رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اخجلوا!!

«‬السلطة المطلقة مفسدة مطلقة‮»، هذه المقولة الرائعة تجسدت تماماً في الفترة السابقة التي تملك فيها رجل واحد كل خيوط اللعبة ليحرك الجميع كما يشاء،‮ ويعيث فى  البلاد فساداً, وانتظر الجميع الخلاص , فجاءت ثورة يناير , ثم ما لبث فصيل أن اختطفها

, بل واختطف مصر بشعبها وتاريخها وحضارتها , فعاود شعبها العريق الثورة وجاءت ثورة يونية لتكمل مسيرة الكفاح ضد الظلم والقهر ,ولكن المتحولين بقوة وبشدة فقدوا حُمرة الخجل ونسوا أو تناسوا مواقفهم السابقة لأنهم أشباه رجال وأقزام في وقت عز فيه الرجال، وندرت فيه المواقف الثابتة،‮ فهم أكلوا علي موائد النظام السابق واستحلوا لأنفسهم عطاياه ومنحه وانتظروا أول فرصة للانقضاض عليه والتضحية به للفوز بمقعد في الجولة القادمة‮, ويستعدون الآن لتكرار فعلتهم بمنتهي الأريحية، معتمدين على سماحة الشعب الطيب الذى يؤمن بمقولة «عفا الله عما سلف» . 
وهذه الظاهرة طبيعية تحدث في جميع العصور،‮ وكل الأزمنة والبلاد،‮ والمحك هو الشعب الذي يلاحظ أي تغييرات تحدث علي الحياة العامة في مصر،‮ وينبغي علينا مراقبة علاقة جميع من يتعرض للعمل العام بالناس، لنجد أن بها خللاً،‮ والنشاط السياسي الشعبي ودور الشعب هو المطالب بكشف هذه المواقف والحد منها‮.‬
وربما غياب قاعدة بيانات سليمة لكل الرموز الموجودة علي الساحة -رغم أننا نعيش في عصر يسهل فيه جمع البيانات والمعلومات وتوثيقها- يصعب هذه المهمة ,‮ والمفارقة أن الصحف المصرية قبل دخولها عصر التكنولوجيا كانت تحتفظ في أرشيفها بملف خاص للشخصيات العامة، ومن ثم كان من الصعب علي أديب أو كاتب أو مثقف أن يتنصل من أقواله عند مواجهته بها،‮ ومن العجب العجاب أن تبلغ‮ الصفاقة بمثقف كبير أن يتجاهل كلامه السابق في نفاق مبارك والتزلف إليه وإلي نظامه، معتمداً‮ علي أن الشعب المصري ليس له ذاكرة جمعية، وينسي في زحمة الحياة رياء هذا المثقف أو نفاق ذلك الأديب ولهذا نقترح اعداد بليوجرافيا شاملة ودقيقة لجميع الرموز الثقافية والأدبية والساسية في مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية،‮ يمكننا  من التمييز بين الأصدقاء والأعداء،‮ ورصد كل عبارة قالها هؤلاء المثقفون الأدعياء في الصحف والمجلات والاذاعات المسموعة والمرئية.
إن هذه الفئة خانت شعبها في اللحظات الحرجة والتفت عليه وصعدت علي أكتاف التحولات التي يجريها وربما رفعت الشعارات الأكثر علواً‮, وعموماً‮ الحماية الشعبية وضعت لذلك مثلاً‮ عبقرياً‮ هو‮ «‬جديان المراكب إن عامت تفرفش وإن‮ غرقت تقرقش‮» نحن نعلم أن المثقف ينبغي أن يكون شاهداً‮ علي عصره والمثقف الحقيقي يكون شهيداً‮ لعصوره،‮ أما من يحمل لقب مثقف دون أن يكون أحد الاثنين فهو بذلك يتاجر بالمراحل كلها،‮ ونقول لهؤلاء اولي بهم ان

يلتزموا الصمت،‮ فهم جميعاً‮ كانوا داخل مظلة النظام و لهم ملفات لو فتحت لدفعتهم دفعاً‮ الي‮ غيابه السجون،‮ وكيف لهم أن يتكلموا، وعلي الجانب الآخر الثوار الحقيقيون الذين آثروا الصمت واختاروا العمل والإنجاز،‮ ونحذرهم بأن الشعب الطيب قد يصبر وقد ينتظر ولكن لا ينسي ولا يغفر لمن يتاجر بآماله وآلامه‮.‬
إن ما حدث في الفترة المباركية الرديئة من شراء ذمم بعض مثقفينا الذين خدعونا من قبل باختلافهم مع السادات،‮ كشف عن انهيار منظومة كاملة من الزيف الثقافي الذي أسسته رموز كنا نصدقها عندما اختلفت مع السادات،‮ إذ إننا لا نري فارقاً‮ يذكر بين النظامين،‮ بل هما في الحقيقة نظام واحد يرسخ للتبعية والديكتاتورية والفساد الذي بدأ من الحقبة الساداتية، حتي استفحل في عصر مبارك،‮ وزبانيته‮.‬ وربما لو  عقدنا حلقات بحثية تناقش قضية المتحولين لساعدتنا على حماية المثقف المصري القادم من السقوط في مثل هذه الحبائل التي ساهمت في اطالة عمر نظام فاسد كنظام مبارك،‮ لأن خيانة المثقفين لشعوبهم وتهربهم من القيام بدورهم شجعا النظام السابق علي الاستمرار،‮ ولا عزاء للمثقفين الشرفاء أمثال العز بن عبد السلام و مالك بن نبي وشاعر تركيا العظيم ناظم حكمت وعزاؤنا أن التاريخ الثقافي لن ينسي مثل هذه الخيانات‮.‬
المتحولون علي الهالة التي يحيطون أنفسهم بها كنخبة مميزة،‮ لا تجرؤ ولا تملك الجماهير البسيطة التي تعاني من الأمية علي مواجهتها،‮ خاصة أنهم أهل الكلام والتبريرات الجاهزة،‮ فالانتقال من موقع الي موقع مضاد‮ «‬مرونة‮»‬،‮ ومدح النظام بعد هجائه‮ «‬مجرد مراجعة‮»‬،‮ وهكذا،‮ وهنا تمكن خطورة هؤلاء‮, ولكن رهاننا دائما على الشعب العظيم الذى عرف الطريق ولن يحيد عنه حتى يميز الخبيث من الطيب, ويحقق طموحاته فى (عيش - حرية عدالة اجتماعية كرامة انسانية).