رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كانت ثورة

هل المجلس العسكري اتخذ القضاء ليتوج خطته الناعمة للانقلاب على الثورة؟. إذا كان هذا قد حصل فهو مؤسف للاثنين: العسكري والقضاء. المؤسف أكثر أن القوى الثورية بمختلف توجهاتها لم تحافظ على الثورة. تم التلاعب بتلك القوى كلها بلا استثناء، وكلها أخطأت من إسلاميين وليبراليين وعلمانيين ويساريين ومنهم الشباب أيضا. العسكري تلاعب بهم طرفا وراء الآخر وكل طرف اعتبر أنه ابن العسكري المدلل بينما كان العسكري يحفر له حتى أسقطهم جميعا في الحفر.

الذين قالوا مبكرا يسقط حكم العسكر كانوا أصحاب بصيرة ويقرأون تاريخ وعقلية ونمط تفكير العسكر جيدا في مصر وفي غيرها من بلدان شهدت حالات ثورية مماثلة أو قريبة. اليوم يتأكد أن هؤلاء كانوا الثوار حقا، وأنهم كانوا قلقين على الثورة وأن رؤيتهم كانت صائبة وأنهم كانوا يدركون المخاطر الحقيقية الداهمة على الثورة.

الآن عندما نعيد قراءة كل ما حدث في مصر منذ 12 فبراير إلى اليوم سنصل إلى أن المجلس العسكري خطط بمهارة واستخدم كل خبرة الأجهزة الأمنية في التنفيذ الهادئ والمتدرج للخطة التي جعلت قوى الثورة تتمزق وتتحارب بضراوة وجعلت قطاعات من المصريين تنفضّ عن الثورة وتتهمها بأنها سبب تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية وجعلت فلول النظام تخرج وتنشط وتتحرك بكل قوة وثقة وجعلت صعود أحمد شفيق أمرا طبيعيا وفي حالة فوزه فإن الخطوة التالية للفلول ستكون الإعلان عن أنفسهم من خلال حزب جديد يرث الحزب المنحل للوثوب على الانتخابات القادمة لمجلس الشعب مع توقعات بتحقيقهم نتائج جيدة مستفيدين من البيئة التي تم تهيئتها لهم طوال الفترة الانتقالية وكله بالصندوق وبالديمقراطية التي جلبتها الثورة. المدهش أن الفلول استفادوا من نظام مبارك ثم هم يحصدون اليوم نتائج الثورة التي وقفوا ضدهم ، أما الثوار والقوى المعارضة التي لم تستفد شيئا من النظام الزائل العائد بل كانت مضطهدة ثم ضحت وقامت بثورة لكنها لا تقطف الثمرة فقط بل تخرج مغضوبا عليها.

الموقف خطير لكن بالطبع لا نتمنى حصول السيناريو الجزائري الدموي العنيف في مصر. إنما الواضح أن السيناريو الروماني هو القريب مما يجري عندنا، هناك عاد رجال" شاوشيسكو" للحكم في أول انتخابات تجري بعد عام من الثورة من خلال أحد رموز نظامه الذي أصبح رئيسا وبتأسيس حزب جديد قام على قواعد الحزب الشيوعي اقتنصوا من خلاله البرلمان. وفي مصر يكاد يتطابق هذا السيناريو فالفترة الانتقالية – اسمها الحقيقي الانتقامية - التي تميزت بالزخم الثوري وتصدر الثورة للمشهد السياسي وللسلطة التشريعية كانت مجرد جزء من خطة العسكري في تصفية الثورة أي جعل الثوار يفرحون عدة أشهر قبل سلبهم الثورة والسلطة التشريعية بانقلاب شيك حلقته الأخيرة عبر أحكام قضائية يشوبها التسييس كما يقال. بعد ساعات قد يكون شفيق أحد رموز نظام مبارك والثورة المضادة هو رئيس مصر الثورة أي هو "أيون أليسكو" رومانيا ثم يقفز الحزب الوطني المنحل من خلال الاسم الجديد له على انتخابات البرلمان كما حصل في رومانيا.

لماذا يفعل العسكري كل ذلك ، كان محبوبا وكان الهتاف هو" الشعب والجيش إيد واحدة "، اليوم هناك قسم كبير من الشعب المصري غاضب منه، هناك دماء شهداء تضيع سدى، وهناك مصابون ستزداد آلام جراحهم، وهناك ثورة تجهض، وهناك حلم مصر الجديدة يتبدد.

[email protected]