عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات مع لغة الضاد

فى الذكرى الاربعين لرحيل عميد الادب العربى الدكتور طه حسين , تذكرت دفاعه عن لغة الضاد دفاعاً كبيراً ودعوته الى إصلاح التعليم اللغوي ورفض كل دعوة لتغييرها وابدال حروفها بل بالعكس تمسك بها لأنها لغة القرآن الكريم. جمع طه حسين بين ثقافات عميقة واسعة ومتعددة صبّها في عقله الخصب والذي إتحد بها وصهرها في بوتقة أفكاره وطبعها بطابع عبقريته وشخصيته وأحدث في عالم النقد ضجة ايقظت نياماً واثار في الفكر العربي ثورات حررته من قيوده وجموده ورسمت له طريقاً جديداً.

اما مصادر ثقافته فتعود الى بيئته المصرية وتراثها العربي القديم إذ بعد ان حفظ القرآن الكريم وألفية ابن مالك وبعض اجزاء كتب الادب والشعر انتقل الى الازهر الشريف فنهل منه علماً كثيراً ولكنه تمرّد على طريقة تعليمه فانتقل الى الجامعة المصرية ، بعدها كان للثقافة الفرنسية دور كبير في حياته فلم يتغير لأن القرآن الكريم كان له الفضل الأول في عدم تغيره وبقائه مسلماً مخلصاً لإسلامه مؤمناً حقيقياً ، ومن مصادر ثقافة طه حسين ايضاً التراث الكلاسيكي اليوناني والروماني ، وعند عودته الى الجامعة المصرية مدرساً لهذه المادة فتح باباً امام كثير من تلاميذه للدخول في هذا العالم الواسع محققين فيه دراسات وكتباً قيمة ، في اثناء ذلك لم يترك الاستعمار وعملاؤه العربية تسير في خطها المرسوم فقد تألبوا عليها وبدأت الدعوة الى العامية تظهر وتأخذ طابعاً علمياً ، فوجدوا في لغتنا ضالتهم التهديمية بوسائل واساليب عدة يقوم بها قسم من ابناء شعبنا العربي مع الأسف منفذين مخططات الاستعمار.
وتذكرت أيضا لقاء تليفزيونيا نادراً جمعه بأدباء عصره آنذاك ، حيث يوجهون له الأسئلة ، فيما يجيب عميد الأدب العربى ووجه الأديب يوسف السباعي سؤالا يتعلق بالصراع بين العربية الفصحى والعامية عند الأدباء وأي لغة يفضلها عميد الأدب العربي
وأجاب طه حسين قائلا: انه ما زال من انصار الفصحى ومن خصوم العامية ، ومع ذلك انه لا بأس ان تدخل جملة او بعض جمل العامية في كتابات الفصحى ولكنه يكره أن تنبذ اللغة الفصحى من أجل العامية ، وقال ان هناك جملا معينة اذا اديت بالفصحى لا تؤدي الغرض الطبيعي الذي يطلبه الأديب ويستوعبه القارئ.
وأثنى طه حسين على رواية «السقا مات» للأديب يوسف السباعي وقال إنها من افضل رواياته وتستحق ان تنقل الى اللغات الأجنبية على الرغم من ان اللغة العامية تشيع فيها أحيانا.
ووجه الأستاذ كامل الزهيري سؤالا آخر لعميد الأدب العربي

حول ما يثار من خلافات بين الأدباء في استخدام الفصحى أو العامية ، على الرغم من اثارتها قديما ، فهل أصبحت قضية مزيفة ؟ وأجاب طه حسين: انها ليست قضية مزيفة ، وان اللغة الفصيحة هي الطريقة الوحيدة إلى تحقيق الوحدة بين الأمم العربية ، فإذا كتبت بها فهمك العرب جميعا.
وتذكرت أيضا حواراً مع صديق تعمد الحديث باللغة الانجليزية وسؤالى له بحزم لماذا لا تتحدث العربية؟ جهل أم وجاهة؟ أم مسايرة للعصر؟ فرد علي ببساطة لماذا أتحدث العربية وأنا لا أحتاج إليها، جميع الوظائف المحترمة تشترط إجادة اللغة الأجنبية وإعلاناتها أيضاً تنشر بنفس اللغة وعند التقدم لأي وظيفة تكتب السيرة الذاتية بذات اللغة والحياة حولنا تستخدم اللغة الأجنبية في معظم التعاملات، صمت برهة وتذكرت حكاية قديمة نسبياً حدثت لملكة جمال مصر عندما طلبت من لجنة التحكيم أن تجيب عن الأسئلة باللغة الإنجليزية (لأن العربي بتاعها مكسر) وتساءلت في نفسي ماذا حدث للغة القرآن؟    قبل ثورة 1952  كان هناك تفاخر بعدم معرفة اللغة العربية وكان الناس يتفاخرون بأصولهم الأجنبية، وبعد قيام الثورة افتخر كل من يتحدث بلغة الضاد، وفي الفترة الأخيرة بدأت الردة في جميع المجالات، وبالتالي في اللغة العربية الذي ظهر جلياً في وسائل الإعلام.، لافتات المحلات، الإعلانات، أسماء المنتجات، الأغاني وهكذا، وأي لغة لكي تحيا لابد من استخدامها وإلا تعرضت للموت البطيء والانقراض، والعالم الآن - وخاصة العربي - يعاني من أزمة هوية فهناك عولمة تسعي للسيطرة علي الكون، فهل نتقوقع علي أنفسنا ونرفض كل ما هو أجنبي، أم نتواكب مع ما يحدث حولنا مع الحفاظ علي هويتنا؟

[email protected]