عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسامة غريب يكتب :تحذير من المناظرات

بوابة الوفد الإلكترونية

تثير المناظرة التي جرت وقائعها بين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والسيد عمرو موسى جدلاً في الشارع المصري والعربي أيضا، وهذا الجدل يقتضي منا ان نوضح وننبه ونحذر كل من يستخفهم الطرب ويتصورون المناظرات في مصر شبيهة بالمناظرات في أمريكا وأوروبا، وهو الأمر غير الصحيح

بالمرة.المناظرات بين نيكسون وكيندي أو بين كارتر وريجان واختيار الشارع الأمريكي لأي من المتنافسين لم تكن لتترتب عليه نتائج خطيرة في حياة الأمة الأمريكية أو المواطن الأمريكي، كما ان التناظر بين ميتران وديستان أو بين ساركوزي وأولاند ليس له تأثير جسيم على مكانة فرنسا وحياة الفرنسيين..فهذه بلاد قد ضمنت لمواطنيها منذ عقود ان لم يكن منذ قرون الحياة تحت ظل القانون والمساواة والشفافية والعدل والكرامة الانسانية.ويوم الانتخاب عندما يذهب الناس الى الصناديق في هذه البلاد يكون يوماً كرنفالياً احتفالياً يهدف لاختيار رئيس يكون أقدر من غيره على تطوير وتحسين نوعية الحياة واتاحة مزيد من المزايا في العلاج والتعليم ومستوى المعيشة..أما الأمور المتعلقة بتحقيق الديموقراطية وضمان نزاهة الانتخابات وجعل المناصب بالكفاءة دون الكوسة أو ضمان قيام الشرطة بواجبها الطبيعي في الحفاظ على حياة البشر وليس قتلهم، وجعل مهمة الجيش هي حماية الوطن وليس بيع الفطير المشلتت...كل هذه الأشياء هي من البديهيات ومن الأمور المعلومة من الحياة بالضرورة ولا يحتاج الناس الى انتخاب رئيس ليحققها لهم.أما هنا في بلادنا فالأمر جد مختلف ولذلك فلا يجدر بالناس ان تنجذب الى صراع الديكة في المناظرات وتهتم بالأكثر أناقة أو بمن يحسن استخدام لغة الجسد..تلك الموضة التي نشطت وسائل الاعلام في الجري خلف خبرائها، ولا يجدر ان ننتخب من يمتلك البلاغة اللفظية أو القدرة على المراوغة والحديث المعسول بصرف النظر عن تاريخه، فكل وسائل الغرب وتقاليده في المناظرات تصلح لمجتمعاتهم التي حققت الوفرة في الخبز والكرامة وتتطلع لمزيد من الوفرة، وحيث لا يوجد بين المرشحين لديهم قتلة ولا لصوص، أما عندما تكون الديموقراطية حلماً خضنا من أجله الأهوال وقمنا بثورة لتحقيقه وسالت دماؤنا على الأسفلت لنعيشه، وحيث المساواة غائبة تماماً والثروة استولى عليها أصحاب الحاكم اللص وأعوانهم ممن قامن ضدهم الثورة، وعندما يكون نصف الشعب قابعاً تحت خط الفقر وتكون الخدمات متدنية، فان مؤهلات المرشح الرئاسي لابد وان تكون مستندة الى كفاءته السياسية وقدراته الادارية وتاريخه النضالي وليس قدرته على الثرثرة

وتخدير الناس..لذلك فقد أزعجتني فكرة ان يقارن بعض الناس أثناء المناظرة التي جرت بين أبو الفتوح وعمر موسى بين الرجلين من حيث شياكة البدلة والنظر الى الكاميرا والصوت العالي والمراوغة وما الى ذلك من الأشياء التي يمكن ان تساعد في حسم تردد الناس في أوروبا وأمريكا.ان دولة مثل الولايات المتحدة قد احتملت ان تختار بالخطأ رئيساً غبياً بلا قدرات مثل جورج بوش الابن لمدة ثمان سنوات ولم تتعرض للانهيار، كما احتملت رئيساً جاهلاً شديد الضحالة مثل رونالد ريجان دون ان تحدث كوارث لأن مؤسسات الدولة المتماسكة تدير الأمور بكفاءة في كل الحالات..أما في مصر الجريحة التي مازالت تنزف من حكم سيد الأنطاع فان الأمر مختلف تماماً، فالناس تنظر للرئيس القادم على أنه الملاذ والأمل.لذلك فانه من العار ان نعقد مقارنة، مجرد مقارنة بين عبد المنعم أبو الفتوح وهو رمز كريم من رموز الثورة وبين أحد سكرتارية مبارك..هذا لا يليق ولا يصح منذ البداية.من الممكن ان نستمتع بالمناظرة من باب تعويد أنفسنا وتدريبها على آليات التنافس الانتخابي لكن لا نغفل لثانية واحدة عن طبيعة كلا المتناظرين وتاريخ كل منهما وما قدمه لمصر طوال مشواره.الضحك والسخرية على المناظرات مباحة والاستمتاع بالتصارع والتطاحن مقبول، لكن الاختيار تحكمه أشياء أخرى..أشياء لا تشتري مثل الرجولة والتضحية والكفاءة والبسالة في مواجهة القتلة والمجرمين لا العمل في خدمتهم.أرجو ان أكون قد أوضحت المسألة حتى لا تختلط الأمور في أذهان الناس فينسون دماء الشهداء وينخدعون بأصحاب البلوفرات أو سادة الهلفطة والكلام الفارغ!.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية