عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

جاسوس في القصر

تمثل قضية تجسس الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين لحساب دولة قطر إبان حكم الإخوان قبل ثورة 30 يونية، قضية القرن بحق أو الفضيحة العالمية التي لم ولن تسبقها فضيحة أخري في عمر الدول والشعوب؛ فتجسس رئيس دولة لحساب دولة أخري - قطر - قامت بتسريب الوثائق والمعلومات التي حصلت عليها إلي طرف ثالث هو العدو التاريخي لمصر والعرب والمسلمين - إسرائيل

، لم يحدث من قبل، السابقة الوحيدة هنا هي تجسس رئيس المخابرات السوفيتية الأسبق لحساب أمريكا والغرب قبل سقوط الاتحاد السوفيتي المدوي في العام 1991 بعد انهيار سور برلين بعامين - 1989 - حتي رئيس المخابرات السوفيتية المتهم بالتجسس. عندما تم التحقيق معه بمعرفة لجنة من كبار قيادات الحزب الشيوعي السوفيتي والأمن القومي الروسي، تبين أنه لم يسرب معلومة واحدة عن السلاح السوفيتي ولا عن الترسانة النووية الرهيبة التي تمتلكها روسيا ولا عن الصواريخ العابرة للقارات ولا الطويلة المدي مثل اس 300 أو اس 400، كل ما قام به الرجل واعترف به وتبين صدقه انه قام بالتجسس لحساب الغرب عن طريق اختيار أسوأ العناصر وأقلها كفاءة إدارية ومهنية لإدارة شئون الاتحاد السوفيتي وهو ما أدي فيما بعد لانهياره في العام 1991.

الرئيس المعزول محمد مرسي تفوق علي رئيس المخابرات السوفيتية الأسبق، فلم يكتف بالأخونة وتمكين الإخوان من الحكم، واختيار أسوأ العناصر لإدارة مصر والمهم الولاء للجماعة وليس للوطن - نفس جريمة - الجاسوس السوفيتي - بل قام أيضا بتسريب معلومات عسكرية غاية في الخطورة تتعلق بميزانية المخابرات وتسليح الجيش المصري ومعلومات عن الجيش الإسرائيلي، وهي تلك المعلومات التي تم تسريبها إلي قطر عبر وسطاء مقابل 1٫5 مليون دولار ولا يستبعد تسريبها إلي إسرائيل بحكم العلاقة الوثيقة والوطيدة بين قناة الجزيرة وتل أبيب، وهو ما يستدعي تغيير خطط الجيش المصري وتحريك مواقع أسلحته القديمة وتعديل موازنته تحسبا لأي مواجهة مع إسرائيل مستقبلا.

تبدو جريمة تجسس مرسي مثل عصا موسي التي ألقاها نبي الله أمام سحرة موسي فتحولت إلي حيّة عظيمة ابتلعت كل حيّات السحرة فخروا لله ساجدين، فأمام تلك القضية - الفضيحة - تهون كل جرائم مرسي الأخري مثل الهروب من سجن وادي النطرون إبان ثورة 25 يناير 2011 وقضية التحريض علي قتل متظاهري الاتحادية وقضية التخابر مع الغرب وتركيا بواسطة أجهزة اتصالات متقدمة تعمل بالأقمار الصناعية قامت بتسريبها إليه عناصر من حماس وحزب الله خلال هروبه من السجن.

شخصياً.. أعتبر قضية تجسس مرسي قضية القرن الحادي والعشرين، ولا أميل إلي اعتبار مرسي جاسوس الصدفة، فليس هناك جاسوس بالصدفة أو لص طيب القلب أو قاتل شهم أو نصاب حكيم، لأن مثل هذه الأوصاف لا تضيف شيئا إلي صاحبها، الجريمة جريمة ولا يمكن التقليل من

حجمها أو ضررها لأنها ارتكبت مع سبق الإصرار والترصد وبعد طول تفكير، وعندما يصبح التجسس علي الوطن أمراً مشروعًا بل مستباحاً لدي البعض، فقل علي الدنيا السلام.

ورغم فداحة جريمة تجسس مرسي وآخرين إلا ان القضية تطرح أسئلة أكثر مما تجيب أبرزها، كيف تم السماح للرئيس المعزول محمد مرسي بخوض انتخابات الرئاسة ممثلا عن حزب الحرية والعدالة (الإخوان) رغم الاتهامات العديدة التي وجهت إليه إبان إقامته في أمريكا للحصول علي الدكتوراه في الفيزياء، حيث اتهمه اللواء خير الله وكيل المخابرات السابق - صراحة بأنه قام بإبلاغ أمريكا عن المهندس عبدالقادر حلمي عالم الصواريخ المصري في قضية الكربون الأسود؟ كيف وافقت لجنة الرئاسة علي ترشيحه رغم ذلك؟ هل هناك ضغوط أمريكية واجهتها مصر للسماح لمرسي بالترشح بديلا لخيرت الشاطر بعد استبعاده لعدم مرور 5 سنوات بعد إطلاقه في قضية ميليشيات الأزهر؟ والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هنا: هل كانت المخابرات المصرية علي علم بتجسس مرسي لحظة تورطه في الجريمة وخلال قيامه عبر آخرين بالتجسس لحساب قطر؟ هل حصانة الرئيس هي التي أنقذت مرسي من المساءلة وقتها؟ ماذا لو فشلت ثورة 30 يونية؟ هل كان تجسس مرسي سوف يستمر؟

والسؤال الأخير: لماذا لا تخصص محاكمة عاجلة ثورية لمحاكمة مرسي في قضية التجسس؟ القضية تتعلق بشرف وطن وسمعة أمة ولا تتطلب الإجراءات الجنائية العادية؟ ولعلنا نذكر هنا قضية الجاسوسة هبة سليم التي تحولت إلي فيلم سينمائي شهير - الصعود إلي الهاوية بطولة الراحلة مديحة كامل، حيث أصرّ السادات علي إعدامها قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر للتوسط للإفراج عنها بطلب من جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة التي قالت عنها: «إنها قدمت خدمات جليلة لإسرائيل أكبر بكثير من الخدمات التي قدمها جنرالاتها» ولكن السادات أصر علي إعدامها حتي تكون عبرة للآخرين.