رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التطور الطبيعي للربيع المصري

الآن فقط خرجت الفضائيات والمقيمون فيها وحولها من النخبة تشيد بإقبال الشعب المصري على الانتخابات، وتغزل قصائدا من الشعر في هذا الشعب المعلم المتحضر الواعي، والغريب أنها نفس الأصوات التي كانت تتحدث باستخفاف يصل إلى حد الاحتقار عن الشعب نفسه وتصفه بـ " حزب الكنبة "،

وتطالب بتأجيل الانتخابات خوفا من حدوث حمامات دم ، والتأجيل في قرارة أنفسهم لم يكن لأسابيع أو لأشهر إنما لسنوات لو استطاعوا الى ذلك سبيلا.
هناك أصوات لم تكن تريد الخروج من المرحلة الانتقالية، إلى دولة الحريات والقانون والمشاركة الشعبية عكس ما يدعون ويتبنون من أفكار، لأن شرط الانتقال الديمقراطي هو الانتخابات ، وهم لم يكونوا متحمسين للانتخابات فزعا من رسوب التيارات التي ينتمون إليها ،أو يعبرون عنها في امتحان الشارع ،حيث يدركون أن وجودهم في هذا الشارع محدود، أيضا لم يكونوا يريدون للانتخابات أن تحدد الأوزان النسبية لكل تيار أو حزب، فهم مفزوعون من التيارات المنظمة ، أي التيارات الاسلامية - وخصوصا الإخوان – التي كانت على عكسهم تتشوق وتستعجل الانتخابات ،لأنها تدرك أنها استثمرت جيدا في الشارع، وقد آن وقت الحصاد ،كما آن الوقت لتتحصن تلك التيارات بالشرعية الشعبية بعد عقود من الإقصاء والتهميش على أيدي الأنظمة المختلفة .
من أفضل قرارات المجلس العسكري منذ 11 فبراير إصراره على إجراء الانتخابات في موعدها رغما عن المرجفين ،لأنها بوابة نجاة مصر من المحنة ، وهي المدخل الواقعي لتسليم السلطة للمدنيين، ويتضح الآن أن الذين ارادوا تعطيل الانتخابات تحت ستار خادع وهو اعتصام التحرير والعنف والبلطجة وخلافه لم يكونوا قلقين من الانفلات الأمني، إنما كانوا يستخدمون هذه الفزاعات لتعطيل الانتخابات لأنهم خائفون من امتحان الشارع .
ولأن المصريين خرجوا بكثافة فقد اسكتوا تلك الأصوات الشاذة ،بل جعلوها تتحول للإشادة، لكن على مضض . ولو لم يكن المصريون خرجوا

في أمواج بشرية لكانت هذه الأصوات تحولت إلى الشماتة والقول أننا قلنا لكم أن الشعب سلبي وصامت ولا يتحرك ولن يتحرك ، وأنه لا يعول على الشعب، أين هو هذا الشعب، لماذا لم يخرج للانتخابات، ولماذا لم يصوت، ولماذا لم يسع لتأكيد شرعيته. الحمد لله خرج الشعب وفاجأ نفسه ونخبته المنعزلة عنه وأثبت أنه المعلم الأكبر في هذا البلد.
مصر تنتقل الآن من حالة الثورة إلى حالة بناء الدولة ،والشعب يفوض من يراه الأصلح لقيادته، ولأن هناك من يحاولون تجيير الثورة لمصلحتهم ،ولأنهم بلا تأثير كبير لدى الجمهور ، فليس من مصلحتهم مغادرة الحالة الثورية ،لأنهم سينكشفون عندما يخرجون منها إلى الحالة الانتخابية ، وبالتالي هم مستعدون للبقاء في حالة الثورة سنوات طويلة لإدراكهم أن هناك قوى ثورية أخرى لها وجود واضح ويريدون قطع الطريق عليها ، وعدم تمكينها من نيل الشرعية الشعبية، وبلوغ السلطة في محاولة مستميتة لإيقاف التطور الطبيعي للربيع المصري .
الشعب الذي احتشد بكثافة كان يرد على من يهينه بأنه صامت ولا يتحرك، وأن التحرير يتحدث نيابة عنه ،ويقرر بدلا منه، ها هو الشعب قد قام وقال أنا هنا، وأنا صاحب الشرعية، امنحها لمن أشاء، وامنعها عمن أشاء .