رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السادات والسيسى.. البطل والزعيم

مع أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أبدي إعجابه أكثر من مرة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأعلن أن مكانته باقية في قلوب المصريين حتي اليوم، ومع أن خبراء السياسة وبعض الكتاب والمفكرين قارنوا بينهما كثيراً من حيث أوجه الشبه والاختلاف، إلا أن المقارنة اليوم تبدو مطلوبة بين السادات والسيسي في الذكري الـ 41 لانتصار أكتوبر العظيم، حيث تؤكد الشواهد أن هناك نقاط التقاء كثيرة بينهما واختلافات واسعة بين التجربتين أو بين البطل - السادات - والزعيم - السيسي - ويمكن تلخيص ذلك في الآتي:

1 - الإرث: ورث كلاهما تركة ثقيلة بكل معني الكلمة، وإن كانت تركة السيسي أثقل كثيراً عن تركة السادات الذي تولي حكم مصر بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر في وفاة مفاجئة - عمره كان 52 عاماً - وإسرائيل احتلت سيناء بالكامل إلي جانب الضفة وغزة والجولان في حرب يونية 1967.
وقد خاضت مصر حرب استنزاف مع العدو الصهيوني لمدة 500 يوم كلفتها الكثير من البشر والأسلحة والمعدات والمباني والمصانع، وكان الاقتصاد كله اقتصاد حرب بعد خطة تنمية رائعة 1962-1967، وإن كان الشعب المصري خرج يومي 9 و10 يونية يطالب عبدالناصر بالعدول عن التنحي والعودة إلي صفوف المعركة والثأر من إسرائيل، فإن الشعب - ذاته - لم يكن يقبل ذلك أبداً من السادات الذي عبر عن ذلك بكلمته الشهيرة: «أشعر أنني علي شريط قضبان قطار وقدماي مكبلتان به والقطار سيدهسني حتماً إن لم أتجنبه في اللحظات الأخيرة»، وإذا كانت تركة السادات ثقيلة فإنها لا تقارن بتركة السيسي الذي انحاز إلي الإرادة الشعبية في 30 يونية 2013 بعد خروج قرابة 30 مليون مصري يطالبون مرسي بالرحيل، وهو ما تم فعلاً في 3 يوليو، حيث تم إعلان خارطة طريق للعبور بالوطن إلي بر الأمان بعد أن كان علي شفا حرب أهلية، وبانحياز الجيش إلي الشعب تم إحباط مخططات تقسيم مصر والشرق الأوسط التي شارك فيها الإخوان الغرب - أمريكا وإسرائيل وبريطانيا - نظير استمرارهم في الحكم، وقد ساهم أداؤهم المتدهور في إدارة شئون البلاد في سرعة خروج الشعب للإطاحة بهم بعد عام واحد فقط من الحكم، وبخلاف مخططات التقسيم تواجه مصر في زمن السيسي مخططات إرهابية كبيرة تشارك فيها قوي محلية وإقليمية ودولية من أجل تحطيم الجيش المصري القوة الوحيدة الباقية أمام إسرائيل، ناهيك عن تهريب السلاح بكميات هائلة من السودان وليبيا إلي سيناء والصعيد لتصبح مصر مستهدفة في الداخل والخارج، وبذلك ورث السيسي تركة ثقيلة بكل معني الكلمة، وقد طالب الشعب بالصبر لمدة عامين للحكم علي تجربته، وبدأ حكمه بالحرب علي الإرهاب وتدشين مشروعات قومية عملاقة تنقل مصر إلي المستقبل علي رأسها مشروع قناة السويس الجديدة والساحل الشمالي والمثلث الذهبي، وجاءت الحرب علي «داعش» لتؤكد صحة مخاوف السيسي التي حذر منها من قبل، لذا احتفي به العالم في قمة الأمم المتحدة الـ 69 للمناخ التي عقدت مؤخراً.
2 - الإخوان: اختلفت علاقة السادات بالإخوان عن علاقة السيسي بهم، حيث تسلم السادات الحكم وقياداتهم إما هربوا إلي الخارج - الخليج غالباً - أو في السجون علي ذمة قضية قلب نظام الحكم في 1965.. وبعد انتفاضة الخبز في 1977 وزيادة الحركة الطلابية المعادية لحكمه من الناصريين والشيوعيين بعد اتجاهه للسلام مع إسرائيل، أفرج السادات عن الإخوان بالسجون وسمح لهم بممارسة العمل السياسي لضرب اليسار، وكان مهندس الاتفاق محمد عثمان إسماعيل محافظ أسيوط، فصدرت مجلة «الدعوة» وظهرت الجماعة الإسلامية ثم تنظيم الجهاد، وما لبث هؤلاء أن تحالفوا مع الناصريين والشيوعيين ضده لتوقيعه اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وعلق السادات علي ذلك: «تحالف الإسلاميين مع الناصريين ضدي.. هل هناك مهزلة أكثر من ذلك؟».. وإزاء زيادة المعارضة للسادات ووقوع بعض حوادث الفتنة الطائفية، اعتقل السادات رموز العمل الوطني في حملة سبتمبر الشهيرة 1981 ثم اغتيل علي يد تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية المنبثقين من الإخوان المسلمين الذين أفرج عنهم.. أما السيسي فقد بدأ عهده ومازال بالصدام مع الإخوان، خصوصاً بعد تهديد التنظيمات الإسلامية المتحالفة معهم بحرق وسحل الشعب المصري أن طالب بعزل مرسي، ولجأ السيسي لسلاح المواجهة معهم بعد أن لفظهم الشعب في ثورة 30 يونية، وردوا علي هذا بحوادث الإرهاب واعتصامي «رابعة» و«النهضة» والذي تم فضه بالقوة بعد فشل كل الحلول لفض الاعتصام سلمياً.
3 - إسرائيل: بدأ السادات حكمه بمحاولة استعادة سيناء سلمياً من إسرائيل، وأرسل مستشاره للأمن القومي حافظ إسماعيل إلي واشنطن، ولكن طلبه قوبل بالرفض، فأعلن في حديث لمجلة «نيوزويك» أن أمريكا لن تتحرك إلا بعد وقوع صدمة، وهو ما جري فعلاً في حرب أكتوبر المجيدة، ثم لجأ السادات إلي المفاوضات لاستعادة بقية سيناء، ثم استعادة طابا بالتحكيم.. أما السيسي فأعلن التزامه باتفاقية السلام مع إسرائيل وأن تبدأ خطة تحديث كبري للجيش المصري لخصها في كلمة واحدة: «يجب أن يستعد الجيش للحرب.. فقد تقع في أي لحظة».