رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سنة أولي ديمقراطية

 

19 مارس 2011 يوم حافل في تاريخ الوطنية المصرية.. إنه يوم التطبيق العملي للممارسة الديمقراطية وفقاً لثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام مبارك السابق الذي جثم علي أنفاس العباد والبلاد طيلة 30 عاماً.. وهو اليوم الذي خرج فيه ملايين الناخبين لكي يدلوا برأيهم في التعديلات الدستورية ليختاروا بين نعم.. أو لا.. »45 مليون ناخب مسجلون في الجداول الانتخابية ولهم حق التصويت، وأكد المستشار محمد أحمد عطية، رئيس اللجنة القضائية العليا للإشراف علي الاستفتاء، أن المؤشرات الأولية لفرز الأصوات، تشير إلي أن عدد المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم وصل إلي نحو 25 مليون مواطن«.. لذا يستحق هذا اليوم أن يخلد في الذاكرة الوطنية المصرية باعتباره أول يوم في سنة أولي ديمقراطية!!

ما قبل 19 مارس 2011 يختلف عما جري في هذا اليوم ومما يجري بعده.. قبله كانت الانتخابات تزور علناً وكان الموتي والمهاجرون يدلون بأصواتهم، وكانت الصناديق تقفل بالكامل لصالح هذا المرشح أو ذاك.. وكانت الأموال والبلطجة والعصبية والقبلية هي سيدة الموقف في أي انتخابات لمجلسي الشعب أو الشوري أو الرئاسية كما جري في الاستفتاء علي الرئيس مبارك في 2005، حيث حسمت الإدارة المحلية والأمن النتيجة قبل أن تبدأ الاستفتاءات.. وكانت أصوات الناخبين تباع جهاراً نهاراً لصالح مرشحي الحزب الوطني.. وكانت السلع التموينية كالزيت والسكر والصابون من العوامل المرجحة لصالح بعض المرشحين.

في يوم 19 مارس.. اخحتلف المشهد تماماً وكانت مصر في هذا اليوم غير مصر التي كانت في الماضي.. بالنسبة لي خرجت لأول مرة في حياتي لأدلي بصوتي الانتخابي في مدرسة منشية جبريل في المعادي.. لم أكن أشارك في أي عملية انتخابية من قبل لعدم ثقتي في جدواها.. وعندما ذهبت إلي اللجنة الانتخابية بالمدرسة المذكورة شاهدت طابوراً طويلاً من الجنسين.. كان المشهد ديمقراطياً بامتياز.. حيث راح الناخبون يتجادلون لاختيار التصويت الصحيح.. فوجئت بالشباب المصري الذي كان سلبياً في الماضي يشارك في النقاش بحماس وحرارة.. ويعرف الفارق بين تصويته بكلمة »نعم« أو »لا«.. وكان ضابط القوات المسلحة الموجود باللجنة يراقب الأمر بهدوء ويرشد هذا أو ذاك إلي الصف ثم طالبنا بهدوء وأدب جم بألا نلتفت إلي الشائعات المغرضة التي يروجها البعض من انتهاء التصويت في الساعة الخامسة مساء، وقال إن الوقت كما هو »السابعة مساء«.

رأيت عائلات بأكملها ذهبت لممارسة حقها الانتخابي بالتصويت بعد أن كان الآخرون يقومون بالمهمة بدلاً منها في الماضي.. كان الجميع في عرس ديمقراطي حقيقي.. لأول مرة يعرف المصريون الممارسة الديمقراطية الحقيقية بعد أن حرموا منها منذ أكثر من 58 عاماً، وبالتحديد منذ مارس 1954، حيث لاحت الفرصة الفرصة للممارسة الديمقراطية الحقيقية واستكمال الحياة النيابية

والبرلمانية والتجربة الليبرالية الكاملة قبل ثورة يوليو 1952 ولكن أزمة سلاح الفرسان الشهيرة بين عبدالناصر ومحمد نجيب أطاحت بكل شيء.

ليس هذا وقت الندم علي ما فات.. نحن في اختبار حقيقي أمام تعميق الممارسة الديمقراطية واستكمال التجربة.. أو العودة إلي الماضي.. صحيح كانت هناك حوادث عارضة في بعض اللجان الانتخابية مثل الاعتداء علي الدكتور محمد البرادعي في مدرسة الشيماء الإعدادية في المقطم من قبل فلول النظام السابق.. ولكن من قال إن طريق الديمقراطية سهل ومفروش بالورود؟

لقد اخترت التصويت بـ»لا« للتعديلات الدستورية واختار شقيقي الأصغر التصويت بـ»نعم«.. ورحنا نتجادل في المفاضلة بينهما، وكان الاتفاق النهائي أن كلا منا يجب أن يحترم النتيجة النهائية أياً كانت!! وما حدث معي تكرر مع الكثيرين.. في مختلف المنازل والمدن والمحافظات.

لأول مرة يخرج المصريون للتصويت والمشاركة في الاستفتاء وهم لا يعرفون النتيجة مسبقاً.. وتلك هي ألف باء الديمقراطية.. كانت انتخابات نزيهة فعلاً ويكفي أنها شهدت مشاركة 50 ألف شاب ومراقب للمجتمع المدني والأحزاب السياسية.. واستمر التصويت حتي إقفال اللجان في السابعة مساء.. بعد أن كانت اللجان الانتخابية في الماضي لا تجد من يذهب إليها لأن الأصوات محسومة ومسودة بالكامل.. وبعد أن غاب الإشراف القضائي علي الانتخابات.. عاد مؤخراً وكان هناك قاض يشرف علي كل لجنة انتخابية.

كانت المعركة بين »نعم« و»لا« أو بين الاخوان وبقية التنظيمات الإسلامية الأخري والحزب الوطني من ناحية.. ومن ناحية أخري هناك الأحزاب الكبيرة مثل الوفد والتجمع والناصري والغد والجبهة والجمعية الوطنية للتغيير وشباب 25 يناير.. باختصار: كانت المعركة بين نصف إصلاح وإصلاح شامل.. بين حزب »نعم« وحزب »لا«!!

الطريق إلي الديمقراطية.. شاق وطويل.. أوله أشواك وصبار.. وآخره ورود ورياحين.. ولقد انطلق قطار الديمقراطية في مصر وهو حتماً سيصل إلي محطة الوصول.