رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصة شباب أكتوبر

شباب أكتوبر الذى عبر قناة السويس منذ 40 عاماً كان معظمهم مجنداً فى صفوف القوات المسلحة منذ نكسة يونيو 1967، لكن آلافاً غيرهم كانوا فى مراحل التعليم المختلفة،

يتظاهرون مطالبين الرئيس الراحل أنور السادات بالقتال لتحرير سيناء المحتلة، يتظاهرون مطالبين بالقتال، وهم واثقون فى قرارة أنفسهم أن «السادات» لن يحارب، وأن كلامه عن الضباب السياسى الذى عطل المعركة هو تبرير لا أكثر، عرض عليهم السادات أن يتطوعوا فى صفوف الجيش، لكى يستعدوا للقتال الذى يهتفون من أجله، ظن الشباب أن القائد يخدعهم، لكى يتخلص من هتافهم وضجيجهم، ولم يتطوع أى منهم فى صفوف القوات المسلحة.
بعدها بشهور قليلة بدأ العبور العظيم، فتغيرت الظروف وتغيرت معها النفوس.. وتحول شك الشباب فى نوايا القائد إلى يقين بالنصر، وأندفعو آلافاً مؤلفة فى اليوم التالى مباشرة الأحد 7 أكتوبر 1973، يطلبون التطوع للقتال فى سبيل الوطن، قررت الحكومة المصرية الاستفادة بهم دعائياً، لإظهار أن الشعب كله مستعد للقتال إلى جانب جيشه، وبالفعل أعدت لهم برنامجاً تدريبياً مكثفاً، قام به مدربون من القوات المسلحة، تضمن فنون الاشتباك اليدوى «الكاراتيه» واستخدام البنادق النصف آلية، وكانت وقتها سلاحاً حديثاً جداً، وحرص المسئولون المشرفون على التدريب على إخراجه فى أفضل شكل وفى مكان عام «وهو مركز شباب الجزيرة» وأتوا بالصحف الأجنبية ووكالات الأنباء العالمية، ليشاهدوا التدريبات الرائعة فى مكان واسع وجميل وتحت شمس شهر أكتوبر الدافئة.. وهكذا حققت الحكومة هدفها الدعائى، وأرادت إنهاء هذا الاستعراض الناجح، لولا المفاجأة العظيمة.
لقد صدق الشباب أنه ذاهب لتحرير الأرض، وصدق الضباط والجنود أنهم يدربون أسوداً للقتال فى الصفوف الأولى، ووجد المسئولون أنفسهم مضطرين أن يكملوا مشوار البطولة، وقرروا اختيار عدة مئات من الألوف التى بدأت التدريب ليحصلوا على تدريب أرقى وسريع فى نفس الوقت، وهنا انهمرت دموع الشباب الذين لم يقع عليهم الاختيار حزناً على حرمانهم من شرف الدفاع عن الوطن، وفى الوقت نفسه امتلأ الشباب المختارين ثقة فى النفس وشوقاً إلى قتال العدو الصهيونى، وهكذا تلقوا التدريب الأرقى فى معسكر حقيقى فى حلوان بعيداً عن العيون وكاميرات الصحافة، وكان تدريباً على جميع الأسلحة المتوافرة من المدافع الرشاشة و«الطبنجة» حلوان، والمدفع «براوننج» سريع الطلقات وغيرها كثير، إلى جانب فنون القتال والزحف فى أسوأ الظروف.
وقرر المشرفون على التدريب أن يسافر المتطوعون

فوراً إلى مدينة الإسماعيلية، ليشاركوا فى الدفاع عنها إلى جانب قوات الأمن المركزى، التى تحملت المسئولية لانشغال الجيش بتصفية ثغرة «الدفرسوار»، التى تسلل منها العدو الصهيونى قرب الإسماعيلية، وتسرب حتى وصل إلى مدينة السويس الباسلة، وهكذا قرروا سرعة السفر واستكمال التدريب على أرض المعركة، فكان تدريباً حقيقياً سقط أثناءه شهداء وجرحى، ولم يجذع أحد ولم يتسرب الخوف إلى قلب أحد، وظلوا مرابطين فى مواقعهم على الضفة الغربية لقناة السويس، حتى توقف القتال وتم الاتفاق على تصفية الثغرة، وحل وقت العودة إلى القاهرة، وتساقطت دموع الفراق من الضباط والجنود الذين أشرفوا على استكمال تدريب المتطوعين ومن المتطوعين الذين حزنوا على حرمانهم من شرف المرابطة على الحدود.
هذه قصة شباب أكتوبر العظام الذين ظهر معدنهم الأصيل وقت الشدة وحين حلت ساعة الجد والجهاد والاجتهاد.. وتدفعنا هذة القصة إلى الأمل والتفاؤل بأن شباب أكتوبر 2013 سيكون على نفس المستوى من الصدق والحماس والثقة فى الله وفى القيادة الوطنية، ويندفعوا إلى العمل كل فى مجاله، ويتطوع شباب الجامعات لخدمة الوطن فى كل مكان، ولعل محو الأمية هى المهمة الأولى المطلوبة فى هذة المرحلة.. والمهام الوطنية كثيرة ومتعددة، ويتسع مجالها لألوف وملايين الشباب، حتى تصل مصر الحبيبة إلى ما تستحقه من مكانة وعزة ورخاء.. هل يتحقق هذا الأمل، الذى يؤكده التاريخ القريب، ويظهر شباب أكتوبر بحماسه وقوته وإخلاصه وعلمه.. تعالوا ندعو الله العلى العظيم أن يهدينا جميعاً إلى الخير ويبعدنا عن الشقاق والاختلاف، الذى يقودنا حتماً إلى الهلاك والهزيمة والخراب.