عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البلد.. له صاحب!!

لا أعرف لماذا قمت منذ يومين بتقليب أوراقى، لمراجعة أحداث الثورة منذ انطلاقها، يوم 52 يناير، ووقع فى يدى مقال نشرته فى « الوفد» يوم  61 مارس الماضى، حول الاستفتاء الذى كان سيجرى على التعديلات الدستورية بعد نشر المقال بثلاثة أيام، وكان يوم الاستفتاء يوافق السبت 91 مارس.. المقال كان بعنوان «الديكتاتور القادم.. يوم السبت» وقلت فيه رأياً  توقعت فيه استمرار الاستبداد،

وأن التصويت بــ« نعم »  سوف يأتي لنا بديكتاتور جديد، ونظام حكم، لا يعرف المدنية،لأن كل مساوئ الدستور القديم، مازالت موجودة، وسوف يستغل الرئيس القادم، المواد التي ترسخ سلطاته، ولن يغيرها، لأن السلطة مفسدة، ونحن بلا شك لن يحكمنا نبي، ولا حتي قديس!! وقلت إن «المناخ» السياسى لا يسمح إلا بنجاح أعداء الدولة المدنية، لأن الأرضية المفروضة علينا ستؤدى إلى هذه النتيجة.. أريد أن اشرككم فى إعادة قراءة المقال الذى قلت فيه:

ذهب حسني مبارك، إلي شرم الشيخ، بعد أن ترك لنا، ثلاث قوي، غير مدنية، تؤثر الآن، في مستقبل مصر، هذه القوي هي، الجيش، والإخوان، والكنيسة!! أعرف أن كلامي، قد يكون صادماً، ولكن دعونا، نقرأ المشهد، بهدوء، وبدون انفعال، لنعرف، أننا قد نواجه، مأزقاً، اسمه، سقوط حلم الدولة المدنية.. للأبد!!

القوي الثلاث، التي أتحدث، عنها، في الواقع، هي التي أصبحت تؤثر في المشهد السياسي، الآن، رغم أنها لم تشارك، في إطلاق الثورة، ولكنها تمكنت، بسبب، قدراتها الخاصة، من توجيهها، فالجيش، بحكم، مهامه، لم يكن له دور في إشعال الثورة، فهو مؤسسة، تهتم، بحماية، الوطن، من الخطر الخارجي، ولم يسع للظهور، في مشهد ميدان التحرير، ولكن الرئيس السابق، حاول الاستعانة، به، لحماية عرشه، إلا أن الجيش، كان له رأي آخر، فانحاز، إلي الشعب، لأن عقيدته القتالية، تمنعه، من مواجهة، المتظاهرين، لصالح الحاكم، فكان الدور، الذي قامت به المؤسسة العسكرية هو السبب الرئيسي، في نجاح الثورة، التي حصلت علي شرعية، ثورية، حماها الجيش، الذي أصبح هو الحاكم الفعلي، لمدة مؤقتة، وأكدت قياداته أن الجيش لا يريد الحكم، بل يريد تسليم السلطة للشعب، خلال ستة أشهر، للانتقال، الي نظام حكم مدني!!

أما الإخوان.. فقد كانوا، بعيداً، تماماً، عن المشهد، حتي يوم جمعة الغضب، الذي خرجت، معظم مسيراته، من المساجد،فظهر فيها، الإخوان، بوضوح، لأول مرة، وبدأوا، في التأثير في الحركة الاحتجاجية، التي تحولت، إلي ثورة، بعد سقوط عدد كبير من الشهداء في هذا اليوم.. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن التنظيم، الذي تعتمد عليه الجماعة، كان له دور، في حماية المتظاهرين، في موقعة «الجمل».. ولكن لا يستطيع، أحد أيضاً، أن يتجاهل، أن هذا التنظيم، الواضح، هو الذي أعطي انطباعاً، لدي الناس، أن الإخوان، هم الذين، أداروا المعركة، رغم إنني شاهدت، في هذا اليوم، بعيني رأسي، عدداً كبيراً، من شباب الوفد واليسار والحركات الاحتجاجية، يقاتلون البلطجية، ومازال بعضهم مصاباً حتي الآن.. ولكن ما حدث، هو أن الإخوان تمكنوا، من أن يكون لهم صوت مسموع، أكثر من غيرهم، لأن تنظيمهم كان جاهزاً، منذ ما يقرب من 08 عاماً، فهو تنظيم لا يراه أحد، وينمو بسرعة، تفوق بكثير التيارات الحاصلة علي ترخيص، ولذلك لم يكن مدهشاً، أن نري لجنة تعديل الدستور يترأسها، مفكر، ينتمي إلي فكر قريب من الإخوان، هو المستشار طارق البشري، وتضم في عضويتها، بشكل صريح، قانونياً، إخوانياً هو المحامي صبحي صالح، في حين تم استبعاد، فقهاء القانون، الليبراليين، تماماً، حتي الدكتور، عاطف البنا، الذي انتمي لحزب الوفد،في وقت من الأوقات، كان قد تركه قبل  11 عاماً، ولم يكن محسوباً، علي التيار الليبرالي، داخل الحزب، بل كان يميل إلي الفكر اليميني.. ولهذا كله لم يكن مدهشاً، أن يؤيد الإخوان، التعديلات الدستورية، رغم أنها، ستؤدي إلي الإبقاء علي

خطايا الدستور القديم ومساوئه!!

وتبقي القوة الثالثة، وهي الكنيسة، التي يخضع لها، عشرة ملايين قبطي علي الأقل،وقد تحولت الكنيسة إلي قوة سياسية، بعد ظهور التطرف الديني للجماعات الإسلامية، الناتج عن استخدام الدولة المصرية، لسلاح «الدين» في تصفية الخصوم من المدنيين، وانصار الدولة المدنية، فاليساري أصبح كافراً، والوفدي أصبح علمانياً، والمسيحي ملزماً بدفع الجزية.. كل هذا جعل الأقباط، ينسحبون، إلي داخل أسوار الكنيسة، ليصبح لهم عالمهم الخاص، يتلقون دروسهم الدينية داخلها، ويحصلون علي حصص مدرسية مجانية، ويمارسون فيها، كل شئونهم الحياتية، حتي الرياضة، التي يجب أن تمارس في الأندية، وليس في دور العبادة، وكانت تتم عملية متابعة استخراج بطاقاتهم الانتخابية، بعد بلوغهم السن القانونية، ويتلقون التعليمات، بمساندة هذا الحزب، أو ذاك، أو مساندة مرشح دون آخر.. ولهذا استشعر الأقباط الخطر، بعد هذا الظهور الواضح للإخوان، في ميدان التحرير، وتصدرهم للمشهد الإعلامي، حتي وصلوا إلي لجنة تعديل الدستور ذاتها، وهذا هو سبب اعتصامهم، لمدة تسعة أيام كاملة، أمام مبني ماسبيرو، عقب احتراق كنيسة أطفيح، فقد كانوا ـ من ناحية ـ يحتجون، ومن ناحية أخري، يقولون.. نحن هنا!!

إذن.. نحن أمام مشكلة، اسمها «اختفاء القوي المدنية من الساحة».. صحيح هم يتكلمون، ويطرحون أفكارهم، لكن القوي الفاعلة، في اللحظة الراهنة، ليست مدنية، لذلك، لا أعرف كيف سيؤدي التعديل الدستوري، المقرر طرحه للاستفتاء، يوم السبت القادم، إلي ميلاد دولة مدنية حقيقية؟! فقد قضي حسني مبارك علي القوي التي كانت ستؤدي بنا إلي هذه الدولة « الديمقراطية ـ  المدنية » التي يكون منهجها، ترسيخ فكرة المواطنة، علي كل المستويات، سياسياً، واقتصاديا، ودينياً، واجتماعياً!! صحيح أن شباب الثورة، الذين أشعلوا هذا البركان الهادر، ينتمون، إلي فكر مدني ليبرالي في معظمه،وكانوا يرفعون شعارات، نادت بها القوي المدنية، عبر سنوات طوال، ورغم أن هذه الشعارات، هي التي بدأت بها الثورة، وكانت تمثل نموذجاً لأهداف الثوار، إلا أن النهاية، تبدو مختلفة عن البداية، تماماً، وسوف يتواري الثوار، الذين لا ينتمون، لمؤسسات سياسية، مدنية،ولكنهم، في نفس الوقت يرفعون شعاراتها، الليبرالية، المدنية، وسوف يتصدر المشهد، القوي غير المدنية!!

هذا هو نص المقال، وأعتقد أن ماحدث خلال خمسة أشهر، يؤكد أن ميلاد الدولة المدنية، سيكون متعثراً جداً، فالشارع تسيطر عليه قوى غير مدنية تستخدم         «التخويف» سبيلاً لتحقيق أهدافها.. لاحظ كل أحداث الشهور الخمسة الماضية..أبطالها هم أعداء الدولة المدنية.. أعداء الدولة الديمقراطية العادلة المتقدمة..الذين يريدون القفز على البلد  - من الخطوط الخلفية - وكأنه بدون صاحب اسمه الشعب!!

[email protected]