رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عاد الفرعون .. عاد لينتقم ..!

في خطابه الثالث والأخير مساء الخميس 10 فبراير 2011 نقل مبارك صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان في محاولة أخيرة يائسة لإنقاذ نفسه ونظامه المتداعي، أو بالأدق لإنقاذ جمال وحلمه في التوريث الذي ظل يقاتل طوال أيام الثورة الـ 18 حتى لا يسقط هذا الحلم مع سقوط والده، لكن الثورة العظيمة والثوار العظام رفضوا تماما هذا الالتفاف المكشوف، وكان اليوم التالي الجمعة ملحمة شعبية غير مسبوقة فرضخ مبارك وتنحى، والمعنى أن التنحي لم يشمل مبارك فقط بل شمل معه نائبه عمر سليمان الذي بقي في المنصب لمدة 13 يوما فقط .

الثورة خلعت الاثنان الرئيس وظله ،الرئيس وعقله الأمني الاستخباراتي، الرئيس ومحركه في قضايا الأمن القومي ،الرئيس ورجله الموثوق فيه حامل ملفات خارجية مهمة وخطيرة لكنه لم يثبت جدارة في أي من هذه المهام ولا الأدوار التي كان يتولاها بدليل الحالة المزرية لمصر خارجيا وأمنيا وقوميا في غزة والسودان ودول حوض النيل وفي غيرها، أما عن الوضع الداخلي فاندلاع الثورة كاف لتوصيف ما آلت إليه البلاد من انهيار.

إذن .. خلعت الثورة عمر سليمان مع مبارك ليأتي سليمان مرشحا للرئاسة بعد سنة وشهرين فقط، وربما يحلف اليمين الدستورية بعد شهرين آخرين . أي ثورة هذه التي يفترض أن تقتلع نظاما فاسدا من جذوره بكل سياساته ورموزه وأركانه كبارا وصغارا فإذ بواحد من أبرزهم وأخطرهم وأقساهم يريد أن يكون رئيسا لـ " مصر الثورة "؟.أليست هذه مزحة لكنها ثقيلة جدا؟.

لا أظن أنها صارت ثورة ،بل هي نصف ثورة، والنصف الآخر لم يكتمل بعد، أو أنها تحولت من ثورة إلى مجرد عملية إصلاح وترقيع وتجميل لنظام مبارك ،فأكثر من عام مر على الثورة ولم يتغير شيء حقيقي على الأرض يؤكد أن ما حصل ثورة بدليل أن النائب المخلوع يعود من باب الانتخابات والديمقراطية التي هو ضدها من الأصل ليعرض نفسه رئيسا، وقد يفوز لتسقط الثورة قبل أن تكمل عاما ونصف العام، وسيكون ذلك كارثة حقيقية على مصر والمصريين . ليس سليمان وحده الذي يمثل انتكاسة للثورة بل رموز مبارك المترشحين الساعين إلى الرئاسة في انتخابات تديرها لجنة قراراتها محصنة ضد الطعن. أين الثورة إذن ؟!.

نظريا.. من حق سليمان الترشح حيث يقال إنه مثل أي مواطن مصري من حقه الدستوري والقانوني الترشح لأي منصب، والأمر متروك للشعب . بل تصل الملهاة إلى قمتها عندما يقال إن مبارك نفسه بل وجمال من حقهما الترشح لأنه لم يصدر بحقهما بعد أي حكم قضائي يعوق ترشحهما. جميل جدا والله . طيب ما قيمة الثورة والدماء التي سالت؟ .هل مصر ترتد للخلف أم تتقدم للأمام؟، وهل القى مبارك بورقة التنحي إلى تلاميذه في المجلس العسكري ليقوموا

بتصفية الثورة على مهل وبإحكام حتى يصلوا بنا إلى اليوم الذي يترشح فيه رجال المخلوع المقربين لرئاسة البلد ليكملوا تصفية ما تبقى من جيوب ثورية؟ . الثورة في خطر حقيقي وتحتاج لإنقاذ عاجل وإلا اعترانا الندم وعاد الفرعون أشد مما كان. عاد لينتقم.

لكن عمليا كان واجبا منع كل رموز النظام البائد من العمل السياسي لمدة خمس سنوات على الأقل كما قيل مرارا بقانون التطهير أو العزل أو أي مسمى آخر حتى يتم قطع الطريق على الفلول فلا يظهر سليمان مثلا ولا غيره في الرئاسة ولا البرلمان ولا المحليات وعندما تستقر الأوضاع ويتم ترتيب البيت بعد تنفيذ أهداف الثورة يمكن إزالة الموانع لكن المجلس العسكري قاوم ذلك المطلب بشدة لأنه يريد الحفاظ على النظام ورجاله ولا يمسسهم بمنع أو بسوء، وواضح أنه يعتبر الثورة تنتهي عند خلع مبارك ومنع التوريث وعلينا الرضا والشكر. كأنه هو صاحب الثورة أو مفجرها، هو يقول إنه حماها وفي ذلك كلام ونقاش بدليل معركة الجمل التي يجب أن يبرئ ساحته من مسئولية الدماء التي سالت فيها تحت سمعه وبصره وصمته. نعم حصل أنه تحت الضغوط والمظاهرات أصدر العسكري قانونا بمنع ترشح الفلول لكن تطبيقه شبه مستحيل في الواقع بدليل أنه لم يطبق على أي منهم في انتخابات البرلمان، وقد فاز الرهان على الشعب في اسقاطهم، لكن هذا الرهان محل شك فيما يخص سليمان في الرئاسة لأسباب عديدة سيكون لها مقال خاص. إنه التلاعب بالثورة وبأهدافها وبمطالبها وبالالتفاف عليها منذ 11 فبراير حتى اليوم ومن ضمن هذا التلاعب ترشح سليمان الذي قد لا يكون بعيدا عن تخطيط ودعم المجلس العسكري . ولذلك لن أفاجأ عندما يعلن المستشار فاروق سلطان يوم 21 يونيو القادم أن الجنرال صار رئيسا لمصر. إنها ستكون الطامة الكبرى.!!