عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العجوز.. وأحلام الشباب

بالتوازي مع الفشل الذي اتسمت به فترة حكم الإسلاميين وحلفائهم للبلاد، كان السياسي المخضرم، يقدم نفسه وحزبه للتونسيين بتكتيك ذكي كبديل عن «صنّاع الفشل»، فبدأت منذ تلك اللحظة قاعدته الشعبية في التشكّل والاتّساع شيئا فشيئا.

ونتيجة لذلك كانت انتخابات أكتوبر 2014 التشريعية تحمل معها أولى «بشائر» انهيار منظومة «الترويكا» بالفعل، إذ تراجعت حركة النهضة – صاحبة المركز الأول في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011 - إلى المرتبة الثانية بـ 69 نائبا في مجلس نواب خلف المتصدّر حزب حركة نداء تونس (86 نائبا)، فيما مني شريكا النهضة في حكومة «الترويكا» بنتائج هزيلة.
يصفه معارضوه من الإسلاميين بـ«العجوز» الذي يريد وأد أحلام شباب تونس صاحب ثورة الياسمين، أما مؤيدوه فيصفونه بالحكيم الذي يستطيع أن يخرج تونس من عثرتها ويحقق أهداف الثورة.
لكنه في النهاية حقق نجاحاً هائلاً، وجعل الجميع يتساءل من هو هذا الرجل الذي استطاع أن يهزم حركة النهضة؟
ويسود الرأي العام اعتقاد بأن فوز السبسي كان نتيجة لتغير في عقلية الناخبين التونسيين. ففي أواخر 2010، شهدت تونس موجات من الاحتجاج والغضب نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة والبطالة المرتفعة. وفي يناير 2011، تنحى زين العابدين بن علي الذي حكم تونس لـ 23 سنة كاملة. بعد ذلك، لم ينجح الائتلاف الحاكم الذي قادته حركة النهضة الإسلامية في إنعاش الاقتصاد، وظلت البطالة في مستويات مرتفعة، كما تدهور الوضع الأمني، وشهد الوضع السياسي اضطرابات مستمرة، أدت إلى إحباط جماهير الشعب.
سبق للسبسي البالغ من العمر 88 سنة، أن شغل منصب وزير الداخلية في حكم بورقيبة، كما شغل منصب رئيس مجلس النواب أثناء حكم الرئيس بن علي، وهو سياسي يمتلك تجربة ثرية. ويعلق عليه الكثير من الناخبين الأمل في قيادة تونس إلى الازدهار والاستقرار يجمع الرأي العام على وجود 3 تحديات كبرى تواجه السبسي:
أولا، إنهاء الانقسام الناجم عن الانتخابات بين أنصاره وأنصار المرزوقي, مهم بالنسبة للاستقرار السياسي.
وثانيا، مواجهة الركود الاقتصادي بعد أن بلغت نسبة البطالة حاليا 15%، ووجود هوة كبيرة في التنمية بين المناطق، والعديد من المشاكل على المستوى الاقتصادي.
وثالثا، التحديات الأمنية. بعد تسلم السبسي للحكم، قد تتصاعد انشطة القوى المتطرفة، هذا إلى جانب الوضع الأمني المتأزم في ليبيا، وإمكانية انتقاله إلى تونس.
ومن العوامل المساعدة للسبسى أنه سيصبح قادرا على التحكم في الجيش، إلى جانب الغالبية التي يتمتع بها حزبه داخل البرلمان، ما سيمكنه من تنفيذ إرادته.
ولكن الواقع السياسي في تونس له حساباته الحزبية المعروفة واهمها ان كل الأحزاب ألقت بمهمة اقتراح التشكيل الحكومي في ملعب الرئيس الجديد وان بعض هذه الأحزاب يرفض الدخول الى الحكومة مع أحزاب أخرى، كموقف الجبهة الشعبية من حركة النهضة التي أصبحت حديث وسائل الإعلام العربية

والعالمية بعد تعدد الاستقالات في صفوفها وانهزامها في الانتخابات التشريعية ثم فشل مرشحها غير المعلن في الانتخابات الرئاسية, وهزيمة المرزوقي قد تؤدي الى شرخ كبير في صفوف الحزب الإسلامي الى درجة انفصال جانب من قاعدتها الشعبية وانضمامه إلى حزب آخر قد يؤسسه  المرزوقي، واستقالة الجبالي سابقا أثارت حيرة كبرى في أوساط اخوان تونس فقد اجمع المحللون على انها ضربة قاسية لحركة النهضة.
ويدرك الجميع و يدرك النداء ان النهضة لاعب أساسي في الحياة السياسية التونسية لا يمكن تجاوزه في تشكيل الحكومة. كذلك الجبهة الشعبية بحكم تأثير اليسار التونسي في اتحاد الشغل وقدرتها على التأثير في توجهات الرأي العام.
موجة من الأحداث غيّرت إحداثيات المشهد السياسي التونسي بنسبة مائة وثمانين درجة.. من الأحادية الحزبية إلى التعدّدية ومن الدكتاتورية إلى الديمقراطية.. خطى حثيثة تخطوها تونس نحو بناء الدولة الجديدة، بناء تونس الديمقراطية، غير أنّ الطريق لمن سيتكفّل بهذه المهمّة الشائكة لن تكون محفوفة بالورود، وإنّما تنتصب على جوانبها أشواك وتحدّيات بالجملة تجعل مهمّة الزعيم الجديد غير يسيرة بالمرّة.
خاصة أن الانتخابات أكدت أنّ الجزء الأوّل من التونسيين يشكّلون الفئة المقاطعة للتصويت (44% من التونسيين لم يدلوا بأصواتهم في الدور الثاني للرئاسة معظمهم من الشباب) فالتعبئة لم تكن بالأهمّية التي تدفع بالجميع نحو صناديق الاقتراع، والكثير من التونسيين اختاروا «الأقلّ سوءا» فلا يمكن أن يستند الرئيس الجديد إلى الأغلبية.
فهل ينجح العجوز فى الوفاء بوعوده وتحقيق أحلام الشباب, وتلك التى قطعها على نفسه   أمام عدد من أنصاره، حين قال «سنقوم بالعمل مع دون إقصاء أياً كان».. وعود تنتظر القفز من حيّزها النظري لتنزل على أرضية الواقع التى  قد لا تتيح الكثير من الامتيازات لمن يودّ اختبار منعطفاتها، أو لمن سيحمل لقب «أول رئيس تونسى منتخب بعد ثورة الياسمين».

[email protected]