رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السلمي.. الغاضب..!

الدكتور علي السلمي يحمل واحدًا من أطول الأوصاف للمنصب الذي يتولاه في الوزارة الثانية لحكومة الدكتور عصام شرف بعد الثورة، وهو" نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي "، إنه وصف طويل فخيم لمسمى لم ينتج شيئًا إيجابيًا حتى اليوم.

لا أتذكر للسلمي خلال الأشهر التي قضاها في منصبه من عمل سوى أنه عولج في لندن على نفقة الدولة، علاج "خمس نجوم"، أي أنه كلف خزينة الدولة الفقيرة التي تسحب من الاحتياطي النقدي ألوف الجنيهات الإسترلينية، بينما هناك الملايين الذين لا يجدون حبة دواء واحدة في مستشفيات الدولة "الخربانة" ،وآخرون يبيعون ملابسهم للعلاج في المستشفيات الخاصة "المفترية". أما العمل الثاني، وهو سلبي أيضًا، فهو تحمسه لـ" وثيقة المبادئ الدستورية " المفخخة التي ستفجّر مصر وستعيد أوضاعها إلى أسوأ مما كانت عليه، وكأنه لا ثورة على دولة الاستبداد حصلت، وكأن الطاغية لم يسقط . تلك الوثيقة الخطيرة تخلق نوعًا جديدًا من الاستبداد بأن تجعل من الجيش دولة داخل الدولة، فلا يخضع لسيادة الشعب، ولا للسلطات المنتخبة من هذا الشعب.
الجيش في زمن الطغيان الذي أسقطته الثورة لم يكن له هذا الامتياز الجديد في المادتين 9 و10 من الوثيقة، والمفارقة أنه بعد الثورة يحصل على امتيازات تلغي جوهر الثورة والهدف من قيامها، كما تلغي دولة القانون التي يجب أن يستظل الجميع بظلها. فكيف يستقيم هذا الأمر المعوج، وكيف ستبنى مصر الجديدة على أسس غير ديمقراطية؟.
الدكتور علي السلمي غاضب، ويهدد من انتقدوه على وثيقته بأخذهم إلى القضاء.
لماذا الغضب من المحتجين على الوثيقة ،وأنت يا نائب رئيس الوزراء الذي تسببت في هذه الثورة وفي تفخيخ مصر، وكنت على وشك تفجيرها.
الغضب منك ومن وثيقتك مشروع، أما غضبك أنت فهو مفتعل وغير مشروع.
أنت الذي أشرفت بنفسك على إعداد الوثيقة، واطلعت على ما فيها من بنود خطيرة مرفوضة جملة وتفصيلاً احتج عليها كل ألوان الطيف السياسي بمن فيهم حزب الوفد الذي تنتمي إليه، ولا أدري من وافق عليها؟، ربما قبلتها أحزاب قديمة تقليدية وأخرى حديثة لا يستند أيٌّ منها إلى وجود شعبي، وليس لها في العير ولا في النفير، وهي نفسها الأحزاب التي كانت تعمل في خدمة النظام السابق وتحركها مباحث أمن الدولة، وكانت تتسابق على حجز المقاعد على موائد الحزب المنحل لنيل رضاه، وهو كان يستغلها في الزعم أن أحزاب المعارضة تقف معه ويخدع الجمهور بأن من لا يقف معه هم أقلية حزبية. نفس الألاعيب القديمة من السلطة، ومن الانتهازيين والمنافقين والخدامين في لعبة السياسة.
لماذا الغضب يا نائب رئيس الوزراء وأنت الذي يجب أن تغضب من نفسك التي سولت لك تمرير بنود في الوثيقة تعيد مصر إلى ما قبل الثورة، وتعطي من خلالها ما لا تملك إلى من لا يستحق كما قال د. محمد سليم العوا المرشح الرئاسي المحتمل؟!.
كيف تقبل يا دكتور مثل هذه المواد التي تجعل المؤسسة العسكرية مع عظيم تقديرنا لتاريخها ولدورها دولة داخل الدولة بل فوق الدولة ويفترض أنك قادم من حزب ليبرالي ضد كل ذلك؟!.
الغريب أن الأوضاع كانت هادئة خلال الأسابيع الأخيرة بعد تواري الحديث عن الوثيقة الأزمة التي ساهمت في تعميق الانقسام في البلد وذلك استعدادًا لانتخابات مفصلية يجب تهيئة بيئة مناسبة لها لتتم بسلام، فهناك مخاوف من عدم إجرائها بسبب الحالة الأمنية المهترئة، وهناك من قد يستغل تلك الحالة لمنع

الانتخابات لإغراق مصر في مزيد من الفوضى حتى لا تشهد البلاد انتقال السلطة إلى برلمان وحكومة منتخبة، ثم فجأة تظهر أنت في الصورة لتعلن أن الوثيقة مازالت حية لتفرضها فرضًا على المشهد السياسي.
لماذا الصمت بشأنها لفترة، ثم لماذا يتم إحياؤها الآن؟.
من يقف وراء ذلك.. سعادتك، أم المجلس العسكري؟.
لا احتمال ثالثًا.. فإذا كنت أنت، فلتتحمل النقد السياسي لك وللوثيقة لأنها أصبحت مرتبطة باسمك، فأنت المشرف عليها، وربما وضعت وعدلت فيها. لم يُسِئ أحد لشخصك، لكن صدرك يضيق على تحمل النقد البناء، وهذا النقد هو الذي جعلك تطلب فتح النقاش حول الوثيقة مجددًا.
أما إذا كان المجلس العسكري هو من دفعك لإحياء الوثيقة في هذا الوقت فإن هذا لا يليق بك، وكيف تتحرك بالريموت كنترول، وإذا كنت أنت الذي تطوعت بتقديم مثل هذه الخدمات للمجلس فهذا غير لائق بك أيضًا، لأنها خدمات ضد الديمقراطية والحرية التي كنت تتشدق بها وأنت في المعارضة، ثم لما أصبحت جزءًا من السلطة أصبحت سلطويًا، ولم تختلف كثيرًا عمن سبقوك في النظام السابق.
ما رأيك الآن في رفض المجلس العسكري للمادتين 9و10 من الوثيقة؟.إذا كنت صاحبهما فإن المجلس بدا توافقيًا وديمقراطيًا أكثر منك، وإذا كان المجلس هو من حركك من خلف الستار فإنه خذلك الآن وتخلى عنك بعد أن رأى الغضبة السياسية والشعبية الواسعة جدًا حتى من داخل المطبلين والمزمرين له.
لم تكن موفقًا في قولك إن فصيلاً واحدًا لا يستطيع أن يغتصب السلطة الشعبية لنفسه، وإننا نرفض أن يكون أي فصيل هو الأوحد المتحكم في الحياة السياسية في مصر، وهي إشارة إلى تيار الإسلام السياسي صاحب الصوت الأعلى ضد الوثيقة، هذا الكلام من السلمي التفاف على الحقيقة وهي أن الطيف السياسي الأساسي من الأحزاب والقوى السياسية الحقيقية والائتلافات الثورية الشعبية والمرشحين الرئاسيين رفضوا الوثيقة كاملة أو بنودًا فيها، وكان لافتًا أن يتفق التياران الإسلامي والليبرالي على نقد الوثيقة، وهذا أمر نادر منذ الثورة. أما من أيد الوثيقة فلا وجود شعبيًا له وهو فقط يبحث عن سلطة ليرمي نفسه تحت قدميها لينال شيئًا من فتاتها لأنه اعتاد على الخدمة عند أي سلطة في كل زمان ومكان.
ذهب الجمل وجاء السلمي، " كأننا يا بدر لا روحنا ولاجينا".