رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فاروق الباز في دبي.. الأخلاق والتواضع

مجرد لمحة تكشف عن طبيعة معدن الإنسان، وأخلاقه، وتربيته.
دقائق قليلة مع الدكتور فاروق الباز جعلتني أزداد احتراما لهذا العالم الخلوق صاحب المعدن الأصيل والتربية الراقية.

الباز مثار فخر كل مصري وعربي بقامته العلمية العالمية وبإنجازاته في علوم الفضاء في أمريكا رائدة هذا المجال. لا يفوتني حوارا صحفيا أو تلفزيونيا له إلا وأتابعه للتعلم والفهم. وميزته أنه إنسان عفوي غير متكلف يتحدث عن نشأته العادية بالفخر والاعتزاز، وهذا درس لكل الأجيال بألا يخجل أحد من تواضع المستوى المادي لعائلته أو حتى فقرها مثلا، فكثيرا ما كان الفقر حافزا للتفوق والنبوغ وتحدي الصعاب، وهذه حقيقة تتأكد من مراجعة السير الذاتية للعظماء في مصر وفي العالم، ولماذا نذهب بعيدا والأنبياء والرسل لم يكونوا من أثرياء أقوامهم بل كانوا يعملون ويكدحون لتدبير معاشهم وحاجات أسرهم، ونبينا الكريم كان يرعى الغنم وكان يخرج في قوافل التجارة مع عمه أبي طالب. لا يجب لوم الفقر إنما يجب لوم من لا يمتلك إرادة هزيمة الفقر.
استمعت إلى فاروق الباز في حوار تلفزيوني عن معاناته في التعليم وهو في مراحله الأولى لأنه لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وهذا التواضع الأخلاقي ظل ملازما له حتى وهو في أوج شهرته وغناه العلمي والمادي. وواضح أنها أخلاق كل أسرة الباز فما نعرفه عن شقيقه الدكتور أسامة هو التواضع أيضا رغم قيمته السياسية والثقافية والفكرية. لم يقترب أحد من أسامة إلا وأشاد بتواضعه. أحيانا كان زملاء لنا يجدونه معهم في المترو، وكانوا يلتفون حوله ويفتحون نقاشا ثريا معه. يركب الباز المترو وهو مستشار سياسي للرئيس السابق مبارك حيث يطمئن إلى وجوده بين الناس ولا يخشاهم على حياته بعكس مبارك وكل أركان نظامه الذين كانوا يخشون من ظلالهم. واضح أن آل الباز حالة فريدة سواء السياسي أسامة، أو العالم فاروق الذي تعرفت عليه شخصيا للمرة الأولى مساء الاثنين 7 مايو الجاري في دبي، ذلك أن الزميل الأستاذ جاسم الشمسي أحد كوادر نادي دبي للصحافة أخبرني بوجوده بحفل الاستقبال الذي يسبق أعمال منتدى الإعلام العربي، وبحثنا عنه بين الحضور حتى وجدنا مجموعة من الفتيات والشباب يتحلقون حوله لالتقاط صورا تذكارية معه، وهو مبتسم وسعيد لإيمانه بأن الشباب هم من سيقودون التطوير والتغيير في مجتمعاتهم، وهو أعلن ذلك في كلمته خلال افتتاح المنتدى وأثار نقاشا وجدلا تواصل بعد الافتتاح. إيمانه بالشباب لا حدود له لذلك هو دائم الإشادة بهم لأنهم فجروا الثورة في مصر وفي بلدان الربيع العربي. لاحظت الدكتور فاروق الباز فلم أجده متضايقا من كثرة من

يريدون التقاط الصور معه أو التحلق حوله أو إشغاله عن الحفل أو الجلسات حتى في ردهات الفندق وأمام المصاعد. اقتربت منه وصافحته وتحدثت معه مرات فأشعرني بالود وبكل المعاني الجميلة. من تواضع لله رفعه. إنه تواضع الكبار، وتواضع العلماء. استفسرت منه عن صحة الدكتور أسامة فطمأنني وحمد الله وازداد وجهه بشاشة.
ذكرني هذا الاستقبال الطيب من عالم كبير، بفنان كبير راحل أوقفه أحد الزملاء ليلتقط معه صورة عندما كنا طلبة في كلية الإعلام وكنا في أكاديمية الفنون نشاهد عرضا خاصا لأحد الأفلام ونظرا لأن من يقوم بالتصوير هو طالب آخر غير محترف فاستغرق وقتا لضبط اللقطة لكن هذا الفنان تأفف سريعا وتهكم على زميلنا وكاد يمشي دون التقاط الصورة. يرحل الإنسان وتبقى في ذاكرة الآخرين عنه تلك اللمحات البسيطة أو الانطباعات الأولى مثل لمحة وقوف الباز بين شباب صغير يلتقط معه الصور التذكارية وهو وهم سعداء.
الباز كان بطبيعة الحال نجم منتدى الإعلام العربي فهو ضيف الشرف وهو صاحب الكلمة الرئيسية فيه. والحقيقة أن المنتدى يحتفي دوما بمصر كبلد وإعلام فعلى مدار ثلاث سنوات متتالية يكون الضيف الرئيسي في الافتتاح شخصية مصرية مرموقة. في 2010 كان عالم نوبل الكبير الدكتور أحمد زويل، والعام الذي يليه كان المنتدى يحتفل بالثورة المصرية فحضر وزير الثقافة عماد أبو غازي ممثلا عن الثورة، وهذا العام كان الباز، أما عن الإعلاميين المصريين فهم الأكبر عددا بين نظرائهم العرب، ومنهم متحدثون في الجلسات وورش العمل، ومنهم أكثرية الفائزين بجائزة الصحافة العربية.
أشعر بالتقدير الخاص من دولة الإمارات ومن إمارة دبي لمصر وللمصريين، ولذلك يجب بعد الثورة مزيدا من تعميق العلاقات بين البلدين، وعدم إعطاء الفرصة لأحد للتشويش عليها.
[email protected]