رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"لغو".. اسمه تسليم السلطة..!

مطلب البعض في التحرير بتسليم السلطة للمدنيين الآن هو "لغو" بلا معنى، وهو محاولة لاستمرار التأزيم، ورهن البلد لشعاراتهم غير العملية، وخلق مبرر واهٍ للبقاء في الحالة الثورية التي صار هذا البعض يستمزجها ويريد البقاء فيها أكثر مما يستمزج العمل والإنتاج والانصراف إلى تسيير شؤون الحياة.

انتهى شهر يناير ولم يتبق على نهاية يونيو الموعد النهائي لتسليم السلطة إلا خمسة أشهر فقط، هذه الأشهر مشغولة بانتخابات مجلس الشورى، ويعقبها تشكيل لجنة وضع الدستور الجديد، ثم انتخابات الرئاسة التي ستبدأ عمليا منتصف أبريل، أي أن الجدول مشحون تماما بمناسبات ومواعيد كانت تحتاج إلى وقت أطول لولا الضغوط التي فرضت الإسراع بالانتهاء منها على عجل.
أثق أن المجلس العسكري سيسلم السلطة نهاية يونيو كما وعد، فالمؤكد أنه اكتشف أن السلطة في مصر مغرم وليست مغنماً، وأن تسليم هذه الأمانة الثقيلة صارت غاية المنى، وتجربته منذ 11 فبراير في الحكم كما كانت مريرة فإنها أصابته بالمرارة، وهو أثبت جديته في إنجاز التحول الديمقراطي، وانتخابات مجلس الشعب النزيهة المحترمة أكدت أنه يريد الخروج لكن بعد أن يقدم شيئا مهما لمصر، فقد واتته أكثر من فرصة لعرقلة الانتخابات لو كان راغبا في البقاء، لكنه لم يفعل، بل إنه وفر للانتخابات أفضل الظروف لإجرائها، وهي أنتجت لنا مجلساً تشريعياً يمثل الشعب المصري، ويؤمل منه الكثير.
لنفرض أن المجلس العسكري سيسلم السلطة الآن للمدنيين.. فلمن يسلمها؟.
يقول فريق: تسلم السلطة لمجلس رئاسي مدني، وهذا طرح صار مستهلكاً، ومستحيل حدوثه، فليس هناك اتفاق على تشكيل هذا المجلس، الاختلاف هو سمة مصر الآن، لا اتفاق من خارج صندوق الانتخاب. الهيئة الوحيدة المتفق على أعضائها هي البرلمان لأن أعضاءه جاءوا من خلال الصندوق، ولولا ذلك لظل المصريون ألف سنة يختارون مجلساً معيناً دون التوصل لاتفاق. الثوار أنفسهم في التحرير مختلفون إلى مئات الكيانات، وتسليم السلطة شعار سهل لكن عندما سيجلسون للبدء عملياً في تنفيذه فإن الخلافات ستظهر وسيمزقون ملابس بعضهم البعض. هم يرفعون هذا المطلب نكاية في المجلس العسكري فقط. فليس هناك عاقل يصر على رفع هذا المطلب، بينما سيكون لمصر رئيس منتخب في أقل من خمسة أشهر. والجدل على من سيتسلم السلطة يمكن أن يظل مستمرا بينما يكون الرئيس المنتخب قد باشر عمله.
يقول فريق آخر: تسلم السلطة لرئيس مجلس الشعب. الأغلبية الإسلامية في المجلس والتي ينتمي إليها الرئيس المفترض تسلمه السلطة ترفض هذا الطرح. وهو عمليا غير ممكن، فهل سيتفرغ لإدارة المجلس لإنجاز المهام الثقيلة التي تنتظره، أم سيتفرغ لإدارة

البلاد؟، يستحيل بالطبع الجمع بين المنصبين لمدة خمسة أشهر. يمكن حدوث ذلك لو كان لعدة أيام فقط لن يفعل فيها شيئا كما حصل مع الراحل الدكتور صوفي أبو طالب بعد اغتيال السادات حيث انتخب مبارك فوراً.
أما أحدث اقتراح فقد جاء في تغريدة للدكتور محمد البرادعي حيث دعا لانتخاب رئيس مؤقت من بين أعضاء مجلس الشعب. وهو كلام غير عملي لأن الأغلبية الإسلامية سبق ورفضت أن يتولى رئيس المجلس المنصب، وبالتالي فمن المنطقي ألا تتحمس لهذا الاقتراح أيضا. ثم ماهو الداعي لذلك والرئيس المنتخب مباشرة من الشعب سيكون معروفاً بعد أقل من خمسة أشهر. أيهما أفضل رئيس مؤقت ينتخبه 500 عضو، أم رئيس دائم ينتخبه 50 مليوناً؟. هل يريد البرادعي أن يجهض حلم المرشحين المحتملين في خوض التجربة بعد أن فر من المعركة وأعلن انسحابه بعد نتائج البرلمان التي استشف منها أن الشارع لن يكون ميالاً له.
أفضل صيغة هي الموجودة الآن والمعمول بها حالياً وهي الجدول الذي تسير عليه عملية الانتقال للسلطة تدريجيا وبهدوء ودون خطوات دراماتيكية تكون عواقبها وخيمة.
وعمليا فإن المجلس العسكري لم تعد له صلاحيات تشريعية ولا تنفيذية باستثناء الدفاع وربما السياسة الخارجية، المجلس ضيف على السلطة حتى يونيو المقبل.
أيا من يكن الذين في التحرير، وأيا كان عددهم، وهم بالآلاف، فإنهم لا يجب أن يفرضوا وجهة نظرهم على الشعب صاحب القرار في الاختيار من خلال الانتخابات، وليس كل من بالتحرير يطالبون بتسليم السلطة الآن، فأغلب من فيه وهم الإسلاميون ضد هذا المطلب.
الأقلية لا يجب أن تفرض رؤيتها ووجهة نظرها، ولا يجب أن تهدد وتروع وتستمرئ هذا التعطيل العام للبلد الذي يستدين لتغطية عجز الموازنة.
[email protected]