رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام الأمريكي وسطوة الصورة

سطوة الصورة وهيمنة هوليود هو موضوع كتاب (الإعلام الامريكي بعد العراق - حرب القوة الناعمة)، وهو من تأليف نيثان جردلز ومايك ميدافوي، ترجمة وتقديم بثينة الناصري, إنتاج المركز القومي للترجمة, يكشف الكتاب عن دور الصورة والفيلم السينمائي فى هيمنة أمريكا على العالم، ثم يكشف أن شعار الصورة لا تكذب تغير فى مطلع القرن العشرين، فصورة إسقاط تمثال صدام كانت مجرد سيناريو هوليودي، فلم تكن هناك تلك الحشود الجماهيرية التي ظهرت بل تم جمع 100 معارض عراقي مع بعض الصحفيين في ميدان الفردوس، ولعبت التكنولوجيا دورها في تزييف الوعي، لينتهي الفيلم الهوليودي المزيف بدبابة أمريكية تقوم بإسقاط التمثال بعد أن فشلت الجموع في إسقاط التمثال.

استفادت أمريكا من درس فيتنام عندما كانت وقتها الصورة لا تكذب وأدت الوحشية البادية فى القوة العسكرية الأمريكية في تحريك الرأي العام الأمريكي ضد الحرب بل ساهمت صور في تكوين رأى عام عالمي ضد الهمجية الأمريكية، ولكن صورا كهذه لم يعد مسموحا بها من قبل الإدارة الأمريكية، بل تم تصوير الحرب على العراق كأحد ألعاب الفيديو جيم! فمنعت أي ضحايا أو قتلي، حتى إن صور سجن أبو غريب يذكر الكتاب أنها ربما خرجت عمدا لإحداث تخريب في الروح المعنوية للشعب العراقي المقاوم، من صور التشويه أيضا تقديم صور مفبركة لأسرى من جنود العراق، وهذا لم يحدث بل وجد الأمريكان مقاومة عاتية, ولكن تم تلفيق الصور، وكذلك صورة القبض على صدام, كانت مفبركة ومصنوعة، والطائر المبلل بالنفط كمحاولة لإلصاق تهمة تدمير صدام للبيئة ! وصورة الكشف على أسنانه.
كل هذه صور كانت تستهدف تغيير صورة صدام لدى الشعب العراقي ولدى العالم كله وتقديم صورة جديدة لرجل هارب خائف مذعور يأس يدمر الجميع حوله، ولكن الحقيقة أنه تم حقنه والتقاط هذه الصور المزيفة، كما أن قصة المجندة (جيسكا) التي كتب سيناريو إخباري مزيف عنها أن القوة العسكرية الأمريكية اقتحمت الموقع وحررتها من الأسر, اكتشف العالم أن العراقيين هم من حموها وسلموها للقوات الأمريكية!
وهكذا يأخذنا الكتاب ليكشف أيضا عن تلك العلاقة

بين القوة العسكرية الخشنة والقوة الناعمة لأفلام هوليوود ودورها وتأثيرها في تغيير ثقافة وقيم الشعوب، فجون كيندي ومن طالب بسلسلة أفلام عن جيمس بوند، بل يكشف الكتاب عن علاقة المخابرات الأمريكية بصناعة السينما الأمريكية, كما يكشف الكتاب عن علاقة التجسس بمهنة الإعلام! ولا غرابة ففي عصر المعلومات ليس النجاح مجرد مسألة جيش من الذي فاز ولكن خطاب من الذي فاز، أن صناعة السينما الأمريكية تحقق فى 2008 أرباحا بـ 17 بليون دولار من أفلام هوليوود فى العالم، و9.6 بليون دولار فى أمريكا.! أن الإعلام الأمريكي روج لكون أمريكا عقيدة ودواء (جيو ثقافي) لجماهير التاريخ المعذبة، فترسانة القوة الناعمة الأمريكية فى تصدير صورة أمريكا أرض الفرص والإمكانات غير المحدودة, والحريات هي أهم ما تصدره أمريكا وتحتل به العقول والقلوب.
يرصد الكتاب ما يسميه الاحتلال الترفيهي الأمريكي للمخيلة العالمية، ويرصد إتساع العداء لأمريكا ما بين حربي فيتنام والعراق والكتاب هو محاولة لتحسين صورة أمريكا في العالم لتستمر في كتابة سيناريو العالم, وإن كان يضع شروطا صعبة لهذا بأن تتبنى أمريكا قصص الآخرين ولا تحتكر وحدها الحكي رغم أن المنتصر هو من يكتب التاريخ, ويقترح المؤلفان أن يتم السعى لنوع من التعاون الثقافي والإنتاجي, ورغم ذلك تتكشف الكثير من الأسرار عن استعمار العالم ثقافيا بسلاح هوليوود الجبار الذي يتضح أنه أقوى من القوة العسكرية.


خبير إعلامي
[email protected]