عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انسَ يا معالي الوزير..!!

قرأت خطة وزير التموين في تطوير وتحسين جودة رغيف الخبز. وهي خطة جيدة، لكن ليس المهم الخطط والتصورات والمقترحات مهما كانت رائعة المهم أن تجد طريقها للتنفيذ الحقيقي والجاد على الأرض.

لكني أصدم معالي الوزير بأن خططه لو تم اعتمادها ودخلت حيز التنفيذ سيكون مصيرها الفشل بسبب فساد الإنسان المصري مواطنا أو مسؤولا. والفساد هو الأساس في امبراطورية الخبز والغاز ولن تنجح أي حكومة في القضاء على الفساد في مجال الخدمات إلا بتطبيق القانون بحزم شديد على من يخطئ ولو خطأ بسيطا هامشيا. مسألة الخبز لها ثلاثة أطراف هم: الخباز، والرقيب، والمواطن. من مصلحة المواطن أن يحصل على حصته التي حددها الوزير، وأن يكون وزن الرغيف 130 جراما فعلا، فالخطة هدفها خدمة هذا المواطن ووصول الدعم لمستحقيه، لكن الطرفين الأولين - الخباز والموظف الرقيب - لن يساعدا أو يمكنا المواطن من الاستفادة من تلك الخطة، ولو جعلت صاحب المخبز يقسم على المصحف صباحا ومساء فلن يلتزم بخطط الوزير في إنتاج رغيف بالمواصفات المطروحة ولا تسليم المواطن حصته المقررة لأنه مجبول على الفساد ويفتقد الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية، إنه أناني يريد المال فقط حتى لو من الحرام، إنه الإنسان المصري في كل مجال يعمل فيه أو يسيطر عليه أو يكون مسؤولا عنه حتى لو كان من المصلين والصائمين كل اثنين وخميس وممن يحجون ويعتمرون سنويا، فالإيمان مزيف وهناك ازدواجية فجة بين التزام ديني شكلي وبين واقع فيه تحلل من أي التزامات أو أخلاقيات أمام شهوة المال والسلطة. أما الطرف الثاني وهو الموظف الرقيب على المخبز وجودة الخبز سواء أكان من التموين أو من المحليات فهو شريك صاحب المخبز في الفساد وسيظل شريكا له لأن مصلحة الاثنين تتلاقى فهو يغض الطرف للمخبز لإنتاج خبز لا يصلح للحيوانات ولبيع معظم حصة الدقيق

المدعم في السوق السوداء مقابل أن يحصل هذا الموظف على خبز مخصوص له ولمن يريد كما يحصل على مبلغ معلوم يوميا، فالمهم أن يعود إلى بيته وجيبه محشوا بالمال الحرام ليطعم منه أولاده، ولو وضعت موظفا آخر رقيبا على الموظف الأول فإن فيروس الفساد سيصل إلى الموظف الرقيب الثاني أيضا. هذه هي الحقيقة الصادمة لطبيعة الإنسان المصري الذي فقد الضمير والأخلاق والانتماء وأصبح شعاره أنا ومن بعدي الطوفان.

من يضمن أن يلتزم المخبز بوزن 130 جراما للرغيف، وإذا حصل ذلك في الأيام الأولى لتنفيذ الخطة باعتبار أن الغربال الجديد له شدة فمن يضمن استمرار ذلك، ثم من يضمن توزيع الحصص على كل أسرة، فالمضايقات والطوابير قد تمنع البعض من التعرض للإهانات حتى لو سينام جائعا، ومن يضمن ألا يتسرب الدقيق للسوق السوداء، ومن يضمن ألا يخرج هذا الخبز للتجار لبيعه على الأرصفة بـ 50 قرشا للرغيف بينما هم سيشترونه بـ 5 قروش.

بالطبع الذي يضمن ذلك هو الموظف المسؤول عن رقابة العملية كلها لكن من يضمنه هو الآخر؟.

إنها دوائر مفرغة ندور فيها بلا نهاية، فالمشكلة ليست في الميزانيات، ولا الخطط، إنما في الإنسان في مصر وفي الإدارة وفي القانون المهدر على الأرض.

[email protected]