رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرب أكتوبر.. عبقرية السادات

غداً تحتفل مصر بالذكرى الـ 39 لحرب أكتوبر المجيدة في 1973 ومازالت أسرار الانتصار العظيم الذي حققه السادات بدهائه وحنكته تتوالى حتى اللحظة، وكل عام تكشف اسرائيل العديد من وثائق لجنة «اجرانات» التي شكلتها للتحقيق في هزيمة حرب «عيد الغفران» في إطار المسموح به، لأن هناك وثائق لن يتم الكشف عنها أبداً باعتبارها من صميم الأمن القومي الإسرائيلي.

وإذا كان الشىء لابد أن يرد إلى أصله، فأتصور أن نصر أكتوبر يرجع إلى الله أولاً وإلى السادات ثانيا، والانتصار التاريخي الذي تحقق لم يكن يحدث بالمرة لولا عبقرية السادات، الذي قام بأكبر عملية خداع استراتيجي في الشرق الأوسط عبر أكثر من 50 عاماً، لأن هزيمة 5 يونيو 1967 كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يعرفها باليوم والساعة عبر مصادر عديدة أبرزهم الملك حسين عاهل الأردن الذي حضر الى مصر خصيصاً يوم 29 مايو 1967 وأبلغه بـ «المؤامرة الكبرى» لإسرائيل لاستهدافه في أسوأ هزيمة عسكرية عرفتها مصر في تاريخها الحديث.
وإذا كان المفكر الكبير الراحل عباس العقاد كتب سلسلة مؤلفات عن أصحاب العبقريات في التاريخ وأبرزهم «محمد» صلى الله عليه وسلم و«المسيح» عليه السلام و«الصديق» و«عمر» فإنني أؤكد جازماً أنه لو امتد به العمر لكتب عن «عبقرية السادات» الذي حير أعتى أجهزة المخابرات في العالم، وعلى رأسهم «المخابرات الأمريكية» و«الموساد» و«الكي جي بي» فلم تتوقع قراره بالحرب أبداً في ذلك التاريخ بل إنها اعتبرت أن خوضه الحرب «حماقة كبرى» و«انتحار سياسي» بكل المقاييس.
لقد تجلت عبقرية السادات في حرب أكتوبر في العديد من القرارات أبرزها قيامه بمناورتين للجيش المصري وإعلان التعبئة العامة قبل الموعد المحدد للحرب مما كلف اسرائيل أموالاً طائلة، وعندما حدثت المناورة الثالثة تجاهلتها فكانت الحرب.
أيضاً تجلت عبقرية السادات في توصيل رسالة لإسرائيل عبر العميل المزدوج أشرف مروان الشهير بـ «بابل» بأن موعد الحرب آخر نهار 6 أكتوبر، وبالفعل نجح مروان في إبلاغ المعلومة الى رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «ايلي زاعيرا» في لندن، ووصلت المعلومة بالفعل الى مدير مكتب «جولدا مائير» رئيسة وزراء اسرائيل، إلا أن الأوان قد فات للتحرك لأن الحرب بدأت فعلاً يوم 6 أكتوبر في الثانية ظهراً وليس السادسة مساء كما علمت تل أبيب.
وضمن خطة الخداع الاستراتيجي التي اتبعها السادات في الحرب نشره خبراً بالأهرام الصفحة الأولى عن قيام قادة اسلحة الجيش المصري بالعمرة في السعودية قبل الحرب بأيام قليلة، وتلقى الموساد الخبر واعتبره اعلاناً مؤكداً عن استبعاد الحرب.
كما تجلت عبقرية السادات في ادارته الحرب بنفسه في غرفة العمليات باعتباره عسكرياً عتيداً، ولم يترك الأمر لوزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة أفرع القوات المسلحة، وبالتالي لم يكرر خطأ عبد الناصر في حرب 1967 حين ترك الأمر للمشير عبد الحكيم عامر وزير الدفاع الذي أصدر أوامره بانسحاب القوات المسلحة من سيناء بعد ضربة الطيران الشهيرة، وكانت النتيجة كارثية بكل المقاييس، لأن الانسحاب تم دون خطة مدروسة عكس انسحاب روميل القائد الألماني الشهير من العلمين في الحرب العالمية الثانية، ولأن انسحاب الجنود المصريين من سيناء تم دون وجود غطاء طيران أو دفاع جوي فأصبح هؤلاء لقمة سائغة لطائرات الفانتوم الاسرائيلية، وبدلاً من أن يتوقف الجيش الاسرائيلي عند الممرات كما كان مخططاً لحرب يونيو 1967 إذ به يصل الى الضفة الشرقية لقناة السويس، وبالتالي أدار السادات الحرب بنفسه وأوقفها بعد صدور قرار مجلس الأمن بإيقاف الحرب لأنه وجد أن الحرب حققت أغراضها بـ «تحريك عملية السلام» ولا يستطيع محاربة العالم بمفرده لأن معظم دول الغرب تساعد اسرائيل.
وبعد ذهابه لاسرائيل في 1977 في رحلته الشهيرة للسلام قال لـ «شارون»: أنا كنت حافتكك في حرب أكتوبر» ولكني تركتك تعيش!! رحم الله السادات.. بطل الحرب والسلام.. كان عبقرياً بكل المقاييس.