رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسقاط القداسة..!

على عكس البعض لست أرى مشكلة في أن يسحب أكثر من ألف ومائتي مصري حتى الآن ورقة الترشح للرئاسة. هذا المنصب كان سرّاً مقدساً في مصر، كان قدس الأقداس، كان الحلم المستحيل على المصريين حتى بعد التحرر من المستعمر وقدوم الحكم الوطني، فعبد الناصر فرض نفسه رئيساً بالدبابة وليس بشرعية الانتخابات التنافسية النزيهة الحرة، فهو قائد انقلاب 23 يوليو1952،

ومحمد نجيب كان مجرد قنطرة شعبية ليعبر من فوقها للمنصب، وتمت الوصفة الانقلابية كما يقول الكتاب بأن جاء الرئيس العسكري من وسط مجموعة المغامرين. وعمليا اختار لنا ناصر - ولسنا نحن - رئيسنا القادم السادات حتى ولو لم يكن ذلك هو هدفه عند تعيينه نائباً له، وبنفس الطريقة اختار لنا السادات - ولسنا نحن أيضا - مبارك رئيساً عندما اختاره نائباً حتى لو لم يكن في ذهنه أن يكون خليفته، إنها المقادير وتغييب الإرادة الشعبية التي حرمت المصريين من اختيار حاكمهم بحرية بعد أن تحرروا من الحاكم الأجنبي والمحتل الغريب عن وطنهم ، فالاستفتاءات والانتخابات الرئاسية كانت شكلية ونتيجتها كانت محسومة سلفا للرئيس القابض على السلطة ،وحتى أيام حكم الفراعنة المصريين كان الحاكم نصف إله، وكان كل فرعون يرث الآخر والشعب كان خادماً لهم .

الآن ولأول مرة يمكن لأي مصري أن يسحب ورقة الترشح دون خوف من اتهامه بالجنون أو المروق ومن حقه أن يجمع توكيلات من المواطنين أو تأييد النواب ليدخل السباق رسميا حتى لو حصل على صوته فقط . صارمن حق اللص التائب وصاحب المقهى والحرفي والموظف العادي والعاطل والعامل والفلاح والمرأة ومن هو في التقاعد والمشتاق أن يفكر في الترشح، بل فعلها كثير من هؤلاء.

لماذا السياسيون الكبار ومنهم الملوثون بالانتهازية والتلون والعمل في خدمة الأنظمة السلطوية ، ولماذا العسكريون الكبار ومنهم من بداخله بذرة العسكرة والديكتاتورية والأحادية في الرأي، ولماذا الأكاديميون والمستشارون ومنهم من لا يدري ما يحصل في مصر الحقيقية من فقر وبؤس، لماذا هؤلاء من الصفوة أو النخبة هم من تريدون أن يقتصر حق الترشح عليهم وحدهم ليتمتعوا وحدهم بالثروة والسلطة ؟، ولماذا تريدون من الفقراء والمهمشين وعامة المصريين أن يكونوا جمهور الناخبين والمصفقين للصفوة على الدوام؟.

لماذا المصريون طوال تاريخهم محرومون من مجرد التفكير في المنصب الرئاسي الرفيع؟، ما هذه القداسة لهذا

المنصب في مصر قبل الثورة، وبعد الثورة يراد له أن يظل كذلك أيضا ؟. عندما يتهكم البعض على المصريين العاديين من مجرد سحب ورقة لا تعني أنه ترشح رسمياً فهو مازال مسكوناً بالفرعونية وبالقداسة الزائفة لمنصب هو من حق أي مواطن يرى في نفسه القدرة على تبعات وتكاليف الحكم والسلطة التي هي ليست كيمياء ولا تحتاج لأشخاص بمواصفات سماوية غير بشرية.

في أمريكا ترشح أوباما وأصبح رئيساً، وما أدراكم ما أمريكا، ونموذج أوباما في مصر لم يكن يزيد عن كونه عامل أو موظف متواضع لا يحلم بأكثر من ذلك في خدمة بلده ، لكن هذا هو الفارق بين أمريكا القوية العظيمة المتحررة من العقد وأفكار التخلف وبين مصر قبل الثورة وبعدها التي مازالت العُقد مستحكمة في عقلها، ولا تريد أن تتحرر وتنطلق وتساوي بين الجميع في الفرص ليفوز الأمهر والأجدر مهما كان اسمه أو رسمه أو أصله وفصله.

بعد الثورة من حق أوباما المصري أن يترشح وأن يصل للقصر رئيساً وأن نحييه ونهنئه ونحترمه ونتفاخر به. وإذا سارت الأمور ديمقراطية وحرة ونزيهة دون تدخل من أحد فإن الرئيس المصري الشعبي الحقيقي هو من سيعتلي منصة التتويج يوم 21 يونيو لتبدأ مصر في كتابة تاريخ جديد لها.

لذلك يجب أن يتحد المصريون جميعا خلف هذا الهدف العظيم رغم المخاوف من العقبات التي يمكن أن توضع أمام مصر حتى تفشل في صنع هذا التاريخ بفعل خفافيش الداخل والخارج الذين لا يريدون رؤية مصر الحرة الديمقراطية وهي تسقط الفرعون للأبد.

[email protected]