارا واحدا فقط ضمن مستشاريها الـ 19 ، أو كأنها صاحب الأمر والنهي الوحيد بينما كل القامات السامقة من فقهاء الدستور في المحكمة بقضاتها وهيئة مفوضيها تخضع لرأيها ودسها على الإسلاميين وكأنها خلقت لتعاديهم، ففي مثل هذا الكلام إهانة لا تجوز للمحكمة ولهم؟!.
خرجت تهاني، أو أخرجت من المحكمة بعد تفصيل تشكيل جديد لها في الدستور، ولذلك نلاحظ أنه منذ دخول الدستور حيز التنفيذ تراجع خطاب النقد والهجوم على المحكمة وقضاتها الأجلاء، بل أسند الرئيس للمستشار حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين فيها حقيبة وزارية في التعديل الحكومي الأخير، فالمهم أنه تم التخلص من تهاني الجبالي ما يعنى أنه صار هناك رضا عن المحكمة، لكن تأتي الرياح بمالاتشتهي سفن الإخوان والأنصار عندما تفاجئ المحكمة - من دون تهاني - بضرورة تصويت العسكريين في الانتخابات حتى يكون القانون مطابقا للدستور الجديد الذي وضعته جمعية تأسيسية أغلبيتها إسلامية، ثم تصدر في أعقاب ذلك قرارين آخرين ببطلان قانون انتخاب الشورى وتشكيل التأسيسية.
هنا عاد القصف على المحكمة، وتجددت نفس الاتهامات القديمة بأنها مسيسة، وتعادي

الإسلاميين، وأنها تسحب القوات المسلحة للتدخل في الشأن السياسي، والتأثير في نتائج الانتخابات ، وأنها تتواطؤ ضد الإخوان، وتريد خلط الأوراق، وأنها ملكية أكثر من الملك.
وسؤالنا هنا : هل مازالت تهاني الجبالي توجه المحكمة وهي خارجها وانقطعت الصلة بها حتى يتكرر مثل هذا الكلام، أم الصحيح أن المحكمة تمارس عملها باحترافية كاملة دون النظر للمواقف الشخصية لأعضائها تجاه من يحكم، ودون النظر للهوية السياسية لمن هو على رأس السلطة، ودون اعتبار لما يسمى بموائمات سياسية لأنه لا موائمات أمام تفسير نصوص دستورية، فالتفسير يجب أن يكون واضحا وكاشفا وصريحا لأن المحكمة هي الحكم الوحيد الحاسم في تفسير النص الدستوري ولذلك لابد أن تكون نموذجا في الصرامة والنزاهة ، فإذا كان القضاء العادي يطبق روح القانون أحيانا فإن الدستورية ليس مطلوبا منها ذلك لأنها ترسي قواعد راسخة بتفسيرات تظل قائمة طالما بقيت النصوص، أو ظل الدستور معمولا به، وتاريخ المحكمة يشهد لها بذلك سواء في عهد مبارك أو في عهد الثورة ، أي أنها لا تتأثر بالسياسة سواء كان الحاكم مستبدا أم ديمقراطيا، كما لا تتأثر بميول القاضي الشخصية، وإن كان يؤخذ هنا على المستشارة تهاني ظهورها في الفضائيات والحديث في الشأن الجاري وإبداء آراء ووجهات نظر في الأحداث السياسية وهذا منح خصومها الفرصة للتشكيك في نواياها كقاضية.
المهم أنه بوجود تهاني قيل إن المحكمة مسيسة، وبدونها مازال يقال إنها مسيسة!.
لكن لماذا لانعكس ونقول إن المحكمة بوجود تهاني تفسر مواد ونصوص الدستور بنزاهة ، وبدونها تفعل ذلك أيضا.
إذن، المشكلة عند من يتوجسون من المحكمة، وعند من تسكنهم نظرية المؤامرة أيا كان انتمائهم السياسي، وليس عند المحكمة أو القاضية السابقة.
هكذا الأمر ببساطة حيث تتضح الأمور وتظهر الحقائق شيئا فشيئا بعد زوال الضبابية والتشويش والتشويه.
فهل يعتذر لها أحد عن إساءة الظن بها وبالمحكمة ؟!.
[email protected]