رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السفارة.. والجزيرة.. ومصطفي النحاس!!

- 1 - لم أذهب إلي ميدان التحرير يوم الجمعة الماضية، وكنت متحفظا علي تكرار المليونيات، والجمع المتوالية التي جعلت كثيرين من المواطنين يمتنعون عن دعم الثورة.. لكنني ضد كل الذين اتهموا جمعة «تصحيح المسار» بأنها السبب فيما حدث، من تطورات، وتجاوزات، وشغب، أمام وزارة الداخلية، وسفارة إسرائيل، ومديرية أمن الجيزة..

هذا اتهام قاس جدا، لثوار أرادوا بـ «حُسن نية» حماية ثورتهم من التلاعب بها وبأهدافها، فكان الرد عليهم بهذه الحملة «المدبرة» والقاء الاتهامات فوق رأس كل من قال نريد ديمقراطية حقيقية، ديمقراطية تضمن لنا انتقال السلطة بلا تأخير، ثم تداولها بدون أزمات.. صحيح أن تنظيم المليونيات، والتظاهرات، فيها تسرع، وعدم نضج، وعدم اهتمام بمشاعر ملايين الناس الذين يتضررون من عدم الاستقرار، ولكن «ثوار التحرير» ليس لهم علاقة بجرائم يوم الجمعة.. ما حدث أمام السفارة كان يمثل «قلة عقل» و«شغباً» و«إفساداً» للاستقرار و«انتهاكاً» للقانون.. ولكنه أيضا كان مدبرا.. لأن من ذهبوا للتحرير لم يكن ضمن أهدافهم في هذا اليوم الذهاب إلي خمسة أماكن دفعة واحدة خارج حدود ميدان التحرير.. فقد كانت معارك الشغب تسيطر علي وزارة الداخلية في لاظوغلي، وإدارة الأدلة الجنائية في عابدين، والسفارة الإسرائيلية بالجيزة، والسفارة السعودية بالدقي، ثم مديرية  أمن  الجيزة.. وهذا يعني أن هناك مخططاً لنشر الفوضي في البلاد، من جهة لا نعرفها، ولهدف سوف نعرفه يوما!!

- 2 -

أول المتهمين في أحداث السفارة الإسرائيلية هو الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، الذي أراد «مجاملة» المتظاهرين أمام السفارة، وجذب العلم الصهيوني، ومزقه، ووضع العلم المصري مكانه، ورغم أن «شرف» رئيس حكومة دولة مسئولة عن حماية مقرات السفارات الواقعة في أراضيها، لكنه أدلي بتصريحات غير مسئولة، اشعلت الداخل، في وقت غير مناسب، وثاني المتهمين، هو محافظ الشرقية، عزازي علي عزازي، الذي منح الشاب، شقة مكافأة له علي مخالفة القانون.. رئيس الوزراء اعطي التصرف «شرعية»، والمحافظ منح من ارتكب المخالفة «مكافأة».. فلا تلوموا الذين حاصروا السفارة التي نكره أصحابها.. لأن أولي الأمر فعلوها قبل المتظاهرين.. صفقوا وهللوا.. استقبلوا وكافئوا.. ابتسموا وقالوا «عفارم».. أرادوا الحصول علي «لقطة» ولو كان التقاطها علي حساب الوطن الذي يحتاج إلي التقاط الأنفاس.. والعدل يقول إن قفص الاتهام يجب أن يضم عصام شرف رئيس الوزراء، وعزازي علي عزازي محافظ الشرقية، بوصفهما «محرضين»!!

«الأطفال» الذين أحرقوا السيارات والمنشآت، تم التغرير بهم من مجهولين، وتم تشجيعهم بتصفيق المسئولين!!

- 3 -

الرد علي أحداث الشغب لا يكون بإغلاق مكتب «الجزيرة مباشر مصر» في القاهرة.. الجزيرة كانت تتابع حدثا تم بالفعل، وإغلاق المكتب «مؤشر خطر» يهدد أحد أهم مكتسبات الثورة، وهي الإعلام الحر، فلم يعد أحد من العاملين في الصحافة يخشي «قصف» قلمه، ولم يعد العاملون في مجال الإعلام المرئى ينتظرون تعليمات الرقيب، ولكن إغلاق «الجزيرة مباشر مصر» سوف يعيدنا إلي الوراء، وبطريقة أكثر سوءا، لأن مداهمة مكتب إعلامي، وإغلاقه، وضبط المسئول

الفني به، يعني أننا ما زلنا نتعامل مع هذه المكاتب بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع مزوري الأعمال الفنية، وسارقي محتويات القنوات الفضائية ونقلها بدون ترخيص.. والتاريخ علمنا، أن أكبر خطر علي أي نظام هو «كبت» أبنائه، وأن أي إجراءات تتخذها السلطة لا تستطيع منع المعلومات من الوصول للناس، وهؤلاء الناس هم أقدر من أية جهة، علي فرز المعلومات، وتصنيفها، ومعرفة الصحيح، والملفق، والحق، والباطل.. المصريون لا يحتاجون وصاية من أحد، هم يعرفون من يكشف لهم الحقائق، ومن يضللهم!!

- 4 -

أشعر أننا الآن في حاجة إلي حكمة مصطفي النحاس، الزعيم الذي قاد الوطن، في معركة طويلة مع الاحتلال، وسعي لنيل الاستقلال، ووصل إلي الحكم خمس مرات فقط خلال أربعة وعشرين عاما، رغم أنه كان زعيم الأغلبية، وقائد الأمة الأول، ومعشوق الجماهير الأول، وكان مجموع فترات حكمه 7 سنوات وشهرين وسبعة أيام!! لكن رغم ذلك، لم يهادن النحاس، ولم يكمم الأفواه، وكان يتحدي الدنيا من أجل شعبه وحريته، لم يكن يفرق بين حرية المواطن داخل بلده، وبين الاستقلال الوطني، كلاهما مرادف لكلمة واحدة، اسمها الحرية، فلم يستخدم جملة «الاستقلال الوطني» مبررا لوأد الحريات، كان مدافعا جسورا عن الدستور، لم يسع لتفصيله، لنفسه، ولا لحزبه، ولملك البلاد، كان دستورا يرسخ مفاهيم الديمقراطية، والحداثة، وقاد الرجل مرحلة ليبرالية مهمة، أفرزت أفضل العلماء، والاقتصاديين والأدباء، والفنانين، حتي الأفندية الذين كانوا يمثلون الطبقة الوسطي، كانوا نموذجا رائعا، دفع البلاد للأمام.. النحاس هو الذي أصدر من خلال وزارة الوفد، التي تم تشكيلها عام 1942 قانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 43 وهو القانون الذي جعل القضاء سلطة مستقلة بذاتها، مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ونظم طريقة تعيين القضاة، وترقيتهم، ونقلهم، وندبهم، وعدم قابليتهم للعزل، وحدد القانون واجباتهم وحقوقهم، وطريقة محاكمتهم وتأديبهم، وتنظيم كل ما يتعلق بأمورهم.. كنت أتمني إعادة هذا القانون للحياة لأنه الأنسب لمرفق القضاء.

Tarektohamy[email protected]yahoo.com