عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في الحكم على مبارك

كلمة المستشار أحمد رفعت قبل النطق بالحكم في قضية مبارك أشارت إلى توقع صدور حكم لم يخطر على البال. الكلمة أدانت نظام مبارك إدانة كاملة. كانت إعداما لهذا النظام كما قال الدكتور محمد الجوادي في تعليقه لإحدى الفضائيات. لكن الأحكام بعد هذه الكلمة اعتبرها

البعض صدمة حيث لم تكن بمستوى جريمة قتل المتظاهرين السلميين التي ارتكبها المتهمون. لكن ومن المعلوم بالضرورة أن القاضي لا يحكم من عنده بل بموجب أوراق القضية وأدلة الاتهام المقدمة له من النيابة وبموجب القانون الذي يحكم على أساسه، كما أن هناك دفاعا للمتهمين يحشد أسانيده لإقناع المحكمة ببراءة موكليه. وهنا يصعب لديّ التشكيك في نزاهة هيئة المحكمة فأنا اعتبرهم فدائيين لأنهم يتصدون لمثل هذه القضية الخطيرة التي تستحوذ على اهتمام ليس المصريين فقط إنما العالم الخارجي. إذا كانت هناك أدلة تدين المتهمين قد أخفيت أو أتلفت أو تم التصرف فيها بشكل سلبي ولم تتعاون بعض أجهزة الدولة لضبطها وتحريزها وتقديمها للنيابة فماذا يفعل المستشار رفعت وزملاؤه في هيئة المحكمة، وإذا كان القانون لا يمكـّن القاضي من الحكم بغير ما قضى به فكيف يتصرف؟، فإذا كان القانون يقول: إن الدعوى الجنائية الخاصة بقضايا الفساد لمبارك ونجليه وحسين سالم قد انقضت بمرور 10 سنوات على حصول واقعة الفساد فماذا بأيدي هيئة المحكمة غير تبرئتهم، رغم أن ضميرهم القانوني والإنساني قد يكون غير راض عن مثل هذا الحكم؟.

هتافات تطهير القضاء التي رفعها البعض داخل قاعة المحكمة لا يجب أن توجه للقاضي رفعت وزملائه إنما إلى من بيده القيام بعملية إصلاح جذري للقضاء وإعطائه استقلالية كاملة وحقيقية وصارمة وإصلاح منظومة القوانين لتنقيتها من كل ما يشوبها حتى لا تمكن أي مجرم من الاستفادة من ثغراتها بواسطة محامين ماهرين للإفلات من العقاب، إذ مثلا كيف لا تكون تهم الفساد لا تسقط بالتقادم مثل جرائم التعذيب وذلك حتى لا يفلت أي فاسد من العقاب مهما طالت المدة وحتى يفكر الفاسد ألف مرة قبل أن يرتكب جريمته؟.

أظن أن الغضب لا يجب أن يوجه للمحكمة رغم ما يقال عن شبهة سياسية في حكم مبارك والعادلي، إنما يوجه إلى منظومة القضاء والقوانين التي أكدت القضية عجزها، كما يوجه للأجهزة المتهمة بإخفاء أو تدمير الأدلة بحيث تكون القضية هشة ولا تجد النيابة ما تقدمه للقاضي ليستند إليه في إصدار الأحكام التي تسمو إلى بشاعة الجرائم التي ارتكبها المتهمين، وقد اشتكى القاضي من ذلك في جلسة النطق بالحكم.

الأمر غير المفهوم في الحكم أن مساعدي العادلي الستة يحصلون على البراءة من تهمة قتل المتظاهرين بينما مبارك والعادلي يحصلان على المؤبد في نفس القضية وكان المنطقي أنه إما أن يحصل الجميع على المؤبد أو البراءة لأنهم مرتبطون جميعا في هذا الجرم وهذا ما يجعل البعض يقول إن الحكم مسيس وتقديري أن القاضي ربما استند في إدانة مبارك والعادلي إلى كونهما مسؤولان وأصحاب قرار بحكم المنصب التنفيذي والسياسي الذي يمكنهما من إصدار الأوامر، أما قيادات الداخلية فإنهم مجرد أدوات تنفيذية، وإذا لم يكن قد ثبت وجود تعليمات صريحة بقتل المتظاهرين فيكون القاضي قد عاقب مبارك والعادلي باعتبار مسؤوليتهما السياسية والتنفيذية لامتناعهما السلبي عن حماية المتظاهرين.

ولذلك فإن العاجل الآن والذي تأخر كثيرا هو ضرورة فتح تحقيق حول العبث بالأدلة لتفريغ القضية من مضمونها للتوصل إلى كل من ارتكب هذه الجريمة ومحاسبته، فلابد من هيئة تحقيق خاصة مستقلة تحقق في هذه القضية وتشمل كل المسؤولين في السلطة منذ 25 يناير وحتى إحالة المتهمين للقضاء.

الحقيقة أنني لم أكن أتوقع المؤبد لمبارك، إنما سجنه عدة سنوات أو السجن مع إيقاف التنفيذ أو البراءة تأسيسا على أنه لا توجد أدلة اتهام تدينه علاوة على شهادات كبار المسؤولين في نظامه التي قيل إنها برأت مبارك من إصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، مع ذلك فإن حكم المؤبد ليس مطمئنا لأنه أمام محكمة النقض يمكن أن يحصل مبارك والعادلي على البراءة بسهولة تأسيسا على أن مساعدي العادلي الستة حصلوا على براءة في نفس التهمة، والدفاع سيجتهد أمام النقض للمطالبة ببراءة مبارك والعادلي أو تخفيف الحكم عنهما، وقد يحدث ذلك بالفعل.

[email protected]