رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيخ العاشق لمصر؟

"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبًا" - الآية "86" سورة النساء.

وقد حيا الشيخ السعودي الدكتور محمد العريفي مصر بتحية عظيمة مرتين الأولى من داخل المملكة ومن على منبر المسجد في الرياض بما لذلك من مغزى كبير، والثانية في مصر عندما حل عليها ضيفًا عزيزًا وصاحب بيت ووطن ومن على منبر مسجد الفاتح عمرو بن العاص.

أنا واحد من ملايين المصريين الذين يقدرون له صنيعه وكلماته الرائعة وهيامه وعشقه لمصر وتأكيده على فضلها وفضائلها على الأمة كلها قديمًا وحديثًا واستنهاضه لهمم المصريين للحفاظ على بلدهم وحثه الدول العربية والإسلامية على المجيء لمصر والاستثمار فيها والتجارة معها حتى تخرج من عثرتها.

مع ذلك لابد أن نجد أصواتًا نشازًا مثل سارق الفرح أو مطفئ الأنوار لا يعجبها هذا الحب الجارف من العريفي وإخوانه في المملكة لمصر فأخذوا يشككون في المقاصد والنوايا، فإذا لم تكونوا كرماء وتردوا على الرجل بأحسن مما قال فعلى الأقل اصمتوا ولا تكشفوا عن نفوس مريضة.

قيمة ما قاله العريفي أنه أعاد تذكير كثير من المصريين بعظمة مصر في هذه الفترة التي يعيشون خلالها في حالة من الإحباط مما تمر به بلادهم من أزمات متنوعة مستفحلة ومما يسودها من كراهيات وعداوات بين فرقاء السياسة والثورة ذلك أن مصر اليوم تبدو وكأنها مصر أخرى غير تلك التي كانت خلال الشهور الأولى بعد سقوط مبارك. أسوأ ما في المصريين يتكشف الآن على مسرح العبث السياسي والشعبي حتى توارى شعار "ارفع رأسك فوق أنت مصري " الذي أنتجته ثورة يناير، وأصبح المصريون - نخبة ومواطنين - مشغولين ليس برفع الرأس إنما بكسر رؤوس بعضهم بعضًا، لم يعد يأتي ذكر لكرامة المصري، واعتزازه بثورته، وإسقاطه للديكتاتورية، بل هناك فريق أخذ يجاهر بصفاقة بحنينه للديكتاتور للخلاص تحت مبرر كاذب وهو فوضى الحرية، وهناك فرق لم تأتِ نتائج الديمقراطية على هواها أعلنت حربًا مفتوحة على الخصوم السياسيين حتى لو كان ضحيتَها الوطن والمواطنون جميعًا.

نعم مصر التاريخ والحضارة لا تحتاج شهادة من أحد لكن يكفي العريفي أنه أعاد تذكير المصريين بحقيقة البلد الذي ينتمون إليه والذي يتفنن بعضهم في تمزيقه وخنقه ، إنه الجحود بالأم الرؤوم التي أنجبت كل هذا التاريخ العظيم.

التف المصريون حول العريفي يستمعون إلى خطاب ذلك الشيخ العاشق لبلدهم، الشيخ القادم من بلد شقيق وجار، بلد الحرمين الذي له مكانة خاصة في قلوب المصريين وكل المسلمين ليقول لهم إن أفضال بلدكم كانت على بلادي أيضًا ، قمة التجرد والإنصاف وهذا ما جعل كلماته المتدفقة كالنهر في السعودية أو في مصر تصل للقلوب والعقول لأنها تنضح محبة ومصداقية، أما مصر النخبة فلا تسمع ولا ترى ولا تشعر إلا بما تراه هي، ولذلك تشكك دومًا في كل كلمة حق تأتي من

خارج دوائرها وقناعاتها لأنها تدعي أنها تملك وحدها الحقيقة المطلقة، فماذا يريد هؤلاء الذين لا يعجبهم العجب؟، بطبيعة الحال هم غير مؤثرين وخارج حسابات الشارع الذي هو مصر الحقيقية، وهذا الشارع كان ينتظر الخطبة أمام المسجد بالألوف المؤلفة ، أما الذين تحلقوا حول أجهزة التلفزيون يتابعون ما تيسر لهم من الخطبة والذين تابعوها على الإنترنت فإنهم بلا حصر.

خطبة صادقة وكلام من القلب ، لم أسمع من عشاق مصر من قال كلامًا مثل الذي قاله العريفي، وإذا كان كلامه حسب البعض ليس جديدًا وأنه موجود في كتب التاريخ والدراسات العلمية فوجب شكره عن ذلك أيضًا لأنه ذكرنا بالتاريخ، أو أعاد تلاوته على أسماعنا حيث جاء ليقول لنا هذه مصركم ومصر العرب والمسلمين، جوهرة نادرة فلا تضيعوها، حافظوا عليها وعضوا عليها بالنواجذ لأنها مركز الثقل وبلد الريادة وحامل شارة القيادة ومناط الأمل للأمة كلها في النهوض والتقدم ومواجهة الطامعين والأعداء.

هذا هو العريفي أحد أركان المؤسسة الدينية في السعودية تلك المؤسسة التي توصف بأنها وهابية ويوصف علماؤها بأنهم وهابيون، وإذا كانت الوهابية والوهابيون بهذا الشكل والعقل والمنطق والتفكير فأهلاً بها وبهم وقلوبنا وعقولنا مفتوحة لها ولهم، العريفي وإخوانه من العلماء الذين يسيرون على هذا الطريق يردون بخطاباتهم ولغتهم الراقية على الأعداء والمغرضين ودعاة الفتنة بأن الوهابية هي المرادف للتشدد والانغلاق والتكفير، والوهابية كما يقدمها العريفي هي نقاء الإسلام وسماحته ووسطيته واعتداله. وربط الوهابية بالتشدد هدفه ربط الإسلام السني كله بالتشدد وإظهاره كأنه تكفيري وكأن عنوان أهل السنة والجماعة هم بن لادن والظواهري والزرقاوي، وليس القرضاوي والعريفي وعائض القرني وسلمان العودة والأزهر الشريف وشيخه وعلماءه ودعاته وكل العلماء الأجلاء على هذا الطريق.

المدهش أن نصارى مصر رجال دين ومواطنين كانوا سعداء وفخورين بما يقوله العريفي عن مصر وعنهم وكأنهم هم الآخرون يسمعون التاريخ المعروف لأول مرة.

خالص تقديرنا لهذا الشيخ الجليل.

[email protected]