عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة 1919.. وثورة 2011


ثورة 25 يناير 2011 ديمقراطية بامتياز، وهي امتداد لثورات المصريين في العصر الحديث بدءاً من ثورة عرابي 1882 وثورة سعد زغلول في 1919 وثورة جمال عبدالناصر في 1952.

نقول امتداداً وليس انفصالاً، لأن تيار الوطنية مثل النهر يتدفق كالشلال ينشر الخير والإخاء والحضارة علي ربوعه، وهنا لا يجوز أن نقول إن المنبع أفضل من المصب أو العكس.. وما ينطبق علي النهر ينطبق علي الثورات التي تعد حلقات واحدة في سجل الوطنية الناصع، وبالتالي لا يصح أن نقول إن ثورة جمال عبدالناصر 1952 التي حققت الجلاء الإنجليزي عن مصر في العام 1956 أفضل من ثورة عرابي 1882 التي كانت السبب المباشر في الاحتلال الإنجليزي، وفشل الثورة موضوع آخر ليس هذا سعد زغلول، ولولا ثورة 1952 ما حدثت ثورة 2011.. ورغم إيماننا بالدور الوطني للثورات المصرية وأنها كل واحد لا يتجزأ، إلا أن البعض يقارن بينها ويفضل ثورة علي أخري، كما ذكر الفنان القدير صلاح السعدني في حديث أدلي به مؤخراً لإحدي الصحف قال فيه بالحرف الواحد: »إن ثورة يناير2011 أفضل من ثورة 1919«.

صلاح السعدني فنان كبير وصاحب موقف سياسي وكلنا نحترمه ونقدره، ويكفي أعماله الفنية المميزة وأنه شقيق الكاتب الراحل محمود السعدني، ولكن التقدير والاحترام شيء، والوقوع في سقطة تاريخية شيء آخر.

أعتقد أن المقارنة غير واردة بين ثورة 1919 وثورة 2011، وهناك العديد من الملاحظات المرتبطة بهذا الموضوع يمكن أن نوجزها في التالي:

- أولاً: المقارنة بين الثورات الوطنية في الوطن الواحد لا تجوز أصلاً، لأنها استكمال لبعضها الآخر، فلولا ثورة 1919 لما جاءت ثورة 1952ولولا ثورة 1952 ما جاءت ثورة 2011.

لقد كانت ثورة 1919 تعبيراً عن حالة وطنية جارفة من المصريين في الاستقلال عن إنجلترا عقب انتهاء الحرب العالمية الأولي وكان سعد زغلول هو زعيم تلك الثورة والقائد وطنياً وخطيباً مفوهاً، وحققت ثورة 1919 الكثير من النتائج منها إلغاء الانتداب البريطاني علي مصر في العام 1922 وبقاء قوات الاحتلال الإنجليزي في مدن القناة فقط »السويس - الإسماعيلية - بورسعيد«، كما أدت ثورة سعد زغلول إلي دستور 1923 أبوالدساتير المصرية، وكانت ثورة 1919 تتصدر إلهاماً لكل الثورات في العالم الثالث وعلي رأسها ثورة الهند علي يد غاندي.

- ثانياً: الحكم علي الثورات يتطلب اكتمالها، نقصد اكتمال التجربة، وإذا كان ثورة 1919 مكتملة الأركان، فإن ثورة 2011 لم تكتمل بعد ومازالت تتشكل وإذا كانت قد

نجحت في الإطاحة بنظام مبارك فإن هناك الكثير أمامها لم يتحقق بعد مثل إقرار دستور جديد للبلاد والقضاء علي فلول الفساد الرهيب في عصر مبارك واللحاق يحب التطور والعصر وإلغاء قانون الطوارئ، والانتقال إلي الحياة المدنية.

- ثالثاً: تقييم الثورات أمر مطلوب لاستخلاص العبر والدروس، ونعتقد أن هذه مهمة المؤرخين لا الفنانين، فلا يجوز أن يقرر فئات أو كاتب أو مهندس أن هذه الثورة أفضل من تلك، فالتقييم مسئولية المؤرخين أولاً وأخيراً، وحتي المؤرخ لا يمكنه أن يقررأن جمال عبدالناصر أفضل من أحمد عرابي مثلاً، فكل شخصية لها دورها وجاءت تعبيراً عن المرحلة الزمنية والحالة السياسية التي تعيشها، فثورة 1919 طالبت الاحتلال الإنجليزي بـ»الجلاء التام.. أو الموت الزؤام« أما ثورة 2011 فكان شعارها »الشعب يريد تغيير النظام«.

- رابعاً: ثورة 1919 لها قيادة ممثلة في سعد زغلول وثورة 2011 بلا قيادة، وجاءت تعبيراً من مطالب شباب أحزاب المعارضة ثم انضمت إليها بقية طوائف الشعب، وعلي هذا لا يمكن المقارنة بين سعد زغلول ووائل غنيم، فالأول - سعد - اختار الخطابة والتفويض لزعامة الأمة والثاني - غنيم - اعتمد علي شبكة الـ»فيس بوك« والإنترنت لتحقيق التواصل بين الشباب الراغبين في التغيير وتحويل حلمهم في ديمقراطية حقيقية في العالم الافتراضي - الإنترنت - إلي المطالبة بذلك فعلياً بالنزول في ميدان التحرير والوقوف في تظاهرة يوم 25 يناير 2011 التي انقلبت إلي ثورة شعبية حقيقية أسقطت نظام مبارك.

باختصار.. لكل ثورة رجالها وسياقها التاريخي والاجتماعي والفكري، ولا تجوز المقارنة بين الشخصيات والثورات لأنها جميعاً حلقات واحدة في خيط الوطنية الواحد.