رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاب فى القرن الثانى من عمره

بدأ عامه الثالث بعد المائة منذ أيام مصمماً على مواصلة الرحلة، رافضاً الانسحاب من الحياة العامة والتوقف عن العطاء، والدعوات الكثيرة بضرورة أن يستريح ويركن إلي الهدوء ويستمتع بما تبقى من أيامها, بعد أن أدى واجبه على أكمل وجه.

يعيش بقلب شاب، وحكمة شيخ، وعقلية قائد عظيم، معتمداً على توفيق الله له، موقناً أن من حفظ أعضاءه فى الصغر حفظها المولى عز وجل له فى الكبر.
لا يعرف الكثيرون الشيخ معوض عوض إبراهيم، بسبب اختلال معايير القيم، وموازين التقييم، لأننا أصبحنا نلهث وراء من يدَّعون العلم، وأكثرهم من الطحالب التى تطفو على السطح، بفتاوى نشاز، ورؤى عليلة، وقد شقيت بهم المنابر والمساجد، وهو فى الوقت نفسه لا يسعى للشهرة بل على العكس ربما يهرب من الأضواء.
ورغم أنه عالم دينى، بل أقدم خريج أزهري وأكبر المحدثين في العالم الإسلامي سنًا، فهو متابع جيد لكل ما يجري على أرض الواقع في الداخل والخارج.
ومازال يحتفظ بذاكرة قوية راصدة للأحداث، عاصر 7 رؤساء و4 ثورات, وأكد أن أسوأ أيام مصر كانت فى عهد عبدالناصر ووصف الرئيس محمد نجيب بأنه رجل طيب. والسادات بأنه أقل سوءاً ومبارك ليس له حسنة واحدة وثورات الربيع العربى بأنها فتح من الله ضد الطغاة الذين ظلموا بلادهم ودعا قادة الإخوان والسلفيين -قبل حكم مرسى- إلى تأمل آيتين كريمتين كفيلتين بهدم أي فتنة الأولي (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال) والآية الثانية (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وأكد بعد حكمهم أنهم لم ولن يستطيعوا «أخونة الأزهر»، فالأزهر قلعة علمية عريقة أكبر من جماعة الإخوان مهما علا شأنها، فالولاء فى الأزهر لدين الله وليس للجماعة، ومن الصعب أن يحدث ذلك رفض تقبيل يد الملك حسين ويحكى لنا القصة فيقول كان الملك حسين يعاملنى معاملة خاصة ويقربنى منه أينما ذهب، وفى إحدى المناسبات رأيت الجميع يقبل يده إذا سلم عليه، وعندما جاء الدور على لأسلم عليه رفضت تقبيل يده وسط ذهول وغضب الجميع، ولكن ذلك لم يحرك فى ساكناً, ولم يغضب منى الملك بل على العكس ربت على كتفى.
وكذلك رفض السلام على الرئيس السادات، ويحكى القصة فيقول عندما دعيت مع مجموعة من العلماء لزيارة اليمن رفض السادات وكان وقتها رئيسا لمجلس النواب أن يركب معنا الطائرة لأنه يدخن البايب، ونحن ندري ماذا كان به، ولذلك كنا نرفض ذلك، وفي مطار

القاهرة عندما التقينا رفض أن يلقي علينا السلام.. بعض زملائي كانوا أكثر صبراً مني وطلبوا أن نذهب للسلام عليه، فأقسمت بالله ألا أذهب للسلام عليه لأنه بدأ بالاستخفاف بنا، هو تكبر علينا لكنني اعتززت بالله وبالأزهر الذي قام بتربية رجال، وفي اليمن دعانا الرئيس السلال علي الإفطار وقال للسادات «خير ما أهدته لنا مصر هم علماء الأزهر» وفجأة وجدنا السادات وكأنه تنبه لوجودنا، فقام ليسلم علينا في أماكننا، فابتسم زملائي وقالوا لي «لأنك اعتززت بالله.. أعزك الله».
عشق الكلمة منذ طفولته، أحب الشعر والأدب وأبدع فيهما، حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، ووهب نفسه للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا،، وعلى امتداد 103 أعوام هي عمره الآن ظلّ مرشدًا ومعلمًا داخل مصر وخارجها في العديد من البلاد العربية والإسلامية وهب هذه السنوات الدعوة إلي الله عز وجل وأخلص فى الطلب فأعانه مولاه عليه، فقد حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وعلى أن يسخر ذاته للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا، فقضى أكثر من 80 عامًا يدقّ أبواب العلم وقلوب الراغبين في الصراط المستقيم.
قال عن نفسه (لما تذكرت الماضي تمنيت أن يعود شبابي لأكرر مسيرة طلب العلم من جديد، الله سبحانه وتعالي لا يضيع أجر العاملين، وكل ما تمنيته حققته).
حياة الشيخ الحافلة والعامرة دعوة صريحة للعمل الجاد الدؤوب الذى طالبت به جميع الأديان، وقامت عليه الحضارات، ونهضت به الأمم، فما أحوجنا إلى تلبيتها بدلا من حفلات الكلام، وحرب التصريحات، ومعارك التخوين التى طالت الجميع، حتى يغير الله حالنا بعد أن نغير من أنفسنا.

[email protected]