رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متى تنتهى رحلة الحياة؟

كثير منا بعد سن الستين ـ وربما قبلها ـ يفضل الانسحاب من الحياة العامة موقنا أن الرحلة قد انتهت, ولابد أن يستريح ويركن الى الهدوء ويستمتع بما تبقى من أيامها, بعد أن أدى واجبه, ولم يعد لديه ما يعطيه.

والقليل من يظل يعطى ما دام فيه قلب ينبض, مؤمنا بالحكمة القائلة (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) من هذا القليل الشيخ المعمر معوض عوض ابراهيم الذى تجاوز عامه المائة منذ أيام وما زال على العهد حاملا أمانة الكلمة, حريصا على نفع الناس بما حباه المولى عز وجل من علم (لدنى) لا يعطى لكثير من عباده , ولكن الشيخ ممن عرفوا الله فعرفهم, وحفظوا الله فحفظهم, فتجده دائما فى أحد المساجد ـ التى تقع فى نطاق منزله بميدان المطرية بالقاهرة –يؤم المصلين فى صلاة الفجر ويلقى كلمة طيبة لا يقل زمنها عن ربع ساعة, هذا جزء يسير من حياة الشيخ الذى لم يغيره منذ أكثر من ثمانين عاما ,لم ينقطع عن مجتمعه, يتابع قضاياه ,ويحلل مشاكله, ويضع الحلول المناسبةـ ما استطاع الى ذلك سبيلا- من اقواله الماثورة (من غير الصواب أن نري في المجتمع ضربا من الفساد أو نوعاً من الخلاف عن طائفة الهدي ثم لا نسارع إلي إصلاح ما فسد و تقويم ما أعوج قبل أن يصير أمر الحياة والأحياء إلي مستوى المستحيل الذى لا نستطيع له رداً.. ووسائل الإصلاح كثيرة تؤديها منارات الهدى ومنابر التقويم والكلمات التي يؤديها في ذلك السبيل وسائل الإعلام البانية صحافة وإذاعة وتلفزة وقنوات كثيرة وقال أيضا (النية الطيبة الماضية, ماضية في نور من الله ونفحة من مصطفاه إلى الغاية الكبرى والنهاية التي يصلح بها العاجل والآجل إن شاء الله) وقال عن الازهر (الأزهر هو الأب والأم, والمنهل العذب, والمنزل الرحب, والمستقر الآمن, والمنطلق إلى كل ما هو خير).
.. أما حياته الاولى فهى سلسلة من الكفاح والجهاد وهبها للدعوة الى الله عز وجل وأخلص فى الطلب فأعانه مولاه عليه، فقد حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وعلى أن يسخر ذاته للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا، فقضى أكثر من 70 عامًا يدقّ أبواب العلم وقلوب الراغبين في الصراط المستقيم، وعلى امتداد مائة عام هي عمره حاليًا ظلّ مرشدًا ومعلمًا داخل مصر وخارجها في العديد من البلاد العربية والإسلامية.
بعد أن أنهى الشيخ دراستهُ عَمِل واعظاً للأزهر في مدينة أسوان

لمدة ثلاث سنوات، وذلكَ من عام 1942 م حتى عام 1945 انتقل بعدها لمدينة الفيوم لمدةِ ثلاث سنوات كذلك، ثُم انتقل إلى مدينة بور سعيد لمدة ثمانى سنوات, وفي عام 1956 ابتعث إلى لبنان للتدريس في كلية الشريعة ببيروت حتى عام 1962، وبعدها عادَ إلى القاهرة ، ومكثَ فيها أشهراً، وفي نفس السنة ابتعث إلى اليمن مع نخبةٍ من العلماء والدعاة ، ومكث بها قُرابة أربعة أشهر، والتقى خلالها بأعلام اليمن وعادَ بعدها إلى مصر، وأنشأ فورَ عودته معهداً دينياً في محافظة بور سعيد، وترأسه مدة عام ، ثُمّ ابتعث إلى الأردن، وذلكَ منذ عام 1965 حتى عام 1969 ,وفي عام 1973 انتدب للتدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية الشريعة لمدة سنتين، ثُمّ انتقل بعدها إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وعمل فيها باحثاً علمياً تحتَ رئاسة سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ الذى دعا له قبل أن يراه, وعندما سأله الشيخ معوض عن ذلك قال له : كنت راكبا السيارة إلى المطار في الرياض فاستمعت إلى حديثك في الإذاعة الصباحية فدعوت لك.
وبعدها انتقلَ إلى المدينة المنوّرة، وعمل أستاذا بالجامعة الإسلامية زَارَ عدة بلدانٍ منها: لبنان، والأردن، وسوريا، واليمن، والسعودية، والكويت، وقطر، والبحرين، وباكستان.
ان مسيرة الشيخ الحافلة تعطينا درسا شديد الأهمية ـ خاصة فى هذه الايام التي كثر فيها القول وقل العمل ـ فحواه أن رحلة الحياة يجب ألا تتوقف طالما سر الله موجود فى الانسان , وأن العطاء ليس له أية علاقة بالعمر.
[email protected]