عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

زمن «ويكيبيديا»!

لاشك أن الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» لها منافع كثيرة – إذا أحسن استخدامها – ولكن في الوقت نفسه لها مضار تصل إلي حد الكوارث, منها المواقع الإباحية ومواقع الترويج للإرهاب ومواقع مهاجمة الأديان ومواقع سرقة الملكية الفكرية ومواقع العنف والانتحار

ومواقع القمار وإدمان الألعاب ومواقع وبرامج الدردشة غير الهادفة ومواقع الترويج للأفكار العنصرية ولكن – في نظري – الطامة الكبري هي ما يسمي بـ «ويكيبيديا» التي يتدفق منها المعلومات من حدب وصوب, وينهل منها الجميع – إلا ما رحم ربي - والخطير في هذا الموقع أنه يسمح لأي شخص بإضافة وتعديل وحذف معلومات من معظم المقالات المنشورة دون رادع أو ضابط، والحقيقة أن «نصاً ضعيفاً بمصدر، أفضل من كتابة جيدة غير موثوقة»، والمؤلم أن المحررين المجهولين، لا يمكن تتبعهم، أو مناقشتهم، للاستفادة منهم، أو لمجادلتهم, وأجري خبراء جامعيون استراليون دراسة حول ويكيبيديا وطريقة تحرير المقالات فيها، ووجدوا أن مواضيع ويكيبيديا يحررها أعضاء يتعاونون فيما بينهم، وهم غالباً من غير المتخصصين وليسوا كلهم ذوي اختصاص، من سن الطفولة، إلي الكهولة والمساهمة في الموقع تطوعية، رغبة من المساهم فقط، وهذا جهده إضافي، ورغم قيمته المعنوية، من مشاركات اجتماعية، وتبادل للأفكار، وأنواع التواصل، إلا أن قيمته المادية اللحظية معدومة والموقع لا يتمتع بالمصداقية، وذلك لانفصال المكتوب عن الكاتب، بعكس الكتب الخاصة التي تربط القول بالكاتب وتؤدي إلي شخصنة الفكرة أو الإيمان بمصداقيتها كونها نابعة عن شخص نعرفه ولا نناقش مصداقيته أو نعرفه ولا نؤمن بمصداقيته.
مناسبة هذا الكلام المعلومات التي وردت علي لسان الرئيس محمد مرسي، التي رصدها الدكتور يوسف زيدان – رغم اختلافي معه - وعدد له سبعة أخطاء فادحة الجهل، أولها.. نطق اسم البيروني خاطئاً, ونسب إليه اكتشاف الدورة الدموية الصغري، في حين أن الذي اكتشف الدورتين الصغري والكبري هو ابن النفيس, وقال إنه اشتغل بالفلسفة وهو لم يشتغل بها, وقال إن كتاب جورج سارتون هو «مقدمة في تاريخ العلم» والصحيح أنه «دراسة في تاريخ العلم», وقال إن ابن الهيثم علم الدنيا التشريح، والصحيح أنه برز في الهندسة والبصريات، وليس له إسهام في الطب ولا التشريح, وقال إن جابر بن حيان أسس علم الكيمياء، بينما كانت الكيمياء معروفة من قبله

بقرون عند اليونان والإسكندرانيين والعرب المسلمين, ثم قال إن ابن خلدون «عرّف علم الاجتماع» وإنما ابتكر «علم العمران البشري» الذي رأي بعض الدارسين أنه كان مقدمة لعلم الاجتماع الذي أسسه أوجيست كومت وإميل دوركايم وآخرون.
فمن كتب الخطاب للرئيس وضمنه هذه المعلومات التي استقاها من الموقع سابق الذكر, وهل كلف خاطره بالبحث في المراجع العلمية الموثقة بعيداً عن هذا الموقع المتاح للعامة ولا يصح أن نأخذ منه دون تمحيص وتدقيق، خاصة إذا كان الكلام سيقال علي لسان رئيس دولة بحجم مصر وفي محفل دولي مهم, وهل هذا الرجل – الذي لا نعرفه - مؤهل لهذه المهمة التي أراها ليست بالهينة, هذا إذا سلمنا بصحة كلام «زيدان» فنحن لسنا متخصصين, أما إذا كان كلامه غير ذلك فلماذا لا يخرج علينا مسئول رئاسي يوضح لنا الأمر, ويشرح لنا ما حدث, حتي لا تهتز صورة الرئاسة في أعيننا, وحتي ينتهي الجدل في هذا الموضوع الذي شغل الرأي العام الفترة الماضية, وتعالت الأصوات ما بين مصدق وناقم علي الرئاسة وأحوالها, ومكذب يتهم أعداء الرئيس بتصيد الأخطاء والبحث عن الصغائر, بل ويرد بورود هذه المعلومات في الموقع السابق, وهو أمر خطير يضفي قدسية – لست من حقه - علي موقع متاح للجميع.
لابد من التواصل مع المواطنين وعرض كل ما يحدث بصدق وشفافية, ومشاركتهم في صنع القرار حتي يتحمل الجميع المسئولية, وتغلق جميع الأبواب التي نطلق منها الشائعات, وتحتاج إلي فترة طويلة لنفيها.. فهل نفعل؟
[email protected]