رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجود مبارك في مصر خطر على الثورة

لاشك أن شعب مصر يقدّر الدور الذى قامت به القوات المسلحة لحماية ثورة ٢٥ يناير.

فبعد انهيار أجهزة الأمن فى واحد من أكثر مشاهد التاريخ السياسى المصرى غرابة وغموضا، اضطر رئيس الدولة السابق أن يلجأ إلى الجيش وأن يصدر إليه الأمر، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، للنزول إلى الشارع وتولى مهمة حفظ الأمن الداخلى.

 

الجيش والثورة

لكن.. وتحت شد وجذب بين ثورة شعبية متأججة ومتصاعدة تصر على إسقاط النظام، وحاكم شديد العناد يصر على الاحتفاظ بالسلطة مهما كان الثمن، وضع المؤسسة العسكرية المصرية في موقف بالغ الحرج، حسبما كتب الدكتور حسن نافعة في "المصري اليوم".

وعندما تبين للجيش أن عناد الحاكم أصبح يشكل خطرًا على أمن البلاد في ظل تواصل ضغط الشارع وتصميمه على إسقاط النظام، اضطرت المؤسسة العسكرية في نهاية المطاف أن تضحى بالحاكم وطلبت منه التنحي، والأرجح أن تكون قد أرغمته عليه.

والآن... –والكلام لنافعة- هناك شواهد كثيرة تشير إلى أن الحالة السياسية الراهنة تتسم بسيولة كبيرة، وتبدو في حقيقتها أكثر تعقيدا بكثير مما هو ظاهر على السطح. فهناك، من ناحية، شواهد كثيرة تدل على جدية المؤسسة العسكرية في الاستجابة للإصلاحات المطلوبة، غير أن هناك، من ناحية أخرى، شواهد أخرى تشير إلى أن الحركة على طريق الإصلاح تمضى ببطء شديد ولا تسير في الاتجاه الصحيح، وربما تتعمد منح بقايا النظام القديم الفرصة لالتقاط الأنفاس والانقضاض على الثورة.

وبالعموم.. يبقى أن نؤكد على أن "شكر الجيش على ما قام به لحماية ثورة ٢٥ يناير لا يعنى عودة للاستسلام من جديد لأي نوع من الأوهام. فالشعب يرفض الآن رفضًا قاطعًا أن يوكل لأحد، حتى ولو لمؤسسته العسكرية الوطنية، حق التصرف في تحديد مستقبله. وتلك هي الرسالة التي بعث بها لكل من يهمه الأمر حين خرجت ملايينه من جديد يوم الجمعة الماضي، مؤكدًا أنه لن يسمح لأحد مهما كان بالعبث بمستقبله من جديد. وعلى الكل أن يدرك أن الشعب فوّض المجلس الأعلى للقوات المسلحة في حماية ثورته وليس في إدارتها نيابة عنه."

الشعب يريد إسقاط النظام

نعم.. فنحن نريد ألا ننسى هدف الثورة الأول، ونبقى على هذا الهتاف مدويًا فى الفضاء المصرى حتى يتحقق، لأنه وحسب ما يقول الأستاذ فهمي هويدي في "الشروق" صار يُسمع فى الجزائر تارة وفى عدن وصنعاء تارة أخرى، فى حين اختفى من مصر تماما. لذلك نخشى أن يظن الذين ظلوا يرددونه كل يوم طوال أسبوعين على الأقل أن مهمتهم قد انتهت حين تنحَّى «الرئيس» عن منصبه.

ما دعاني إلى الدعوة إلى استحضار النداء –والكلام لهويدي- أن ما نشهده الآن فى مصر يذكرنا بأن رأس النظام وحده الذى سقط فى حين أن جسمه لايزال موجودا ولم يكف عن الحركة التى لا نستطيع أن نطمئن إلى براءتها. فثمة إشارات لاحت مؤخرا، بدا منها أن بعض المنتفعين بالنظام يحاولون الالتفاف على الثورة، ولا نستبعد منهم أن يسعوا إلى إجهاضها. ولا سبيل إلى التصدى لذلك إلا بدق الأجراس التى تلفت الأنظار إلى أن الشعب غير مستعد للتنازل عن مطلب إسقاط النظام، كما تنبه إلى محاولات القفز والإجهاض التى يراد لها أن تختطف الثورة أو تفرغها من مضمونها.

لكن الرأس لايزال موجودا

لكن الأستاذ محمد حسنين هيكل له وجهة نظر طرحها في حوار أجراه مع التليفزيون المصري، ونشرته الصحف المصرية كلها تقريبا، مفادها "إن اختيار مدينة شرم الشيخ مقرًا لبقاء الرئيس مبارك الآن بعد الثورة اختيار خاطئ تماما، مشيراً إلى أن شرم الشيخ جزء من خطة تأمين الرئيس البوليسية المعدة مسبقاً، ناصحاً الرئيس بمغادرة المدينة تماما".

وقال "إن الشعب لديه الحق في التشكك في كون الثورة المضادة تدار من مقر الرئيس في شرم الشيخ بمشاركة إسرائيلية أمريكية، خاصة أن الجهتان تحديدًا مستفيدتان من بقاء مبارك في الحكم، إذا ما وضعنا في منظورنا صفقة بيع الغاز لإسرائيل على سبيل المثال وما فعله مبارك لتأمين الدولة العبرية". وتابع قائلا "لابد أن نكون كرماء مع كل الذين كبروا في السن، لكن كلنا كبرنا في السن ولدينا مرض، وموقع شرم الشيخ يستغله كثيرون، دعونا لاننسى أن الوزير الإسرائيلي بن إليعاز وصف الرئيس مبارك بأنه "كنز استراتيجي لإسرائيل".... شرم الشيخ لم تكن منتجعا.. وإنما جزء من خطة التأمين في الدولة البوليسية، ذلك لأنها مكان مفتوح يستطيع أن يخاطب الشعب منها ويسيطر عليه، كما أنها بعيدة عن الكتل السكانية.. بعيدة عن تجمعات الجيش.. وعلى مقربة من القوة الأمريكية الموجودة في شمال شرم الشيخ.. بالقرب من البحر.. وتوجد فيها العديد من القوة الدولية والإقليمية الآن.. هو موقع بديع وضع عليه مبارك ظلا سياسيا".

هل يعيّن الجيش "مبارك" جديدًا؟

أضف إلى "وجع البطن" الذي حدث لك مما سبق أيضا ما يخشاه كثيرون الآن من أن يدفع الجيش بأحد رموز النظام القديم لمقدمة المشهد في مصر، والدليل على ذلك ما ورد في التقرير الذي نشرته صحيفة الصنداي تليجراف عن تلك المخاوف.

فيشير مراسل الصحيفة البريطانية إلى أن احتفالات النصر يوم الجمعة شهدت ما بدا أنه نهاية لشهر العسل بين المتظاهرين والجيش، إذ كسر المحتجون حاجز عدم انتقاد الجيش.

ويخلص إلى أن المحتجين متشككون في التزام الجيش بإصلاح نظام دعّمه دائما واستفاد من وجوده لعقود، وأن الخوف الأكبر هو من أن يلجأ الجيش لتقديم جنرال متقاعد أو احد رموز النظام القديم لمنصب الرئاسة.

ويفصل التقرير المصالح المالية للجيش والتي تمتد في عدة قطاعات من صناعة الأغذية إلى الأسمنت والوقود والبناء والفندقة.

ويستفيد الجيش في مشروعاته من استخدام جنوده موفرا كلفة العمالة، كما أنه لا يدفع ضرائب ولا يعاني من البيروقراطية التي تواجه المستثمرين. كما يملك الجيش مساحات واسعة من الأراضي، خاصة في مناطق استراتيجية مثل شاطئ البحر الأحمر الذي أصبح قبلة سياحية مهمة.

ويقول التقرير إن العسكريين يدركون أن كل امتيازاتهم ومكاسبهم يمكن أن تتعرض

للخطر بسبب الثورة الشعبية.

ومن الأسماء المطروحة ـ حسب التقرير ـ للترشيح للرئاسة في مصر في الصيف المقبل رئيس الأركان الحالي الفريق سامي عنان، الذي سيكون عليه أن يستقيل من منصبه ليترشح للرئاسة.

إلا أنه يؤخذ على عنان أنه كان مقربًا جدًا من الرئيس السابق حسني مبارك.

الإخوان والثورة

وعن قضية أخرى شغلت الرأي العام والكتّاب خلال الفترة الماضية، وهي علاقة الإخوان بالثورة ومن ثم دورها في المجتمع والبلاد بعد نجاحها يقول جابر حبيب في "الشرق الأوسط": "في حالة الإخوان المسلمين يبدو لي أن الجلوس في الخلف كان خيارا مدروسا بعناية أكثر من كونه نتيجة لضعف الحركة أو تأخرها. لقد استعمل «الإخوان» نوعا من التقنية الذكية من أجل إبطال الحجج التي حاول النظام أن يراهن عليها في تأليب القوى الغربية على الثورة بالقول إنها مدفوعة من الإسلاميين وستتحول إلى حركة شبيهة بالثورة الإيرانية، ثم جاء موقف «الإخوان» بالإعلان عن نية عدم ترشيح أي من أعضائهم لانتخابات الرئاسة القادمة ليمثل استمرارا لسياسة جديدة تتسم بالاعتدال السياسي والتراجع عن المناهج الراديكالية ولتأهيل الحركة للوضع السياسي الجديد القائم على التنافس الديمقراطي، ومن هنا أعلنت الحركة أيضا أنها بصدد إقامة حزب سياسي في خطوة أخرى بنفس الاتجاه تؤشر إلى أن الإسلاميين بدأوا يدركون أن اللعبة الديمقراطية تحميهم قبل غيرهم، وأن «الحزبية» ليست عصيانا للدين أو فتنة بقدر ما هي آلية معاصرة لتنظيم الحراك السياسي واللعبة الديمقراطية."

ليسوا الإسلاميين.. بل الشعب

وفي هذا الاتجاه نقرأ في صحيفة "الإندبدنت" لكاتبها الأشهر روبرت فيسك مقالا بعنوان "هذه تظاهرات شعبية علمانية .. لكن الجميع يتهمون الدين".

يقول فيسك إن الدين كان له دور محدود فيما يحدث حاليا من ثورات في العالم العربي، وأن إطاحة النظامين في كل من مصر وتونس لم تأت بدعم من أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.

ويقارن الكاتب بين خطأ شاه إيران في نهاية السبعينيات حين كان يواجه ثورة إسلامية واتهم الشيوعيين، وبين ما يفعله الحكام العرب الآن باتهام الإسلاميين.

وكما فعل بن علي في تونس، ونظام مبارك في مصر، يقول روبرت فيسك إن النظام في البحرين يتهم حزب الله ـ أي إيران ـ بأنه وراء الاحتجاجات، ويتهم ملك الأردن القاعدة والإخوان المسلمين.

ويخلص الكاتب إلى القول: "من الأفضل تجاهل كل المحللين، ومراكز الابحاث التي يحتل خبراؤها شاشات الفضائيات. فإذا كان بإمكان التشيك نيل حريتهم لماذا لا يفعلها المصريون؟ وإذا كان يمكن الإطاحة بالديكتاتوريات في أوروبا ـ الفاشية ثم الشيوعية ـ فلم لا يطاح بها في العالم العربي الإسلامي؟ ولنخرج الدين من الموضوع".

الثورة بين العالم الافتراضي إلى المجتمع الواقعي

وبشكل عام فإن قضية "الثورة من العالم الافتراضي إلى المجتمع الواقعي!" بات مجالا واسعا وقضية خصبة للدراسة والنقاش، وهنا لابد أن نستدعي ما كتبه السيد ياسين في صحيفة دار الحياة: "وقفت طويلاً أمام التحول إلى مجتمع المعلومات العالمي ولذلك أصدرت آخر كتبي بعنوان «شبكة الحضارة المعرفية: من المجتمع الواقعي إلى العالم الافتراضي» لأنه أتاح لأجيال الشباب الغاضب والثائر على النظم الديكتاتورية والسلطوية، مجالاً رحبًا للتعبير الطليق عن الذات من دون قيود أو حدود. وقد استحدثت أدوات جديدة للاتصال تمثلت أساساً في المدونات و«الفيس بوك» و «التويتر»."

وأضاف أن ابتكار «الفيس بوك» غطى – إلى حد كبير – على تأثير المدونات، لأنها تحولت من شبكة اجتماعية إلى شبكة سياسية، يتم من خلالها التخطيط للوقفات الاحتجاجية والتظاهرات بل وللثورة!

نعم! لقد تم التخطيط لثورة 25 يناير المصرية على شبكة «الفيس بوك»، بين شباب ناهض لا يعرف بعضه البعض معرفة شخصية، ولكنهم أجمعوا على معارضة توجهات النظام السياسي المصري السلطوي وممارساته المنحرفة في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة.

وهؤلاء هم الطليعة من الشباب المصري المتعلمين تعليماً جيداً، وممن يتقنون اللغات الأجنبية، ويعرفون فنون الإبحار في شبكة الإنترنت، والمطلعين على أحوال العالم، والمتابعين للموجة الثالثة للديمقراطية وسقوط الشمولية إلى الأبد..