رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصعيد.. والثورة

ربما كانت من أهم القضايا إثارة للجدل والنقاش، حتي إنها تحولت إلي مادة للبحث بين الكتاب والصحفيين والباحثين مؤخراً، قضية علاقة الصعيد بالثورة، حيث يري قطاع عريض من الكتاب أن علاقة الصعيد بثورة يناير سلبية، وبمعني أدق لم يكن الصعيد شريكاً أصيلاً في الثورة، وهو أرض التمرد والثورات علي الحكام في مختلف العصور،

وإذا كانت ثورة يناير قد اندلعت بحثاً عن الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش، فقد كان أولى بالصعيد أن يكون مهد الثورة ووقودها بحكم حرمانه من الخدمات والمرافق وإهماله بشكل متعمد عبر التاريخ لأسباب عديدة، وفي رأى بعض الباحثين لحق الصعيد بالعربة الأخيرة في قطار الثورة، وأرجع البعض ذلك إلي سلبية الصعايدة وانتشار الأمية والجهل والتخلف، وإذا كان هذا صحيحاً في جزء منه، إلا أن الصعايدة تخلفوا عن الثورة لأسباب أخرى أهمها أنهما كفروا بنظم الحكم في مصر لتجاهلهم لهم، وأضحى الصعيد في نظر الحكم مجرد منفي للموظفين المغضوب عليهم أو مقر ثابت للقيام بالتجريدة من حين إلي آخر لجمع السلاح فقط.
الصعايدة أكبر الثوار عبر التاريخ وهم الذين حافظوا علي وحدة الوطن المصري علي يد مينا موحد القطرين ابن طيبة -الأقصر- أيام الدولة الفرعونية ونظر لتركيبة الصعيد الخاصة القبلية عن بقية المجتمع المصري، فقد أضحي أرضاً للثورة والتمرد، وقد لمسنا ذلك جيداً أيام الاحتلال الإنجليزي والفرنسي علي مصر، وقد حاول الفرنسيون غزو قنا بعد احتلالهم مصر وجهزوا لذلك السفينة «إيطاليا» إلا أنهم فشلوا في ذلك وقد حاربهم أبناء قنا بالفئوس والعصى وقتلوهم عن بكرة أبيهم، ونظراً لقوة شكيمة الصعايدة، اكتفى تمركز الاحتلال الإنجليزى والفرنسى في القاهرة وقناة السويس والدلتا.
وبخلاف ذلك قاد الصعايدة -أبناء قنا- أكبر ثورة في التاريخ المصري الحديث علي يد أول جمهورية في العام 1756-1759 وجعل «قفط» في قنا عاصمة لها، وفي التاريخ المعاصر أيضاً أسس الصعايدة أول جمهورية في «دير مواس» بالمنيا أعقبها جمهورية زفتي في الغربية وذلك خلال ثورة 1919، وخلال حكم الملك فؤاد ثم فاروق الأول عاش الصعيد في ظلال النسيان، ثم جاءت ثورة يوليو 1952 وجعلت الصعيد منفي للمغضوب عليها، ورغم تشييد العديد من المصانع بالصعيد إلا أن أبناء بحرى استأثروا بأعلي الوظائف بها وبقى الصعايدة في الوظائف

الهامشية، وأدى هذا كله مع زيادة أعداد العاطلين وانتشار الجماعات المتطرفة إلي اندلاع الإرهاب بصورة خطيرة في الصعيد بدءاً من اغتيال السادات -أكتوبر 1981- مروراً باغتيال اللواء الشيمي في أسيوط انتهاء بعشرات حوادث الإرهاب في قنا وأسيوط والمنيا والتي كان آخرها مذبحة السياح في معبد الكرنك 1997 وهو ما أدى إلى إقالة اللواء حسن الألفى وزير الداخلية وتعيين اللواء حبيب العادلي خلفاً له، ورغم انحسار الإرهاب بعدها بفعل الضربات الأمنية المتلاحقة، إلا أن الصعيد بقي حتي اندلعت ثورة يناير، والحقيقة أن الصعيد بقي مشاركاً بشكل هامشى في الثورة لأنه لم يعد يثق في التغيير والخلاص، ولعدم انتشار وسائل الاتصالات الحديثة التي حركت الثوار مثل الإنترنت بالصعيد، إضافة إلي عدم وقوع أحداث عنف في بداية الثورة عما حدث في السويس والإسكندرية مثلاً، كما أن معظم فلول الحزب الوطنى السابق من كبري قبائل وعائلات الصعيد، والكبير في الصعيد له احترامه وتقديره حتي لو كنت مختلفاً معه في الرأى، وفي الأيام الأخيرة لثورة يناير شارك أبناء الصعيد بالأحداث قبل إعلان مبارك التنحى، وعندما رشح الإخوان محمد مرسي بانتخابات الرئاسة، لعب الصعيد دوراً واضحاً في فوزه، حيث حاز علي أعلي الأصوات في محافظات الفيوم وقنا وسوهاج، وهي التي حسمت فوزه بانتخابات الرئاسة، لذا قام بزيارتها تباعاً بعد فوزه رداً للجميل، لذا لم يكن الصعيد غائباً أبداً عن ثورة يناير، وأتصور أنه سيكون وقود أي ثورة قادمة بعد أن اكتشف خديعة الإخوان.