رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اعتقال الرئيس عاريًا.. رسالة جديدة للطغاة

 

اللقطات التي بثتها الفضائيات حول العالم قبل أيام لاعتقال لوران جباجبو رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته بالملابس الداخلية هى رسالة جديدة موجهة لمن يعنيهم الأمر من الطغاة الذين لايريدون أن يفهموا الدرس المكرر وهو التوقف عن معاندة الإرادة الشعبية الوطنية وبعدها الإرادة الدولية .

حالة ساحل العاج ليست بعيدة عن حالة البلدان العربية التي تعيش ثورات شعبية, فقد شهد هذا البلد تغييرا, لكن ليس عبر ثورة, إنما من خلال توافق طرفي الصراع برعاية دولية على أن صندوق الانتخاب الشفاف هو الفيصل بينهما. لكن جباجبو نقض الاتفاق ورفض الاعتراف بنتيجة الصندوق وهى فوز منافسه زعيم المعارضة الحسن وتاره بالرئاسة.

كان طبيعيا أن يعترف العالم ب " وتاره " رئيسا شرعيا لأنه جاء وفق انتخابات أشرفت عليها الأمم المتحدة, وقضية الديمقراطية والانتخابات الحرة تقع على رأس قيم الغرب, لذلك كان صعبا عليه أن يتنكر لقيمه, وهذا مالم يفهمه جباجبو الذي تمسك بالسلطة و لعب على وتر إشعال الحرب الأهلية مجددا. لكن باءت محاولته بالفشل, فقد لعب المجتمع الدولي و دول الجوار دورا مهما في نزع الشرعية عنه وحصاره ودعم الرئيس الشرعي.

ومثل هذه المواقف الجديدة والجيدة من دول الجوار ومن المنظمات والتجمعات السياسية أو الاقتصادية التي ينتمي إليها أي بلد يتحكم فيه ديكتاتور تساهم في عزله وتقصير عمره وإنقاذ شعبه من طغيانه ودمويته, وتكتب فصلا جديدا في تنظيف العالم من بقايا الأنظمة السلطوية القمعية وتدشن لسلوك سياسي مطلوب يقوم على فكرة أن النظم التي تقمع شعوبها لم تعد خارج المحاسبة خصوصا في إطار الإقليم الذي تعيش فيه , فالمحاسبة هنا تكون أكثر فاعلية لأنها تتصل مباشرة  بمنافذ الحياة للديكتاتور ونظامه .

لذلك كان موقف الجامعة العربية بإصدار قرارين اعتمد عليهما مجلس الأمن لحماية المدنيين في ليبيا من مجازر القذافي سابقة مهمة في أداء هذه المنظمة العربية بانحيازها لمأساة الشعب وعدم ممالأة النظام الرسمي لبلد عضو فيها, وهذه السابقة يجب أن تكون سلوكا سياسيا دائما للجامعة لعقاب أي عضو يرتكب جرائم بحق شعبه.وبالتالي فان هذه الجامعة أمام اختبار آخر في سوريا واليمن بعد كل هذا العنف المفرط من جانب السلطات في البلدين ضد المحتجين المسالمين المطالبين بالإصلاح حيث النظام فيهما مازال يتعامى عن درس الحرية العربي ويتعامل بآليات التفكير القديمة وهى القمع لحركات احتجاجية شعبية عفوية بعد معاناة طويلة من ويلات الحكم الفردي .

وبالمثل كان موقف مجلس التعاون الخليجي جيدا أيضا عندما تدخل في الأزمة اليمنية وطالب الرئيس صالح بنقل السلطة لنائبه في إطار خطة لحل الأزمة في هذا البلد الذي يشهد ثورة شعبية دخلت شهرها الثالث, وكان هذا المجلس قد سبق واتخذ موقفا مهما في الأزمة الليبية بانحيازه الى جانب الشعب مطالبا بحمايته من مجازر القذافي .

هذه المواقف من منظمة الجامعة العربية ومن منظمة إقليمية عربية " مجلس التعاون الخليجي " يفترض ألا تكون مواقف طارئة بل المأمول في هذا الزمن العربي الجديد أن تتكرر مع أي انتهاك لحقوق أي شعب عربي دون استثناء فالمحاسبة داخل البيت العربي قد تمنع محاسبة دولية لاتحمد عواقبها , وحالة العراق الذي شهد تدخلا دوليا منذ غزوه للكويت قبل 20 عاما وحتى اليوم لاتحتاج الى مزيد من الشرح.

لايجب بعد اليوم في أي بقعة من العالم أن تتم التغطية على الجرائم التي يرتكبها أي ديكتاتور ضد شعبه عندما يتحرك هذا الشعب سلميا للمطالبة بالإصلاح والحرية والديمقراطية ,

فالشعوب لم تعد أسرى طغاتها ينكلون بها كيفما يشاؤون وهم مطمئنون للإفلات من المحاسبة.

مشهد جباجبو مقصود به إذلاله قبل طي صفحته,  لكنه أفضل قليلا من مشهد إخراج صدام من الحفرة وهو على هيئة مزرية, وكان مقصودا منه بجانب الإذلال توجيه أكثر من رسالة لآخرين في المنطقة بأنهم يمكن أن يلقوا نفس المصير لكن فشل الرئيس بوش الابن في بناء عراق ديمقراطي وفي حفظ الأمن والاستقرار للعراقيين ونجاحه فقط في إثارة الغرائز المذهبية والطائفية في هذا البلد, جعل رسالة صدام تأتي بنتيجة عكسية حيث رفضت الشعوب التغيير على الطريقة الأمريكية حتى جاءت اللحظة المناسبة لتقوم هى بالتغيير بنفسها رغم الكلفة التي تتكبدها من دمائها.

من الجيد أن حاكمين عربيين - بعد 8 سنوات من سقوط صدام - هما بن علي في تونس ومبارك في مصر وفرا الوقت والمزيد من الخسائر وغادرا السلطة دون تدخل إقليمي أو دولي, بعكس حالتي  القذافي في ليبيا وصالح في اليمن اللذين يعاندان إرادة شعبيهما. ومبارك يحاسب الآن داخل بلده مع أركان نظامه وهى تجربة ستدشن لتأسيس دولة القانون وستمثل رادعا لكل صاحب منصب في هذا البلد تمنعه من الاجتراء على حقوق الشعب وعلى القانون, أما بن علي فالمحاسبة ستطاله يوما ما هو الآخر .

رغم كل هذه الدروس فان القذافي وأبناءه لايريدون أن يستوعبوا ولو سطرا منها , هم يعاندون شعبهم ويعاندون العالم الذي اتخذ قرارا بنهاية القذافي ونظامه .ورغم ذلك مازال يعيش في أوهام الزعامة وحالة جنون العظمة المرضية, وساحل العاج ليست بعيدة عن ليبيا ومشهد جباجبو ليس بعيدا عن القذافي, فهو فقد شرعيته الشعبية , وهذا يعطي العالم الحر الحق في ممارسة كل الوسائل للخلاص منه لإنقاذ الشعب الليبي والمنطقة منه , ولعل الرئيس اليمني يستوعب شيئا من الدرس بعد أن وجه محيطه الخليجي رسالة مهمة له بالتخلي عن السلطة على وقع هدير الشعب له بالرحيل حيث لن يفلت هو الآخر من المحاسبة.

نورييجا " بنما ", تايلور" ليبيريا " , ميلوسيفيتش " يوغسلافيا السابقة ", صدام " العراق " , جباجبو" ساحل العاج " , عينة من رؤساء خالفوا قواعد اللعبة ولم يستوعبوا التوازنات الإقليمية والدولية فكان مصيرهم الإذلال والسجن أو الإعدام.. فهل يتعظ مابقى من طغاة .