رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البلطجة فى زمن الثورة!

يبدو أن المثل الدارج «لكل زمان دولة.. ولكل دولة رجال» صحيح تماماً، حيث حفل تاريخ الحضارات الإنسانية بالعديد من الدول والإمبراطوريات التى سادت ثم بادت،

بدءاً من الحضارة الفرعونية مروراً بالحضارتين الصينية والهندية ثم الحضارات الرومانية والفارسية والمقدونية إلى الحضارة الإسلامية التى أعقبتها دول وممالك لم تستمر طويلاً، حتى وصلنا إلى الحضارة الأوروبية التى تفرعت إلى دول وإمبراطوريات استعمارية عديدة أشهرها الإمبراطورية البريطانية والفرنسية، انتهاء إلى الحضارة الأمريكية التى تهيمن على العالم الآن كقطب أوحد منذ انهيار الاتحاد السوفيتى فى عام 1991.
هذا على مستوى الدول، أما على مستوى الرجال، ففى مصر، كان لكل زمان رجاله الذين يعبرون عن مراكز القوة فيه ويحتلون صدارة المشهد الاجتماعى والإعلامى بشكل عام، فبعد قيام ثورة يوليو 1952، كان عقد الخمسينيات زمن رجال الجيش الذين احتلوا معظم المناصب القيادية والتنفيذية فى المصالح والشركات والوزارات، ومن أشهر الضباط الأحرار الذين احتلوا الواجهة، عبدالحكيم عامر، وزير الحربية والرجل الثانى فى مصر، فى تلك الفترة، وثروت عكاشة وزكريا محيى الدين وحسن إبراهيم وخالد محيى الدين وجمال وصلاح سالم والسادات، واللواء حمزة البسيونى، مدير السجن الحربى، وصفوت الروبى، وفى الستينيات حتى العام 1967، كانت دولة المخابرات هى المسيطرة، بعد تأسيس جهاز المخابرات العامة فى عام 1957، على يد صلاح نصر الذى حوكم فيما بعد فى قضية انحراف جهاز المخابرات فى عام 1968، ومن رجال تلك الفترة صلاح نصر وأمين هويدى وصلاح فضل ومحمد نسيم، واختلف الوضع فى النصف الثانى من السبعينيات، حيث احتل المشهد العام دولة الانفتاح الاقتصادى ومن أبرز رجالها رشاد عثمان وتوفيق عبدالحى وعصمت السادات.
فى الثمانينيات.. ظهر نوع جديد من الرجال لم يكن مألوفاً من قبل وهم أصحاب شركات توظيف الأموال مثل أشرف السعد وأحمد الريان وعبداللطيف الشريف، وفى التسعينيات عرفنا دولة الإرهاب بحوادثها الدامية المعروفة والتى استهدفت أجانب وشخصيات كبيرة مثل حسن الألفى، ،وزير الداخلية، وعاطف صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، وصفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، وكانت أكبر ضربة لدولة الإرهاب هى قتل السياح الأجانب فى معبد الدير البحرى فى الأقصر فى عام 1997، وفى الفترة من عام 2000 إلى 2011 كانت دولة جمال مبارك وسوزان مبارك هى المسيطرة فى صنع القرار، وهى التى تتحكم فى القرارات وتشكيل الوزارات حتى انضم إليهما أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى المنحل، وزكريا عزمى، رجل الرئاسة القوى، وكان تزوير برلمان 2010 هو القشة التى قصمت ظهر البعير، فاندلعت ثورة يناير، التى أعقبها انفلات أمنى واسع مع هروب المساجين الذين نشطوا مؤخراً فى ارتكاب جرائم قطع الطريق والخطف والسرقة بالإكراه على نحو غير مسبوق.
وتتفاوت أعداد البلطجية فى مصر من 450 ألف بلطجى حسب تقديرات رسمية، إلى 30 ألفاً كما يعتقد بعض الخبراء، إلى 11 ألف بلطجى فقط سقط منهم 200 كما أعلن اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، مؤخراً.
وأكد تقرير لشبكة رصد الإخبارية مؤخراً أن استخدام البلطجة السياسية فى فرض الرأى على الرأى الآخر هى السمة التى تعيشها مصر الآن، ومع اقتراب الانتخابات فى البلاد

سواء برلمانية أو رئاسية توجد العديد من الآراء تخشى من تأثير البلطجة بشتى صورها على نزاهة الانتخابات، فانتشرت حملات توعية قام بها بعض الشباب على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تهدف إلى مكافحة البلطجة خاصة فى الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها أواخر نوفمبر الحالى، حيث تشهد الانتخابات البرلمانية عادة أعمال عنف يرتكبها بلطجية مأجورون من قبل بعض المرشحين، مطالبين جميع فئات الشعب بالوقوف فى وجه البلطجة والإبلاغ عن أى واقعة تحدث.
الكاتب على سالم ذكر لى رؤية خاصة لمكافحة البلطجة تتلخص فى الاستعانة بالخبرة الأوروبية لتحديث الأمن المصرى، موضحاً أن أوروبا لديها مصلحة فى ذلك لمكافحة الهجرة غير الشرعية ولأن الأمن واحد فى شمال البحر المتوسط وجنوبه، وقال إن أجهزة الداخلية الحالية عفا عليها الزمن وهناك معركة غير متكافئة بين الشرطة والبلطجية فى السلاح وأجهزة الاتصال والحركة.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن: دولة البلطجة إلى متى؟ لماذا لا تتم الاستعانة بطائرات الهليكوبتر لمطاردة البلطجية فى الجبال والصحراء؟ وكيف يحارب الجندى البلطجى وليس لديه قميص مضاد للرصاص أو بندقية سريعة الطلقات كالتى فى حوذة البلطجى؟ ولماذا لا تتم إقالة الحكومة الحالية ويتم تعيين حكومة عسكرية قوية؟ ولماذا لا يتولى لواء جيش منصب وزير الداخلية، كما حدث من قبل فى التاريخ المصرى؟ حيث كان جمال عبدالناصر، رئيس الوزراء ووزير الداخلية، قبل أن يطيح بمحمد نجيب، وتولى رئاسة الجمهورية عقب أزمة مارس الشهيرة فى عام 1954، وهل هناك مشكلة فى تغليظ عقوبة البلطجة إلى الإعدام فوراً؟ لقد استطاعت الصين مكافحة المخدرات بتطبيق الإعدام على كل من له صلة بالمخدرات سواء بائعاً أو مشترياً أو وسيطاً أو متعاطياً، ولم تستثن من ذلك أعضاء الحزب الشيوعى الحاكم ولا أى قيادة حزبية؟
إن البلطجة بوضعها الحالى تحرق الأخضر واليابس، وهى تتطلب حلولاً شاملة منها الحل الأمنى، وهى تبدأ بإتاحة فرص العمل للعاطلين وحل مشكلات العشوائيات وتوفير فرص التعليم والعلاج لأبناء البلطجة وإعادة تأهيلهم حتى يصبحوا عنصر بناء فى مصر الجديدة التى ننشدها لا عنصر قتل وتخريب.

[email protected]