عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعد الخطاب.. هل يدرك مرسى خطورة الحريق؟!

دخلت مع مجموعة من الزملاء في رهان حول ما يمكن أن يتضمنه خطاب الرئيس محمد مرسي ليلة الأحد 27 يناير.

هناك فريق كان متأكداً من أنه لن يأتي بجديد، لكن كان يحدوني أمل بأن مرسي يدرك خطورة اللحظة الراهنة، ولذلك سيعلن عن قرارات سياسية حاسمة تهدئ الغاضبين والمعارضين، وتكون غطاء لأي قرارات أمنية سيتخذها في نفس الخطاب، لكنه ركز على الأمني، وتجاهل السياسي، مكتفياً بدعوة جديدة للحوار الوطني، وهذا لا يمكن أن يكون علاجاً فعالاً للأزمة الخطيرة التي تمر بها البلاد في ظروف ضعف الدولة، وعجز الأجهزة عن ضبط الأمن، أو مواجهة فرق التخريب، علاوةً على حالة الاحتقان والانقسام والصراع السياسي.
كان واجباً على مرسي في خطاب طال انتظاره في خضم فوضى دموية خطيرة أن يستجيب لبعض المطالب الأساسية لقوى المعارضة لبناء جدار سريع من الثقة معها لتهيئة الأجواء لحوار وطني ناجح يناقش كل القضايا الخلافية لإنقاذ الوطن، فالأزمة في أساسها سياسي، وقد استغلها المخربون كغطاء لممارسة القتل والإجرام، والحل السياسي لابد أن يجلب معه التهدئة في الشارع المعارض.
لكن خطاب الرئيس جاء مخيباً للآمال مثل بقية خطاباته في الفترة الأخيرة، فيه استكبار عن رؤية حقيقة الأوضاع في الشارع الذي تسيل فيه الدماء، واستكبار عن رؤية حقيقة غضب الشارع الشعبي الذي لا ينتمي للمعارضة لأن أحواله المعيشية تنتقل من سيئ إلى أسوأ في ظل هذا الرئيس وحكومته.
نعم، إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في محافظات القناة قرار ضروري، لكنه تأخر، فقد سالت دماء كثيرة وحصل تخريب واسع، وقد كان صدور مثل هذا القرار حتمي لحظة تفجر العنف، بل كان يجب التحسب لحصول العنف قبل مظاهرات الجمعة، وقبل النطق بالحكم في مذبحة بورسعيد وذلك باتخاذ قرارات سياسية تمتص الغضب، وقرارات أمنية تردع من يفكر في تهديد المواطنين.
لكن السؤال الآن : من يضمن أن قرار فرض الطوارئ وحظر التجول ستكون له هيبة بعد كل هذا التجرؤ على الدولة وأجهزتها وشرطتها وجيشها ، ومن يضمن ألا يتعرض القرار للخرق ، فهناك تحد صارخ من فرق التخريب لمؤسسة الحكم، ومن يضمن ألا تحدث حرب استنزاف بين الشرطة وبين المخربين خصوصاً وأن الشرطة لم تتعاف بالكامل ومازالت أياديها مرتعشة، ثم من يضمن أن تكون الشرطة نفسها قادرة على تنفيذ القرار، أليس ممكنا أن يحدث تمرد في صفوفها رفضاً لإطلاق النار مثلا، أو خشية تعرضها للمخاطر والاستهداف خصوصاً وأن هناك تململ في صفوفها من الأحداث الجارية بسبب الخسائر في عناصرها لأنها ممنوعة من استخدام وسائل الدفاع عن النفس.
كان الرئيس مرسي يحتاج للغطاء السياسي من القوى السياسية والوطنية أولاً ليكون تطبيق الطوارئ وحظر التجول فعالاً إلا إذا كان قد قرر العودة لسياسة القمع القديمة كوسيلة للإخضاع بالقوة، شريطة أن يكون قد ضمن ولاء الأجهزة الأمنية إلى جانبه باعتبارأنها أدوات القمع ، لكن سياسة القمع والقهر والتسلط بعد ثورة يناير صارت مسألة صعبة وغير ممكنة.
السؤال الآخر : هل الرئيس ليس متمرساً أو سياسياً بالقدر الكافي حتى يتخذ مبادرات وقرارات توافقية حكيمة، أم أنه ليس مدركاً لكون المعارضة حتى لو كانت أقلية فإنها قادرة على إصابة البلد بالشلل التام،

وهذا حاصل الآن بالفعل، أم أنه ليس مقتنعا بعد أن فصيلا واحدا إسلاميا أو ليبراليا أو يساريا لا يمكن أن يفرض رؤيته على مصر، فالتجربة تؤكد ذلك اليوم، فرغم أن الرئيس والأغلبية في الهيئات المنتخبة من الإسلاميين إلا أنهم غير قادرين على فرض رؤاهم وأفكارهم وسياساتهم على قطاعات من الشعب وعلى المعارضة رغم أنها أقلية وبينها تناقضات، لذلك كان ضروريا جدا لتمرير أي قرارات أمنية أن يكون مرسي شجاعا ويقدم مبادرات سياسية عاجلة ليس من أجل المعارضة فقط، إنما من أجل الشعب، وهناك مطلبان جيدان عرضهما رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي كنت أتمنى لو استجاب لهما مرسي في خطابه وهما : تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وأضيف من عندي أن تسند رئاستها لشخصية ترشحها المعارضة، والثاني تشكيل لجنة قانونية لتعديل المواد الخلافية بالدستور، وأن تكون وثيقة التعديل موقعة من الرئيس والقوى السياسية وملزمة للبرلمان الجديد لإقرارها وعرضها على الاستفتاء الشعبي.
لكنه لم يفعل إنما كرر دعوته للحوار، وأمام هذا المأزق العميق وفي هذا الظرف الحساس نتمنى أن يتم الحواربشرط ألا يكون على نفس النمط السابق بأن يدعى إليه الحابل والنابل لنجد أن الشخصيات الأساسية المؤثرة تجلس على الطاولة إلى جانب الشخصيات والأحزاب الهامشية والكرتونية، كما نتمنى أن تطرح جميع القضايا وأن يقدم الطرفان الحكم والمعارضة تنازلات للالتقاء في منطقة وسط اسمها المصلحة العليا للوطن.
والسؤال الثالث هو : من يحكم مصر، الرئيس مرسي أم مكتب الإرشاد كما يتردد؟. إذا كان هو الحاكم الفعلي، أم مكتب الإرشاد، ألا ينظران حولهما، ويقرآن الواقع وهو أن الدولة في غاية الضعف، وأن الميليشيات خرجت للعلن وتجرأت عليها ، وأن الفوضويين يفعلون ما يشاءون جهارًا نهارًا دون خوف من شرطة أو رادع من قانون، بل أن الشرطة هي من يُعتدى عليها، أم أن هناك اطمئنان من مرسي أو مكتب الإرشاد لحشود الإسلاميين الكامنة وراءهما ، لو كان مستوى التفكير بهذا المنطق فإن مصر ستدخل في اقتتال أهلي وحروب شوارع حقيقية، ولن تخرج من النفق المظلم، وعندئذ ستصبح مصر نسخة أخرى أسوأ من الصومال.
[email protected]