عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تصدقوا عصام شرف ..لقد فقد ثوريته

لا أعرف لماذا تذكرت حسنى مبارك، خلال إلقاء عصام شرف لبيانه الأول يوم السبت الماضى ولبيانه الثانى بعد 48 ساعة.. فقد رأيت أمامى مسئولاً كبيراً، يفقد قدرته على حسم قراره خلال الوقت المحدد للإجابة،ليحصل على درجة ضعيف جداً، لأنه ظل يفكر فى إجابة سؤال اختيارى لوقت طويل ، ليفاجأ بمراقب الامتحان ،يسحب منه ورقته ويصرخ فى وجهه، ناطقاً الكلمة المرعبة لكل طالب.. «انتهى الوقت»..نفس هذه الأزمة وقع فيها حسنى مبارك فى فبراير الماضى، وسقط فيها « شرف» الآن!!

راجع بيانات عصام شرف ، رئيس الوزراء الثورى، الذى حمله أبناء هذا الوطن، إلى موقعه،مرفوعاً على الأعناق، ممثلاً لهم ، ومتحدثاً باسمهم، وسوف تكتشف أنه لم يفهم رسالة الثوار المعتصمين فى ميدان التحرير منذ الجمعة الماضي.. الرسالة تقول يا دكتور عصام: نريدك متحدثاً باسم الثوار لدى المجلس العسكرى الحاكم، وليس ممثلاً  للمجلس - صاحب السلطة فى البلاد الآن – ووسيطاً بينه وبين الثوار!.. هذه هى الرسالة لمن يريد أن يفهمها..واضحة، وشفافة، وليس فيها «لف أو دوران» لأن البلد الآن لا يحتمل مناورات، أو السير فى طريق غير مستقيم، فقد قامت الثورة من أجل تحقيق حرية هذا الوطن، والخروج به من النفق المظلم بسرعة، وبحسم، نحو الديمقراطية الكاملة، غير المنقوصة، وهذا كله لن يتحقق، بدون طى لصفحات الماضى التى يجب أن ننتهى من تفاصيلها الكثيرة ،وأولها ضرورة المحاكمة السريعة لكل القتلة والفاسدين، الذين دمروا أجيالاً كثيرة ولدت وعاشت لأكثر من ثلاثين سنة، وهى لا تحمل سوى صفة الضيف الفقير والفاشل والعاطل،فى بلد كانت تحكمه عصابة تحتكر كل شىء حتى المستقبل، ولذلك لا يمكن أن نرى ماهو قادم، دون أن ننهى ما وراء ظهورنا من محاسبة ومحاكمة وتطهير، لأنه بلغة المنطق ، لايمكن أن نعيد بناء منزل قديم ومتهالك، قبل هدمه ، وتسويته بالأرض، وضرب الأساسات القوية  فى أرضه، حتى يحتمل بناءً قوياً عفياً ومتماسكاً..

ولكن.. هل الدكتور عصام شرف الذى ضرب فى وجوهنا بياناً ثانياً مقتضباً، يدرك أن الناس تنظر إليه الآن باعتباره وسيطاً، تحول من لاعب لدور الثائر المناضل من أجل حرية وطنه والمدافع عن الحق حتى لو كلفه الأمر منصبه مثلما فعل فى وقت سابق فى مواجهة لجنة السياسات،إلى لاعب لدور السياسى،الذى يسعى لتحقيق هدفه بالبقاء فى السلطة، حتى لو كان الثمن غضب الناس الذين ساندوه حتى وصل إلى مقعده ؟! عموماً..لقد أعطى شرف  لميدان التحرير، الذى أقسم يمين الولاء أمام جماهيره، سلطة إقالته، عندما يخطئ، ولكن الرجل مثل كل سابقيه، خرج علينا ببيانات قصيرة، فوقية، لا تعبر إلا عن نخبة حاكمة، تريد البقاء فى مواقعها،قال لنا فيها: إنه سيقوم بتنفيذ حزمة سياسات ترضى الثوار والشعب، دون أن يبرر لنا أسباب تأخره فى تنفيذ هذه المطالب، فى وقت سابق، وكانت بياناته شبيهة ، بتلك البيانات التى كان يلقيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى أيام حكمه الأخيرة، فقد كان- مبارك - يفيق متأخراً، ويدرك معنى رسائل الثوار بعدما يفوت الوقت،وكان يلاحق مطالب الجماهير بعدما يسبقونه بخطوات واسعة، يصعب تعويضها، فكانت تتحول قراراته إلى شىء عديم الفائدة..وهكذا يفعل عصام شرف الآن!!

كنت أتمنى أن يعلن شرف فى بيانه الثانى، والذى ألقاه ، أول أمس ـ الاثنين ـ يعلن فوراً، وليس بعد أسبوع كما قال، إقالة الوزراء الذين طالب الثوار بخروجهم من الحكومة،وأن يأخذ وقته كما يشاء، فى اختيار البدلاء، ولا أعتقد أن الوزارات والمؤسسات، ستواجه خراباً ، ولا أتصور أن هناك فراغاً سينتج عن غياب هؤلاء الوزراء، لأن البيروقراطية المصرية العتيقة، قادرة على سد هذا الفراغ الذى لم يسمح للدولة بأن تنهار خلال الثورة التى هدمت

النظام الحاكم.. وكنت أتمنى أن يقول لنا عصام شرف قولاً حاسماً، فى مسألة محاكمة القتلة والفاسدين، بدلاً من مناشدته لمجلس القضاء الأعلى بأن يعمل على الفصل فى محاكمات قتلة الشهداء بسرعة، فالأمر ليس بهذه الصعوبة، ويحتاج فقط  لتخصيص عدد من القضاة، لإدارة هذه المحاكمات الواضحة التى ليس فيها غموض، فهناك شهداء قتلوا فى أماكن محددة، وبأيدى قوات أمن كانت مسئولة عن قمع المتظاهرين، فى نطاقات جغرافية محددة، فلايمكن أن نحاسب مدير أمن السويس وأعوانه، على جريمة قتل المتظاهرين فى قنا مثلاً، ولايجوز أن نناقش مدى مسئولية مدير أمن القاهرة وأعوانه، على ما حدث فى الإسكندرية!!

عصام شرف عاد بنا إلى نقطة الصفر، وسيبقى الثوار فى الميدان، لأن ما قاله لا يصدقه معظم الثائرين، ما قاله لم يكن سوى مسكنات ، ضعيفة التأثير، لا تسرى فى الجسد بسرعة، وسيبقى الوطن عليلاً حتى يرى قتلة أبنائه يحاكمون، فى جلسات علنية،يتابعها البسطاء الذين قضوا معظم سنوات حياتهم ،يتابعون نفس هؤلاء الفاسدين وهم ينهبون البلد بلا رحمة ، دون أن يتركوا حتى الفتات للفقراء، والمطحونين الذين سقطوا لثلاثة عقود كاملة تفوق قضبان، يمر فوقها قطار بيع أصول الوطن قطعة قطعة لحساب اللصوص الذين يرتدون الكرافاتات الشيك، ويضعون البرفانات المدفوع ثمنها مقدماً من عرق العمال والفلاحين!!

يا دكتور عصام.. لقد نفد نصف الوقت.. وأمامك فرصة أخيرة قبل أن نسحب ورقة إجابتك!!

هوامش

كتبت فى نفس هذا المكان، الأسبوع الماضى ،قصة فؤاد عبد اللطيف، المذيع بقناة النيل الدولية، الذى تعرض مع أحد أصدقائه لحادث سطو مسلح، فى مدينة 6 أكتوبر، بالحى الرابع، فقد فيه المذيع سيارته الفاخرة، بعد أن وجد فوهة مسدس فوق رأسه وأخرى على رأس صديقه ، وواجها شخصين يطلبان منهما تسليم الموبايلات والنقود التى بحوزتهما، واستوليا على مفاتيح السيارة وهربا، وسط منطقة مأهولة بالسكان، وقلت إن المذيع وصديقه ذهبا إلى قسم اكتوبر ثان ، فقال لهم أحد الضباط: نعمل لكم إيه؟ مش إنتم عملتم ثورة فى ميدان التحرير خلوا الميدان ينفعكم!! المهم أننى تلقيت إتصالاً هاتفياً ،عقب نشر المقال، من اللواء حسن غنيم نائب مدير أمن اكتوبر، وطلب منى كافة المعلومات الخاصة بسيارة المذيع فؤاد عبد اللطيف، وطلب منى رقم هاتف يستطيع التواصل من خلاله مع المذيع وصديقه ووعدنى بمتابعة تفاصيل الحادث والبحث عن الجناة بنفسه.. هذا ما نريده من جهاز الشرطة.. أن يعتبر أزمات المواطنين الأمنية هموماً شخصية لأفراده!!

 

[email protected]