الديكتاتور القادم.. يوم السبت!!
* القوي الثلاث، التي أتحدث، عنها، في الواقع، هي التي أصبحت تؤثر في المشهد السياسي، الآن، رغم أنها لم تشارك ، في إطلاق الثورة، ولكنها تمكنت، بسبب، قدراتها الخاصة، من توجيهها، فالجيش، بحكم، مهامه، لم يكن له، دور في إشعال الثورة ، فهو مؤسسة، تهتم، بحماية، الوطن، من الخطر الخارجي، ولم يسع للظهور، في مشهد ميدان التحرير، ولكن الرئيس السابق، حاول الاستعانة، به، لحماية عرشه، إلا أن الجيش، كان له رأي آخر، فانحاز، إلي الشعب، لأن عقيدته القتالية، تمنعه، من مواجهة، المتظاهرين، لصالح الحاكم ، فكان الدور، الذي قامت به المؤسسة العسكرية هو السبب الرئيسي، في نجاح الثورة، التي حصلت علي شرعية، ثورية، حماها الجيش، الذي أصبح هو الحاكم الفعلي ،لمدة مؤقتة، وأكدت قياداته أن الجيش لا يريد الحكم، بل يريد تسليم السلطة للشعب، خلال ستة أشهر، للانتقال، الي نظام حكم مدني!!
* أما الإخوان.. فقد كانوا، بعيداً، تماماً، عن المشهد، حتي يوم جمعة الغضب، الذي خرجت، معظم مسيراته، من المساجد ،فظهر فيها، الإخوان، بوضوح، لأول مرة، وبدأو، في التأثير في الحركة الاحتجاجية، التي تحولت، إلي ثورة، بعد سقوط عدد كبير من الشهداء ،في هذا اليوم .. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن التنظيم، الذي تعتمد عليه الجماعة، كان له دور، في حماية المتظاهرين، في موقعة " الجمل".. ولكن لا يستطيع، أحد أيضاً، أن يتجاهل ، أن هذا التنظيم، الواضح، هو الذي أعطي انطباعاً، لدي الناس، أن الإخوان، هم الذين، أداروا المعركة، رغم أنني شاهدت، في هذا اليوم، بعيني رأسي، عدداً كبيراً، من شباب الوفد واليسار والحركات الاحتجاجية، يقاتلون البلطجية، ومازال بعضهم مصاباً حتي الآن.. ولكن ماحدث، هو أن الإخوان تمكنوا ، من أن يكون ،لهم صوت مسموع، أكثر من غيرهم، لأن تنظيمهم كان جاهزاً، منذ مايقرب من 80 عاماً، فهو تنظيم لا يراه أحد، وينمو بسرعة، تفوق بكثير التيارات الحاصلة علي ترخيص، ولذلك لم يكن مدهشاً، أن نري لجنة تعديل الدستور يترأسها، مفكر، ينتمي إلي فكر قريب من الإخوان، هو المستشار طارق البشري، وتضم في عضويتها، بشكل صريح ، قانونياً، إخوانياً ،هو المحامي صبحي صالح، في حين تم استبعاد، فقهاء القانون، الليبراليين، تماماً، حتي الدكتور، عاطف البنا، الذي انتمي لحزب الوفد ،في وقت من الأوقات، كان قد تركه قبل 11 عاماً، ولم يكن محسوباً، علي التيار الليبرالي، داخل الحزب، بل كان يميل إلي الفكر اليميني.. ولهذا كله لم يكن مدهشاً، أن يؤيد الإخوان، التعديلات الدستورية، رغم أنها، ستؤدي إلي الإبقاء علي خطايا الدستور القديم ومساوئه!!
* وتبقي القوة الثالثة، وهي الكنيسة، التي يخضع لها، عشرة ملايين قبطي علي الأقل ،وقد تحولت الكنيسة إلي قوة سياسية، بعد ظهور التطرف الديني للجماعات الإسلامية، الناتج عن استخدام الدولة المصرية، لسلاح " الدين"في تصفية الخصوم من المدنيين، وانصار الدولة المدنية، فاليساري أصبح كافراً، والوفدي أصبح علمانياً، والمسيحي ملزم بدفع الجزية..كل هذا جعل الأقباط ،
* إذن.. نحن أمام مشكلة، اسمها »اختفاء القوي المدنية من الساحة«.. صحيح هم يتكلمون، ويطرحون أفكارهم، لكن القوي الفاعلة ، في اللحظة الراهنة، ليست مدنية، لذلك، لا أعرف كيف سيؤدي التعديل الدستوري، المقرر طرحه للاستفتاء، يوم السبت القادم، إلي ميلاد دولة مدنية حقيقية؟! فقد قضي حسني مبارك علي القوي التي كانت ستؤدي بنا إلي هذه الدولة " الديمقراطية ـ المدنية " التي يكون منهجها، ترسيخ فكرة المواطنة، علي كل المستويات ، سياسياً ، واقتصاديا، ودينياً، واجتماعياً!! صحيح أن شباب الثورة، الذين أشعلوا ،هذا البركان الهادر، ينتمون، إلي فكر مدني ليبرالي في معظمه،وكانوا يرفعون شعارات، نادت بها القوي المدنية، عبر سنوات طوال ،ورغم أن هذه الشعارات، هي التي بدأت بها الثورة، وكانت تمثل نموذجاً لأهداف الثوار، إلا أن النهاية، تبدو مختلفة عن البداية، تماماً، وسوف يتواري الثوار، الذين لا ينتمون، لمؤسسات سياسية، مدنية،ولكنهم، في نفس الوقت يرفعون شعاراتها، الليبرالية، المدنية، وسوف يتصدر المشهد ، القوي غير المدنية!!
* التصويت بــ" نعم " يوم السبت القادم، سوف يأتي لنا بديكتاتور جديد، ونظام حكم ، لا يعرف المدنية ،لأن كل مساوئ الدستور القديم، مازالت موجودة، وسوف يستغل الرئيس القادم، المواد التي ترسخ سلطاته، ولن يغيرها، لأن السلطة مفسدة، ونحن بلا شك لن يحكمنا نبي، ولا حتي قديس!!
* إذا كنا نريد وطناً حراً، قويا، لا يعرف ظلماً.. يجب أن نقول " لا " لهذه التعديلات!!