رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معاهدة السلام.. السيناريوهات المحتملة

 

قبيل سقوط نظام مبارك وتنحي الرئيس السابق في 11 فبراير الماضي، أقامت إسرائيل الدنيا وأقعدتها وطالبت قادة الاتحاد الأوروبي وأمريكا بدعمه والحفاظ عليه أو علي الأقل منع وصول الإسلاميين إلي الحكم لهدف ثابت ومؤكد.. هو الحفاظ علي معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية.

لقد كان مبارك كنزاً استراتيجياً بالنسبة لإسرائيل وحليفاً قوياً لها وداعماً للاستقرار في الشرق الأوسط، بسبب تمسكه بمعاهدة السلام التي ورثها عن الرئيس السادات، وهو ما مثل مصلحة كبري لإسرائيل التي سعت للسلام مع مصر منذ قيامها 1948، وكانت تلك رؤية ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل الذي رهن بقاء الدولة - إسرائيل - بوجود علاقات طيبة مع الجارة الجنوبية مصر، وهو ما لم يتحقق إلا في عهد الرئيس السادات بعد أن خاضت مصر وإسرائيل حروباً مستمرة في 1948 - 1956 - 1967 - 1973؟

لقد حقق السلام لإسرائيل العديد من المكاسب أهمها خروج مصر من ساحة الصراع العربي - الإسرائيلي، مما مكن تل أبيب من تخفيض نفقات الدفاع من 30 مليار دولار إلي 7 مليارات دولار واستغلت الفارق بين الرقمين في تدعيم البنية التحتية وبناء المستوطنات وتطوير صناعتها العسكرية وغزو الفضاء الخارجي، والأهم من هذا كله توقف العرب عن خوض الحرب ضدها وتحييد مصر خلال حربي لبنان 2006 وغزة 2008..

في المقابل سمحت اتفاقية السلام لمصر الفرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة بناء البنية الأساسية من طرق ومواصلات ومياه وكهرباء ومدن جديدة، ولكن في المقابل ألزمت الاتفاقية مصر بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل بأسعار توريد الغاز أقل من الأسعار العالمية، مما كلف مصر خسائر بمليارات الدولارات.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما مستقبل معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية بعد ثورة 25 يناير 2011؟ الحقيقة أن هناك مخاوف حقيقية في إسرائيل من إلغاء اتفاقية السلام رغم إعلان المجلس العسكري للقوات المسلحة التزامه باتفاقيات ومعاهدات مصر الإقليمية والدولية فور تنحي مبارك عن الحكم.. ورغم هذا الإعلان إلا أن مخاوف إسرائيل ومعها أمريكا في تزايد مستمر لانتهاج مصر سياسة خارجية مختلفة عن عهد مبارك، ويحضرنا هنا تحذير نبيل العربي وزير الخارجية الجديد إسرائيل من ضرب غزة، وإعلانه أن إيران ليست عدوة لمصر، ناهيك عن الزيارة العسكرية لمدير المخابرات المصرية الجديد اللواء مراد موافي لسوريا وعقده لقاء سرياً مع بشار الأسد وإعلان مصر ترحيبها بعودة العلاقات الثنائية بين القاهرة ودمشق وهو ما قابلته سوريا بترحيب كبير أملاً في عودة مصر إلي دورها العربي والتزاماتها الإقليمية بعيداً عن

الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.

في تصوري أن معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية تمر حالياً بمرحلة اختبار حقيقي وهناك خيارات ثلاثة تتعلق بالمعاهدة، إما الحفاظ عليها كما هي، وإما تعديل بعض بنودها المجحفة في حق مصر والسيادة الوطنية، وإما إلغاؤها بالكامل وكأنها لم تكن..

الخيارات الثلاثة يجب أن تكون أمام صانع القرار المصري وفي كل الأحوال، المتصدر أنه بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في سبتمبر المقبل والانتخابات الرئاسية بعدها أن يتم طرح المعاهدة للنقاش والتصويت عليها في البرلمان سواء بالإبقاء أو التعديل أو الإلغاء، وفي كل الأحوال يجب أن يكون هناك حوار وطني بين جميع المؤسسات السياسية في مصر حول المعاهدة ويجب أن يضم الحوار جميع قوي المجتمع من الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والجيش وأساتذة الجامعات والكُتاب وخبراء الاقتصاد ونواب البرلمان، بحيث يتم النقاش باستفاضة حول النماذج المشابهة في المعاهدات الدولية وجدوي المعاهدة ذاتها وارتباطها بالمعونة الأمريكية لمصر، فإذا كان هناك اتجاه للإلغاء يجب أن يكون هناك بديل حقيقي للاستغناء عن المعونة الأمريكية للارتباط الوثيق بينهما.

أعتقد أن مصلحة مصر في استمرار المعاهدة، لكن بعض بنودها بحاجة إلي تعديل وهو ما تقره اتفاقية السلام ذاتها التي تتيح لطرفيها تعديل بعض بنودها كل 15 عاماً، وأعتقد أنه لا معني لتقسيم سيناء إلي ثلاث مناطق أ، ب، ج، ويجب أن تكون سيناء منطقة واحدة، وحرية نشر القوات العسكرية المصرية بها، ولا معني للمخاوف الإسرائيلية هنا أنه يجب أن تكون هناك منطقة عازلة بين مصر وإسرائيل لصغر مساحة الأخيرة واتساع مساحة مصر، لأن السلام تصنعه الإرادات وقد جربت إسرائيل الإرادة المصرية بالحفاظ علي المعاهدة أكثر من 30 عاماً.

[email protected]