عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بريطانيا العظمى.. الوجه الآخر

الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» الأسبق ورئيس تحرير قناة العربية حالياً صاحب قلم متميز، مشهود له بالكفاءة والمهنية العالية والخبرة السياسية العميقة لاقترابه من دوائر صنع القرار وإقامته الطويلة في بريطانيا وتنقله بين مختلف العواصم العالمية واقترابه من المناطق الملتهبة الساخنة سخونة الأحداث ذاتها، وهو واحد من كتاب عديدين أحرص على قراءة كتاباتهم ومقالاتهم شبه اليومية للتعرف على وجه آخر للصورة أو الحقيقة أو الحدث حتى تكتمل الرؤية ومعرفة الحقيقة أكثر.

ورغم إعجابي بكتابات الراشد، إلا أنني أعتقد أنه سقط سقطة كبيرة فى مقاله الذي نشره بصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية مؤخراً تحت عنوان «حتى بريطانيا مهددة بالتقسيم، حيث نكتشف أن عنوان المقال لايتناسب أبداً مع مضمونه الذي يؤكد أن 55٪ من الاسكتلنديين صوتوا مع الوحدة مع التاج البريطاني أو بمعنى أدق استمرار تلك الوحدة ورفض فكرة التقسيم التي كانت مطروحة في استفتاء شعبي كاد يقلب الموازين السياسية والاستراتيجية ليس في بريطانيا العظمى أو المملكة المتحدة ولا في أوروبا فقط، بل في العالم كله الذي يشهد نزعات انفصالية هنا وهناك تارة بصناديق الاقتراع والاستفتاءات وتارة أخرى بالسلاح والدم كما يجري في عدة بلدان في الشرق الأوسط على رأسها العراق واليمن وسوريا وليبيا وهو ما يؤكد ضلوع أمريكا والغرب في مخطط الشرق الأوسط الجديد على أنقاض القديم الذي تم تدشينه بعد الحرب العالمية الأولى وفقاً لمخطط سايكس - بيكو الشهير.
الى جانب اختلاف عنوان مقال الراشد مع المتن، يسوق الكاتب السعودي في مقاله فكرة أن التقسيم الذي واجهته بريطانيا مؤخراً ينفي فكرة وجود المؤامرة التي يشكو منها العالم العربي - تحت خطر التقسيم - مؤكداً أن التقسيم حالة سياسية واقتصادية وثقافية مؤقتة تنتاب بعض الشعوب في لحظة ما، ويصبح التقسيم هو الخيار الوحيد الأفضل بالنسبة لهم، والمثير في مقال الراشد أيضاً أنه يقدم بريطانيا العظمى باعتبارها النموذج الذي ينبغي أن يحتذى عالمياً باعتبارها أقوى وأشهر الإمبراطوريات في التاريخ، وامتد نفوذها من الصين شرقاً الى كندا والولايات المتحدة الامريكية غرباً، كما أن بريطانيا - وفقاً للكاتب - قدمت للإنسانية أفضل التجارب في الفكر والعلم والثقافة والأدب وكان النموذج البريطاني ملهما لدى الشعوب الأخري حتى يومنا هذا.
هناك العديد من الملاحظات حول الأفكار التي طرحها الكاتب عبد الرحمن الراشد يمكن أن نوجزها في الآتي:
< أولاً:="" بالنسبة="" لفكرة="" أن="" التقسيم="" استجابة="" لحالة="" سياسية="" واقتصادية="" وثقافية="" لدى="" شعب="" ما="" في="" وقت="" ما،="" فإن="" هذا="" ينفي="" فكرة="" المؤامرة="">

مع أن التاريخ جزء منه مؤامرة، وليس المؤامرة كلها تاريخاً، فإذا لم تكن هناك مؤامرة، فما الذي أدى الى تقسيم الوطن العربي بعد مساندة العرب لبريطانيا في الحرب العالمية الأولى، وفي الوقت الذي دارت فيه محادثات بين الشريف حسين ومكماهون، كانت هناك محادثات أخرى من بريطانيا وفرنسا لتقسيم الوطن العربي وفقاً لاتفاقية سايكس - بيكو؟ أي أن العرب خذلوا العثمانيين وساندوا الانجليز الذين خدعوهم هم والفرنسيون.
وبخلاف الحرب العالمية الأولى، هل ننسى صماويل هنتجتون ونظريته حول صراع الحضارات أو فوكوياما ونهاية التاريخ أو كونداليزا رايس والشرق الأوسط الجديد بعد الفوضى الخلاقة، أليست كلها مؤامرات مستمرة؟
ثانياً: بالنسبة لبريطانيا لا خلاف أنها من أهم وأقوى الامبراطوريات في التاريخ وأن مساحتها تعادل ربع مساحة مصر وثمن مساحة السعودية وأن نفوذ بريطانيا العظمى امتد من الصين إلى أمريكا، ولكن هل هذه صورة بريطانيا كاملة؟ حتماً لا، بريطانيا العظمى أيديها ملطخة بالدماء والخيانات والغدر والاحتلال، أليست بريطانيا هى التي زرعت اليهود في فلسطين بعد وعد بلفور المشئوم في العام 1917؟ وأليست بريطانيا هي التي زرعت الفتنة بين مصر والسودان بعد أن كانا وطناً واحداً ورسخت في أذهان السودانيين استعلاء المصريين عليهم مما دفع السودان إلى طلب الاستقلال عن مصر في العام 1956؟ وأليست بريطانيا هي التي زرعت باكستان شوكة في ظهر الهند عند استقلالها في العام 1947 بعد أن كانا وطناً واحداً، وكانت دعوى بريطانيا وقتها حماية المسلمين الهنود من الهنود والسيخ والبوذيين، بخلاف تلك الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا، هل ننسى أنها الأب الروحي للاخوان المسلمين وهى التي دفعت حسن البنا لانشاء التنظيم لضرب فكرة العروبة والقومية في مقتل.