رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإنقاذ من الآن .. وليس الغد

المريض على باب المستشفى ينزف بغزارة بينما موظف الاستقبال البيروقراطي يصر على رؤية بطاقته الشخصية ومعرفة سبب النزف وطلب إذن المدير بدخوله.

هذا حال مصر الآن.. تنزف بغزارة وأوضاعها تسوء كل يوم بينما المجلس العسكري لا يعنيه ذلك ويصر على إبقائها على حالها حتى 30 يونيو، إذا صدق في وعده وسلّم السلطة للرئيس المنتخب، إذا تمّت الانتخابات أصلاً.

المجلس يصر على بقاء حكومة الجنزوري، الأفشل من حكومة عصام شرف، ويرفض إسناد تشكيلها لحزب الحرية والعدالة صاحب الأغلبية الشعبية في البرلمان الذي يطلب تحمُّل مسؤوليته أمام الشعب الذي انتخبه ووضع ثقته فيه لإسعاف المريض بوقف النزيف ثم البدء معه في العلاج ليتعافى ويقف على قدميه .

لكن المجلس العسكري مثل الموظف البيروقراطي يصر على ضرورة أن تكون الأوراق سليمة والأختام واضحة والإمضاءات مطابقة قبل أن يكلّف حزب الإخوان بما هو حق أصيل له .

الأوراق التي يتمسّك بها العسكري هي الإعلان الدستوري الذي يعطيه الحق في تكليف من يشاء برئاسة الحكومة، والإعلان ليس فيه ما يَفرِض عليه تكليف حزب الأغلبية بتشكيلها .

فكر قديم عقيم مُخلِص لمبارك وزمانه وغير مدرك أو مؤمن بحصول ثورة وتغيير، فالوضع المزري الذي تعيشه البلاد يحتاج إلى عقليات أخرى متحرّرة غير تقليدية وغير مباركية لإبداع حلول للخروج من الأزمة بوسائل غير تقليدية وبدون البيروقراطية المصرية المعهودة التي تجعل المريض يموت على باب المستشفى بسبب الإجراءات السخيفة .

إذا كان المجلس العسكري يتمسك بالإعلان الدستوري حتى لو فقدت مصر كل دمائها فإن الحل يكون في المواءمة السياسية، فالشعب الذي وافق على هذا الإعلان هو نفسه الشعب الذي منح الأغلبية للحرية والعدالة وبالتالي لا تعارض أو خروجاً على الإعلان إذا كلف الحرية والعدالة لأن المصلحة الوطنية تتطلب ذلك، وعملية الإنقاذ لا يجب أن تعوقها دساتير وقوانين فنحن في مرحلة ثورية تتكسّر فيها القيود والقواعد والعقليات القديمة لخدمة أهداف الثورة ومصالح البلاد والعباد .

هل الأجدى ترك البلاد تزداد انهيارًا كل يوم حتى نصل إلى 30 يونيو، أليس من الأفضل وقف نزيف الانهيار الأيام المتبقية على ذلك التاريخ، أم أن العسكري يريد أن تصل مصر إلى نقطة اللاعودة واللاإنقاذ ليكون بذلك قد أحكم حبله الحريري حول عنق الاخوان عندما يشكلون الحكومة فتكون مصر قد أصبحت خرابة، فيكتمل الفشل والسقوط .

يمكن للعسكري أن يكلّف شخصًا من حزب الحرية والعدالة ليس باعتبار أنه من

الحزب الفائز بالأغلبية إنما كشخص ملائم للمهمة طالما هو متمسك حرفيًا بالإعلان الدستوري فالمريض حتى 30 يونيو قد يكون فارق الحياة، أما اليوم فربما هناك أمل في إنقاذه، والساعة الواحدة وليس اليوم أصبحت تفرق كثيرًا مع مصر، فما يمكن إنقاذه اليوم قد يصعب تلافيه في الغد .

ماذا قدّم الجنزوري حتى يظل المجلس العسكري متمسكًا به. إنه ينتقل من فشل للآخر. والمعترضون على تكليفه كان عندهم ألف حق وأنا ممن خدعوا بهذا الرجل الذي مازال يعيش في الماضي وانتهت صلاحيته وتوقف التاريخ عنده لحظة إقالته من الحكومة نهاية 1999.

المدهش أن الجنزوري هذا مازال يبيع لنا الوهم ويتحدّث عن نفسه كأنه المنقذ الذي أرسلته العناية الإلهية لمصر لكنه ينهي حياته أسوأ ما يكون بفشل ذريع ولو لم يشكّل الحكومة لكان أفضل له، حيث كان سيظل محتفظًا في ذاكرة المصريين بصورة الشخص المظلوم الذي تعسّف معه مبارك لأنه كان يسعى للنجاح ويريد أن يمارس صلاحياته ولا يكون كبيرًا للسكرتارية عند الرئيس .

المدهش أيضًا أن الجنزوري يقول إنه لن يستقيل ويصر على البقاء كاشفًا عن ديكتاتورية متأصلة في المصريين بعشقهم للمناصب ولو على حساب كرامتهم الشخصية ولو بعد الثورة على الديكتاتورية ورأسها، تلك الثورة المظلومة مع كثير من المصريين الذين يدّعون الإيمان بها للنفاق والخداع أو لتحقيق مصالحهم، لكن الأحداث     لا تكشف فلول النظام السابق فقط إنما تكشف أيضًا فلول التدليس والانتهازية والانحطاط . ترشّح عمر سليمان مثلاً كشف فريقاً من هؤلاء، ولذلك فالتطهير صار أوجب الواجبات الآن للتخلص من تلك الطفيليات السامة المدمرة .