رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فايز الفايز يكتب : زمن الغرائب العربية

بوابة الوفد الإلكترونية

لا ألوم اليوم من يقف بعيدا عن المشهد، حتى وإن أغلق عينيه وأذنيه وفمه، لأن ما يحدث على أرض العرب ما كان ليحدث لو أن الزمن زمن الجاهلية الأولى ولا الجاهلية الثانية، حينما كان أغلب العرب في الصحارى والفيافي القفار والبوادي

بدوا رحلا يتقاتلون طلبا للكلأ والماء وتفاخرا ببطولات ينسجها الشعراء، افتحوا أعينكم جيدا حول هذا العالم المترامي في قاراته الست، هل هناك من بلد صغر أو كبر لا تزال تقتله الحرب الأهلية وتآمر الأنظمة والجيوش النظامية على شعبه إلا في بلاد العرب؟!
إذا كانت مصر "أم الدنيا" والوالد الكبير للعالم العربي والزاوية الصلبة في بناء الجامعة العربية، والأكبر عددا والأعرق تاريخا بين شعوب العالم، ينتهي بها المطاف إلى هذا المنزلق الخطر، وتعود إلى حكم العسكر الصغار بكل جسارة واعتداد بالقوة العسكرية، وكأن الجيش هو لنصف الشعب، وكأن الحكومة هي حكومة أهل القاهرة أو بعضهم، فتلك لعمري علامات آخر الزمان، إذ سيأتي أمر الله ونحن غافلون.
من يقنعني أن وزير الدفاع المصري "السيسي باشا" هو صاحب فكرة إنقاذ مصر، وأنه الفارس المقنع الذي جاء على حصانه الأسود ليطارد الأشقياء ويطرد الذئاب عن قرى مصر، ويفتك بالفتنة التي أطلت برأسها على أرض الكنانة، أي وزير هذا الذي يأتي فجأة دون مقدمات وزيرا للدفاع بعد عجوز أمضى عقدين من الزمن وزيرا للدفاع، هو المشير الطنطاوي الذي لم نسمع منه أي تصريح حول ما يجري، هل يقول لنا أحد أين هو الآخر؟ وهل له رأي في مقتل كل هذا العدد من الأبرياء في معركة تصفية الحسابات بين الإخوان الذين حكموا وبين العسكرتاريا وكبارها الذين ندموا على صناعة الديمقراطية الحديثة في مصر.
ما ذنب الديمقراطية التي امتطوها فجاءت بالدكتور محمد مرسي رئيسا مدنيا لمصر منذ ستين عاما، ما ذنبها حتى تعقر وتقطع عراقيبها لأن مجموعة ما لا يعجبها ما يجري، ولم يعجبها نتيجة الانتخابات، فإن كان فاز مرسي بأغلبية ضئيلة، فإن جورج دبليو بوش قد فاز بحكم محكمة في فترته الأولى بعدما تساوت أعداد الأصوات لكل منهما تقريبا، لا بل تم التشكيك بعدد الأصوات التي حصل عليها بوش مقابل منافسه آل جور، حتى باتت أمريكا على شفا انقسام سياسي واجتماعي غير مسبوق لو لم تسعف محكمة فلوريدا العليا بوش بناء على قوانين ولاية فلوريدا، ومع هذا فقد جلب بوش الابن القادم للثأر لأبيه هلاكا للاقتصاد الأمريكي والعالمي بتجريده جيوش العالم لمطاردة شبح الإرهاب حول العالم واحتلال العراق وقبله أفغانستان، ومع ذلك العالم كله رضخ له وأعيد انتخابه من جديد لفترة ثانية.
العالم العربي بات مرتعا للغرائب والعجائب، فدول تطفوا فوق محيط هادر من الفائض المالي، وأخرى كثيرة تدفن في قاع محيط

آخر من الفقر، ووجه الشبه بينهم جميعا هو الاضطراب في النهج السياسي والتضارب في المصالح، والخشية من التدخلات الخارجية، والنظر بعين الريبة للداخل الوطني، فيما لم يعد أحد من الشعوب يقبل بالنهج الذي يسير عليه النظام الحاكم، مع تباين واضح وأحيانا غير واضح في ردود فعل الشعوب على نهج أنظمتها ما بين ثائر وآخر ثاو على مضض، ولو فتح الباب لشيطان جديد كي يدخل بين الشعوب التي لا تزال تؤمن بأهمية استقرار بلدانها، لوجدت غالبيتهم يهتفون في الشوارع ضد النظام حتى ولو لم يدركوا ماذا يفعلون!
وحدهما الدولتان الغريبتان عن هذا العالم العربي إيران شرقا، والكيان الإسرائيلي غربا أوسطيا تنظران إلى مجريات الأمور بعين مصالحهما، فما جرى في مصر يخدم إسرائيل رغم تصريحات شيمون بيريز الترويجية، وكذلك ما يحدث في سوريا من مجازر رهيبة وتدمير للدولة ومقدراتها، فهو كنز يرتبط بلعنات بني إسرائيل القدماء، فخصوم ضعفاء منقسمون يتقاتلون يريحون جبهة الكيان الخارجية، فيما إيران التي تعثرت مسيرة تمددها عبر قناة السويس اقترابا من مصر التاريخية والتفافها حول العمق العربي الإفريقي، طاردها النحس فيما جرى بمصر، ولذلك ستجدد عطاءها في سوريا دعما للنظام هناك، وكذلك دعم نظام المالكي في العراق وهو الذي أمعن في الشوفينية العقائدية ضد أهل السنة وغير أتباعه من أبناء العراق.
من هنا وبناء على المفارقات التي جرت وتجري، لا أستبعد أن نرى الفريق السيسي وقد أصبح رئيسا لمصر في نسخة جديدة من مسلسل الغرائب، فمن سيمنعه ما دامت هناك قوى خفية تدعمه، وتجعله يطلب تفويضا ليس بحاجته، وتفويضا رئاسيا يعطيه صلاحيات الضابطة العدلية لاعتقال المدنيين، والعودة إلى عصر شمس بدران وصلاح نصر، فأي ديمقراطية هذه التي تنتهي صلاحياتها بعد عام واحد فقط، أهي ديمقراطية معلبة في علبة فول مدمس؟!
نقلاعن صحيفة الشرق