عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المسألة الإماراتية

منذ نحو عشر سنوات تقريبًا شرفت بالعمل فى صحيفة الخليج  كبرى الصحف الإماراتية اليومية، وأذكر اننى فى إحدى المرات كنت بأحد المراكز التجارية فى دبى، وعندما هممت بصعود السلالم المتحركة تصادف وصول إماراتى وزوجته فى نفس اللحظة ليصعد احدنا أولا، فتراجعت عن طيب خاطر ليصعد هو زوجته اولا ذوقا وأدبا، فإذا بالغضب يعلو وجهه ويقول بصوت هادئ: لماذا يااخى تراجعت؟ تفضل، فقلت له: هذا بلدك يا أخى وأنا مجرد ضيف، ثم إن زوجتك معك و... ولم يدعنى أكمل عبارتى عندما سمع كلمة بلدك، وقال على الفور: الامارات بلدك الثانى بعد مصر بلدك الاول، وانا مصر بلدى الثانى بعد الامارات بلدى الاول، تفضل يا أخى، انت لاتعلم حب الإماراتيين لمصر.

ما جرى فى المركز التجارى بدبى كان تعبيرًا عن العلاقات الخاصة جدًا بين مصر والإمارات، بين بقية العلاقات المصرية ـ الخليجية، ومعروف ان زايد  رحمه الله كان صاحب أيادى بيضاء واضحة فى مصر، وقد تجلى ذلك فى مشروعات سكنية وراعية وصناعية عديدة أبرزها حى زايد الفخم بمدينة 6 أكتوبر ومشروع توشكى الذى استوعب آلاف المصريين، وتبرع الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة بمكتبة المتحف العلمى بعد احتراقه بعد الثورة، وغير ذلك الكثير مما يعتبره الاماراتيون ردا لجميل المصريين فى المشاركة بالنهضة الإماراتية بعد اعلان دولة الاتحاد فى العام 1971.
وبعد قيام ثورة يناير 2011 فى مصر، حدث تغيير فى العلاقات بين البلدين كان مرتقبا لتخوف دول الخليج من انتقال افكار الثورة اليها، وكنت أتمنى ان يقوم الرئيس مرسى بزيارة كل دول الخليج بعد انتخابه ليهدىء مخاوفها الا ان ذلك لم يحدث، واقتصرت زيارته على السعودية فقط، وزاد الطين بلة هجوم اللواء ضاحى خلفان قائد شرطة دبى على حكم الإخوان فى  مصر، حتى تفجرت مؤخرا مشكلة المعتقلين المصريين الـ11 المتهمين فى الإمارات بتشكيل خلايا إخوانية تهدد استقرار الحكم، وهناك العديد من الملاحظات حول الأزمة الأخيرة والعلاقات بين البلدين يمكن تلخيصها فى الآتى:
• أزمة المتهمين المصريين فى الإمارات قبل ان تكون مشكلة أمنية أو قانونية، أتصور انها أزمة سياسية أولاً ثم تأتى الأمنية أو القانونية فى المرحلة الثانية، وبالتالى لم يكن موفقًا إيفاد مساعد رئيس الجمهورية صلاح حداد ومدير المخابرات لحل المشكلة، وكان ينبغى ايفاد شخصيات سياسية لها وزنها ومقبولة لدى الإمارات لحل المشكلة أو على الأقل عدم تصعيدها، مثل الدكتور مصطفى الفقى والدكتور أحمد كما أبو المجد، كما اخطأ الوفد المصرى بإثارة مشكلة المتهمين الـ11 على ذمة القضية الأخيرة وتجاهل باقى المعتقلين المصريين فى السجون الإماراتية وعددهم يصل إلى ثلاثمائة وخمسين سجينا  تقريبا على ذمة قضايا مختلفة.
• يجب إيقاف حملات التشكيك والتخوين فورًا بين البلدين، وتخلى بعض المصريين عن فكرة تصدير الثورة إلى الخليج، وإذا كان ضاحى خلفان قد تجاوز أحيانًا فى نقده إلى مصر، فإن بعض المصريين المقيمين بالإمارات أخطاوا

ايضا بعد الثورة عندما تظاهروا امام مكتب الجوازات والهجرة والجنسية فى دبى بسبب تاخير اوراقهم ، لان الشعوب الخليجية اقرب فى الطباع الى الصعايدة من حيث الكرم والنخوة والحفاظ على التقاليد والموروث ولايفضلون الضوضاء والازعاج باى حال.
• الإمارات لها وضع خاص بين دول الخليج بالنسبة إلى مصر، لخصوصية علاقات زايد رحمه الله مع الرئيسين السادات ومبارك، ولأن الإمارات هى ثانى أكبر دولة خليجية من ناحية الاستثمارات فى مصر وتصل الى حوالى 60%، ناهيك عن الشركات الإماراتية العاملة فى مصر مثل موانىء دبى واعمار واتصالات، وتحويلات المصريين فى الإمارات من اهم الموارد الخارجية، وبالتالى لم يكن مقبولا تصعيد بعض وسائل الاعلام حملاتها على الامارات مثل ايواء الفلول وعلى راسهم احمد شفيق ورشيد محمد رشيد، لان هناك ثوابت فى العلاقات بين الدول لايجوز تخطيها.
• البعض يحاول الاصطياد فى الماء العكر وينبغى الانتباه لذلك جيدا، مثل التصريحات التى نسبت الى المفكر الامريكى اليهودى الاصل ناعوم تشومسكى من ان الامارات لديها مخاوف حقيقية من مصر بسبب  مشروع تنمية قناة السويس الذى سوف يسحب البساط من امارة دبى العالمية لشهرتها السياحية والخدمات التى تقدمها كميناء ترانزيت، وكل هذا يتوقع تراجعه واختفاؤه مع اكتمال مشروع تنمية قناة السويس، وهذا الكلام إضافة الى عدم التأكد من صدقيته، فانه مردود عليه ان كل مشروع لايمكن ان يلغى الآخر، فالطائرات مثلا لم تلغى القطارات او السفن او السيارات، وموقع دبى فى الخليج العربى هو الأقرب الى نمور شرق اسيا، ومازالت دبى وجهه سياحية عالمية، وبالتكامل العربى يمكن تحقيق المزيد من التعاون الاقتصادى الذى  يصب فى مصلحة الجميع. خصوصا ان الإمارات إحدى الدول العربية الداعمة لفكرة الوحدة ومصر قلب العروبة النابض بالحيوية.
• أعتقد انه لا توجد خلافات جوهرية بين مصر والامارات، ونتمنى ان تكون الازمة الاخيرة بداية لمصارحة حقيقية بين البلدين لتجاوز ما فات وبدء صفحة جديدة بينهما.