رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لبيك ياسيناء!

رصاصات الغدر والخيانة التي أطلقها الجنود الاسرائيليون فقتلت واصابت ضابطاً وأربعة جنود مصريين علي الحدود المصرية ـ الاسرائيلية ، لم تكن الأولي من نوعها ونتمني أن تكون الأخيرة، فقد سجلت الاحصاءات مقتل واصابة 129 ضابطا وجنديا مصريا علي الحدود بين البلدين منذ توقيع اتفاقية السلام بينهما، وعودة سيناء كاملة للوطن الأم علي ثلاث مراحل  في الأعوام 1973 و1982 و1988، وإذا  كان النظام السابق تعمد الصمت وتجاهل مثل هذه الحوادث التي تمس السيادة الوطنية في الصميم، فان الوضع أصبح مختلفا مع مصر الثورة، وأتصور أن الرصاصات الأخيرة قبل أن تكون رصاصات غدر وخسة وخيانة،  فانها في ذات الوقت كانت رسالة احتجاج شديدة اللهجة وبصوت عال من سيناء تلك البقعة الغالية من وطننا الي ضمائرنا وعقولنا وقلوبنا، لكي نلتفت اليها ونخلصها من أوجاعها وآلامها، لكي تصبح جزءاً كاملا وحقيقيا من التراب الوطني، والا ضاعت من بين أيدينا للأبد وضعنا معها!

.تاريخياً.. سيناء هي البوابة التي دخل منها معظم غزاة مصر تقريباً من الهكسوس الي الفرس الي الصليبيين الي العثمانيين الي الاسرائيليين، وهي بوابة مصر الشرقية الي آسيا ومن أهم المناطق الاستراتيجية، دارت علي أرضها معارك عديدة، كانت آخرها حرب اكتوبر المجيدة في العام 1973 التي سجلت هزيمة العدو الاسرائيلي، ومن ثم عودتها كاملة الي التراب الوطني، واليوم تواجه سيناء تحديات ثلاثة يمكن تلخيصها في الآتي:

ـ التحدي الأول: ارهابي: يتمثل في تنظيم القاعدة أو جيش التحرير الاسلامي أو جيش محمد لاقامة امارة اسلامية سواء بدعم من حماس أو من ايران أو سوريا، لترحيل الفلسطينيين الي سيناء واتخاذ جزء منها وطنا لهم بعد أن ضاقت غزة بسكانها، واذا كانت اسرائيل ترحب بهذا الوطن ومستعدة لمبادلة مصر بجزء من صحراء النقب في اسرائيل بدلاً منه،  حتي تريح نفسها من مسئولية ادارته، فانها في ذات الوقت ترفض الهوية الاسلامية للوطن البديل، ولأسباب عديدة سمحت بعض قبائل سيناء لبعض التنظيمات الارهابية، بالتغلغل في سيناء لارتكاب عمليات انتقامية ضد مصر واسرائيل معا، وتدور الآن مفاوضات بين قوات الأمن المصرية وشيوخ القبائل في سيناء لتسليم هؤلاء الارهابيين، مع الوضع في الاعتبار ان التسليم لن يكون سهلاً، ولابد من كسب ثقة تلك القبائل أولاً، علما بأن تمردهم ضد الدولة المصرية، لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق أن تمردوا ضد دولة محمد علي عند رجوع ابراهيم باشا من حملته علي الشام عام 1831، حيث ثار عليه عربان السواركة والترابين فخربوا محطات البريد في الشيخ زويد وبير المزار، فاضطر ابراهيم الي قتالهم، ووقعت معركة بين قواته وقوات الترابين والسواركة عند وادي غزة، فانهزمت قوات العربان وفروا الي بئر السبع، وكان يريد اخضاع هؤلاء القبائل  لسلطته، حتي يوطد الأمن علي الطريق المؤدي الي الشام، خاصة وأنهم كانوا دائمي السلب والنهب للقوافل والتجار الذين يرتادون هذا الطريق، وتؤكد المراجع التاريخية أن موقف سكان سيناء من محمد علي كان معادياً، نظرا لاستخدامه أسلوب الشدة والقوة العسكرية ضد أي تمرد أو عصيان لأوامره، كما أن عمليات الاصلاح أو التجديد في منشآت ومباني شبه جزيرة سيناء طوال تلك الفترة لم تكن إلا  لأغراض استراتيجية وعسكرية بحتة.

ـ التحدي الثاني: عسكري اسرائيلي، وازاء تصاعد التوتر بين مصر واسرائيل عقب مقتل واصابة الجنود المصريين السبعة علي الحدود، أتصور أن الوقت مناسب تماما لتعديل اتفاقية السلام بين البلدين بما يناسب المخاطر التي تهدد الاستقلال الوطني وعملية السلام  ذاتها، واذا كانت مصر قبلت اتفاقية السلام بنصوصها الحالية، فان الوضع في 2011 يختلف عن العام 1979، كما ان اتفاقية السلام ليست نصا مقدساً لا يجوز الاقتراب

منه أو المساس به، وعليه إذا كانت اسرائيل تشكو من الانفلات الأمني في سيناء عقب ثورة يناير، فان هذا الانفلات تشكو منه مصر أيضاً قبل اسرائيل، وقد شاهدنا جميعاً عمليات ضرب أنبوب الغاز المصري الذي يتم تصديره الي اسرائيل أكثر من خمس مرات، كما شاهدنا قيام جيش التحرير الاسلامي أو تنظيم القاعدة بضرب قسم ثاني العريش بصواريخ الآر بي جي ومدافع المورتر وكلها أسلحة حرب ثقيلة، لا تصلح معها بنادق ومسدسات الشرطة التقليدية للتعامل معها، لذا فان صانع القرار المصري مطالب الآن أكثر من أي وقت بالانصياع الي مطالب الشعب، واجبار صانع القرار الاسرائيلي علي الجلوس الي مائدة المفاوضات بحضور الوسيط الأمريكي الشريك في عملية السلام لتعديل أو اضافة ملحق الي اتفاقية السلام، خصوصا ان اتفاقية السلام ذاتها تتيح لأحد طرفيها المطالبة بتعديلها كل 15 سنة، لذا يجب السماح بزيادة القوات المصرية في المنطقتين "ب" و"ج" من 750 جنديا من قوات حرس الحدود الي 4 آلاف جندي قوات مسلحة أي لواء كامل التجهيز، وعندما يتحقق ذلك يمكن أن يختفي الانفلات الأمني في سيناء، وبالتالي فاسرائيل مستفيدة تماما من زيادة القوات المصرية في سيناء.

ـ التحدي الثالث: تنموي حضاري.. والسؤال الذي يجب أن نطرحه هنا بصراحة: ماذا فعلنا لتنمية سيناء منذ عودتها الي التراب الوطني كاملة في العام 1988؟ الاجابة: مجرد شعارات وأغنيات لا أكثر.. وعند قيام احدي العمليات الارهابية نعامل أهالي وقبائل سيناء وكأنهم جميعا تجار سلاح ومهربو مخدرات وارهابين!

ـ تعمير سيناء في اعتقادي مشروع وطني لايقل أهمية عن السد العالي، وإذا كان السد العالي حما مصر من خطر الغرق والسيول، فان تعمير سيناء يمكن أن يحمي مصر من خطر الارهاب والمخدرات والسلاح والقاعدة واسرائيل ايضا، لذا لابد من مشروع وطني كبير لاعمار سيناء، بحيث يتملك أهالي سيناء الأراضي ويشاركهم باقي أبناء الوطن في تملك المساحات الباقية لتنميتها زراعيا وسياحيا وصناعيا، وأن يحظر تملك الأجانب تماما، وأن تقر الدولة سياسة جديدة في التعامل مع أهالي وقبائل سيناء تجعلهم جزءاً أصيلاً من أرض الوطن ولا يصبحون غرباء فيه أو مواطنين من الدرجة الثانية.

ـ مواجهة تحديات سيناء الثلاثة.. تتطلب الخيال والحلم والإرادة والاخلاص ومشاركة كل مؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال وخبراء الادارة والجامعات في تلك الملحمة الوطنية، والمهم أن نتحرك الآن وفورا وتكفي السنوات التي ضاعت من عمر سيناء وعمر الوطن.

 elmaghraby100@hotmail.com