عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المأزق العربي في سوريا

تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مؤخرا عن سوريا تكشف عن العجز العربي والدولي عن إيقاف حرب الإبادة، والتوصل لحل سلمي.

كلمات الفيصل مليئة بالمرارة وفيها اعتراف بخذلان مجلس الأمن، والقوى الكبرى للشعب السوري، وسقوط الرهان العربي على مساعدة دولية لهذا الشعب للخلاص من الطاغية.

الفيصل قال إن العرب يواجهون مأزقا كبيرا في سوريا.

لكن اللافت قوله: "إن المأساة السورية تكمن في وجود حكومة ترفض أي حل، يواصلون تصور أن كل من يقاتلهم إرهابي، ومن غير المرجح التوصل لحل سياسي معها".

توصيف الفيصل للمشهد الدموي في سوريا صحيح ومؤلم لأن المئات يذبحون يوميا على أيدي جيش الأسد الطائفي الذي يصعد بجنون من القصف العشوائي الوحشي على المدنيين ويحاصر الأحياء والقرى والمدن ويرتكب مالم ترتكبه إسرائيل في حروبها مع سوريا نفسها ومع العرب والفلسطينيين.

يريد الأسد قمع الثورة والقضاء على المقاتلين حتى لو لم يترك حجرا على حجر، لكنه يعيش خارج الزمن، فهو لا يتعلم درس عامين كاملين فشل خلالهما في نهجه العسكري الوحشي، بل إنه يعطي كل يوم ألف سبب لحمل مزيد من السوريين للسلاح ثأرا منه ومن جرائمه.

دائرة الحرب لن تتوقف، وسوريا ستصبح خرابة كبيرة.

نعم هناك مأزق عربي كبير في سوريا، وبالمقابل هناك تدخل إيراني كبير وعلني وفاضح في سوريا، فالمساعدات الإيرانية للأسد تبقيه واقفا على قدميه يذبح الشعب، وطهران أحد أسباب الدعم الروسي للأسد فالمصالح والمشروعات الروسية في إيران تجلب المليارات لموسكو، والروسي عقليته ستالينية قمعية وهو تاجر بلا أخلاق - مثل الأمريكي والأوروبي- يحط رحاله حيث المصالح فقط، ولو كانت هناك مصالح غربية في سوريا لكانت القصة انتهت، أو كانت هناك مساعدات فعالة تشد من أزر الجيش الحر وتجبر الأسد على الرضوخ للحلول السلمية، والمفارقة أن الطائرات الفرنسية اتجهت إلى مالي وليس سوريا رغم أن سوريا كانت الأولى بتلك الطائرات لتدمير القدرات العسكرية للأسد لإجباره على إيقاف حرب الإبادة، أما الحالة في مالي فلم تكن بخطورة سوريا التي يذبح شعبها منذ عامين.

نقول للوزير الفيصل لا تعوّل على أمريكا وأوروبا وأنت أدرى بهم وبتفكيرهم فهم لن يتدخلوا بل هناك شبهات تواطؤ خفي مع الأسد بمنحه وقتاً مفتوحاً فربما ينجح في النجاة، فهم يريدونه ولو ضعيفاً لأنه خير حافظ لأمن إسرائيل، وهم يتخوفون من مجيء نظام جديد في سوريا قد لا يكون في خدمة إسرائيل كما يفعل آل الأسد منذ 42 عاما.

ودعك سمو الوزير من روسيا فلا تتوقع أن تتخلى عن حليفها في مجلس الأمن حيث تريد الحفاظ على موطئ قدمها الأخير على المتوسط، وتريد مليارات إيران ومواجهة أمريكا سياسيا لتأكيد وجودها الدولي، وسوريا ورقتها الرابحة اليوم ولن تفرط فيها.

والكل يعلم أن إيران هي رأس الأفعى وهي تناوئ العرب العداء وتريد استعادة نفوذها الفارسي القديم على حسابهم وهي محكومة بنظام مذهبي، ولذلك ستدعم الأسد للنهاية لأسباب مذهبية وليس لأنه خط المقاومة ضد إسرائيل، فإيران وسوريا هما أكثر

بلدين متواطئين مع إسرائيل والمقاومة منهما براء.

نعم العرب في مأزق لكن الخروج منه وبأيديهم ودون التذلل للغرب ليس صعباً من خلال دعم الشعب السوري والجيش الحر بكل السبل، وتسريع تشكيل المعارضة لحكومة انتقالية والاعتراف بها وإعطائها مقعد سوريا في الجامعة ومنظمة التعاون الإسلامي وكل المنظمات العربية والإسلامية، وعلى العرب إعلان دعمهم بوضوح للثورة ودون لف أو دوران كما تفعل إيران وروسيا في دعمهما للأسد، بل هما يتفاخران بذلك.

العرب فشلوا في سوريا للآن كما فشلوا في لبنان والعراق أمام إيران التي اختطفت هذه البلاد منهم عبر الدعم القوي للطوائف الشيعية التي تدين بالولاء المذهبي لها، لذلك يجب إيقاف مكاسب إيران وعقابها عربياً وإسلامياً حتى تنتبه لخطورة اللعب بالنار، وأن العرب ليسوا مطية أو حائطاً مائلاً.

وعلى العرب وضع روسيا أمام ساعة الحقيقة لتختار بين إجبار النظام على التوقف عن الإبادة ورحيل الأسد أو الضغط عليها اقتصادياً وتجارياً وبكل الأوراق المتاحة وهي عديدة، ونفس الأمر مع أمريكا والغرب الذي يستنزف الثروات العربية وله مصالح مهمة مع العرب، فإما أن يتدخل بأي شكل لإيقاف المذبحة وإلا تضررت مصالحه وعلاقاته معهم.

العرب يتفرجون على السوريين - باستثناء الدور المشرف لقطر مع الشعب والثورة - وهم يقاتلون دون سلاح نوعي أو دعم حقيقي، وقتالهم ليس لنظام الأسد فقط إنما لإيران وروسيا والصين وحزب الله وحكومتي بغداد وبيروت والداعمين سرا فهؤلاء أطراف مباشرة وغير مباشرة في الحرب على الشعب المسكين.

يجب على الوزير الفيصل أن يخاطب العرب أولاً وليس الغرب ومجلس الأمن والجمعية العامة التي تقوم بدورها معنوياً وأدبياً لأن العرب ساهموا في صنع المأزق بدعمهم للنظام الدموي من الأب للابن وسكوتهم عن جرائمه بحقهم وابتزازه لهم طوال أربعين سنة ثم ضبابية مواقفهم من الثورة وتقديم قدم وسحب أخرى في المساندة وعدم القيام بدور مؤثر حتى الآن.

أيها العرب ادعموا الشعب السوري بفخر، مثلما تدعم إيران - رأس الأفعى - حليفها البعثي رأس الطغيان.