رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

" نفحات " .. حمدين صباحي

حقق حمدين صباحي إنجازا في انتخابات الرئاسة المصرية، فقد كان هو الحصان الأسود الحقيقي، وتجاوز عبد المنعم أبو الفتوح الذي كان متوقعا أن يكون الأول أو الثاني، وحمدين له تاريخ من النضال، وهو من المشاركين في ثورة 25 يناير،

لكن حينما خطب في أنصاره لتهدئتهم ورفع روحهم المعنوية بعد انتهاء الفرز وعدم دخوله الإعادة وتأكيده أنه مستمر معهم في النضال من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية فإن موقفه كان صادما حيث لا يخدم في مجمله الثورة التي يتعهد لأنصاره بأنه سيواصل مسيرتها، فأي ثورة ستبقى إذا جاء شفيق رئيسا بينما هو يعلن بأنه لن يدعم عنوان الثورة الآن محمد مرسي مرشح الإخوان؟.

قال حمدين بوضوح : " لن أقبل نفحات من أحد سواء الإخوان أو غيرهم". و" سأكون تحت قيادة هؤلاء الذين انتخبوني ولن أقول لهم صوتوا لفلان ".هذا عن موقفه، أما عن موقف مؤيديه وهو يخطب فيهم فلخصوه في هذا الهتاف:" لا فلول ولا تاجر دين الشباب عاوزين حمدين"!. ليس هذا فقط بل إنه في ظهوره المتتالي على الفضائيات جدد موقفه الأول بأنه لا يدعم مرسي تحت عنوان أنه استبداد ديني، ولاشفيق لأنه يمثل عودة للنظام القديم، بما يعني أنه يساوي بين الاثنين ويضعهما على أرضية واحدة غير ثورية مع أن الواقع غير ذلك فالإخوان ومرشحهم الذي اعتقل ليلة جمعة الغضب جزء أصيل من الثورة ومن النضال الطويل ضد نظام مبارك وهم تضرروا أكثر من حمدين من هذا النظام، فاذا كان هو أعتقل عدة مرات فإنها كانت لأشهر ولم يقدم في إحداها للمحاكمة أمام محكمة أمن دولة أو محكمة عسكرية، كما لم تصادر أمواله ، ولم تشرد أسرته، ولم يمنع من الحصول على رخصة شركة مستقلة يصدر من خلالها صحيفة تعبر عن أفكاره ومواقفه، نعم كان يتعرض للتضييق ولكنه يعد رفاهية بجانب ما كان يتعرض له الإخوان من إقصاء وتهميش وقطع للأرزاق وكسر للعمود الفقري للجماعة ماليا واقتصاديا وسياسيا علاوة على الحملات الإعلامية الفاحشة، ولاينسى حمدين أنه كان يتعرض لمحاولات التزوير من النظام السابق في انتخابات البرلمان في دائرته بمحافظة كفر الشيخ لكن سنده كان الإخوان دعما وتصويتا بجانب إخلائهم لدائرته من أي مرشح لهم .

إذا كان حمدين هو الطبعة الجديدة المتطورة من الناصرية التي تتخلص من إرثها في القمع والتي أسست للدولة الاستبدادية في مصر حتى سقطت بسقوط مبارك لكنه اليوم باتخاذه هذا الموقف فإنه يفسح الطريق لإعادة إنتاج الدولة العسكرية مرة أخرى بوجه مدني مزيف لتظل مصر أسرى هذا النمط من الحكم إلى الأبد ، فهل يقبل أن يكون سببا في استمرارية الاستبداد وتعطيل مسار الثورة للابد؟.

من الطبيعي ألا يحضر حمدين الاجتماع الذي دعا إليه مرسي بشأن حشد القوى الوطنية ضد شفيق ومبرره مقبول ذلك أن النتائج الرسمية لم تكن قد أعلنت عند عقد الاجتماع وربما كان يأمل أن تقبل لجنة الانتخابات طعنه وأن تحدث تغييرات في النتائج ليدخل الإعادة لكن من غير المفهوم أن

يكون خطابه سلبيا تجاه مرسي في أول إطلالة له بعد الانتخابات ليعلن أنه لن يقف معه أو مع شفيق وأنه لن يقول لأنصاره صوتوا لفلان، أما الأنصار فهم يسيئون لمرسي بوصفه تاجر دين ومساواته - مثل حمدين - بالفلول، كذلك من غير المفهوم استمرارية هذا الموقف بل وتشدده حتى اليوم.

كيف أقتنع إذن بثورية حمدين وبمواصلته طريق الحفاظ على الثورة وهو يتركها في مهب ريح الفلول الذين يقدمون مثلا ناضجا في التوحد خلف شفيق وفي العمل بدأب وصمت لإنجاز المهمة بينما قوى معسكر الثورة متفرغين جميعا الآن لمواصلة الهجوم على الإخوان ولي ذراعهم والاشتراط عليهم وابتزازهم وهي شروط مهينة أحيانا وأظن أن الإخوان لو خلعوا ملابسهم وأصبحوا " ملط " أمام هؤلاء فإنهم لن يرضوا عنهم بل سيواصلون جلدهم وكأنها فرصة أخرى واتتهم لتصفية حسابات لن تنتهي معهم وهي حسابات لها علاقة بمواقف مبدئية من تيار الإسلام السياسي أكثر مما يروج له عن أخطاء وقع فيها الإخوان فالكل وقع في أخطاء ، فهؤلاء لا يريدون إسلاميا واحدا في المشهد الذي يريدون احتكاره وفرض رؤاهم وحدهم على مصر الثورة التي يمكن أن تضيع بعد أقل من 20 يوما.

لا يجب أن ينسى من يريدون شطب الإخوان من الثورة أن الاخوان كان لهم موقفان فاصلان في الثورة قادا إلى نجاحها الأول: الخروج الكثيف يوم جمعة الغضب 28 يناير، ولذلك عجزت الشرطة عن قمع تلك الألوف فانكسرت وكان ذلك نقطة الأساس في تطور الثورة وصعودها، إذ لو لم تنكسر الشرطة وقاومت لكانت نجحت في فض التظاهرات بدماء كثيرة . والموقف الثاني: في موقعة الجمل حيث حمى الإخوان الميدان، ولو كان سقط في أيدى بلطجية النظام لكانت الثورة انتهت وهي في منتصف الطريق، وبعد نجاح الإخوان في الحفاظ على الميدان فإن النظام انهار وبات مبارك مضطرا للرحيل.

على الأستاذ حمدين مراجعة موقفه وكذلك كل الوطنيين الشرفاء حفاظا على الثورة وليس على مرسي أو الإخوان قبل أن يندم الجميع.

[email protected]