رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدكتور نبيل لوقا بباوى يكتب: الدستور يرفض التصالح مع الإرهابيين

بوابة الوفد الإلكترونية

المادة 59 تنص على «الحياة الآمنة حق للإنسان وتلتزم الدولة بتوفير الطمأنينة لكل مقيم على أرضها»

لا يجوز لأى مسئول المصالحة مع الجرائم الإرهابية طبقاً لقانون العقوبات

الرئيس يشدد فى مؤتمر ميونخ على ضرورة التصدى لتمويل الإرهابيين بالمال والسلاح

مصلحة استراتيجية أمريكية - مصرية فى مكافحة ظاهرة التطرف على مستوى العالم

 

أولاً: منذ عدة أيام اشترك الرئيس السيسى فى مؤتمر ميونخ بألمانيا للأمن وهو المؤتمر الأهم فى العالم للتعاون الدولى فى مجال مكافحة الإرهاب دولياً، ولأول مرة يتحدث رئيس دولة غير أوروبية فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مما يؤكد مكانة مصر الدولية وعودتها إلى مكانتها الرفيعة فى السياسة العالمية وتقرير المجتمع الدولى، وأصبحت مصر نموذجاً دولياً فى كيفية القضاء على الإرهاب تحاول دول العالم دراسة التجربة المصرية فى القضاء على الإرهاب،

وفى هذا المؤتمر وقبله بأيام من خلال رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى وحضور الرئيس ذلك المؤتمر نادى الرئيس بالتعاون المشترك بين أفريقيا وأوروبا فى مجال مكافحة الإرهاب دولياً والتعاون فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث نجحت مصر فى هذا المجال بنسبة 100٪ فى ضبط سواحلها وحدودها فلم يحدث تسجيل أى حادث هجرة غير شرعية فى مصر إلى دول أوروبا ،وفى كل من مؤتمر ميونخ بألمانيا ورئاسة مصر الدول الأفريقية يعلن الرئيس السيسى أن الإرهاب ظاهرة عالمية دولية من الممكن أن يحدث فى أى دولة فى العالم لذلك تجب مكافحة الإرهاب بصورة جماعية ومواجهة كل من يساعد الإرهاب بالتمويل والمساندة وتقديم الأموال للإرهابيين وتقديم السلاح للإرهابيين، ولابد من تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية ومن يمولها، حيث أعلن الرئيس السيسى فى ميونخ وأديس أبابا أن الإرهاب ظاهرة تحتاج تكاتف دول العالم من خلال مقاومة شاملة لا تقتصر على البعد الأمنى فقط بل لابد من مواجهة سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية، وأن الشعب المصرى خرج بكل طوائفه، فقد خرج ثلاثون مليون مصرى يرفضون الدولة الدينية، وفى مصر مبدأ المواطنة هو السائد لا فرق بين مسلم ومسيحى، ورغم أنه رئيس مسلم، إلا أنه أول من نادى بتجديد الخطاب الدينى الإسلامى لكى يسود العالم السلام وسط مفاهيم المحبة والإخاء والتراحم أننا أمام عالم جديد من المحبة والسلام الرئيس السيسى أحد رموزه ويقوده فى العالم كله ففى مصر الآن يد ترفع السلاح لمكافحة الإرهاب ويد أخرى تمسك أدوات الإعمار والبناء، فأبناء مصر يكافحون الإرهاب ويقومون بأكبر عملية بناء اقتصادى فى تاريخ مصر، وفى مكافحة الإرهاب يسقط آلاف من المصريين من رجال الشرطة والقوات المسلحة وأبناء مصر من الأبرياء وهنا سؤال يطرح نفسه ويطرحه بعض المثقفين هل يجوز التصالح مع الإرهابيين الذين قتلوا الآلاف من أبناء الشعب المصرى وقد سبق أن أجبنا عن هذا السؤال بأنه لا يجوز التصالح مع الإرهابيين طبقاً للشريعة الإسلامية، والآن هل نطرح سؤالاً آخر هل يجوز التصالح مع الإرهابيين طبقاً لنصوص الدستور المصرى الحالى، وهذا السؤال ما سوف نجيب عنه فى هذا المقال.

ثانياً: ومنذ فترة سابقة أثناء مقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن بالبيت الأبيض الأمريكى بتاريخ 3/4/2017 لتبدأ صفحة جديدة فى العلاقات المصرية - الأمريكية شدد الرئيس المصرى على ضرورة مكافحة الإرهاب دولياً لأنه ظاهرة عالمية فى كل أنحاء العالم، وأثناء المحادثات وقع حادث إرهابى فى مترو الأنفاق بمدينة سان بطرسبرج أكبر المدن الروسية وذلك أثناء زيارة الرئيس بوتين هذه المدينة، وهذا الحادث الإرهابى نتيجة تفجير عبوتين ناسفتين فى محطة مترو الأنفاق ترتب على ذلك الحادث الإرهابى مقتل عشرة أشخاص وإصابة خمسين آخرين بعضهم حالتهم حرجة، وذلك يعطى دلالة على أن الإرهاب ظاهرة عالمية من الممكن أن يرتكب فى أى دولة من دول العالم، وأن الإرهاب لا دين له من الممكن أن يرتكبه أتباع أى ديانات سماوية أو عقائد وضعية أو من لا دين لهم كما سبق أن بينا، وذلك يدعو جميع الدول إلى مواجهة الإرهاب من جميع دول العالم لذلك قال الرئيس الأمريكى ترامب فى المحادثات مع الرئيس المصرى لديكم صديق وحليف هى الولايات المتحدة الأمريكية وهى تدعم الشعب المصرى والقوات المسلحة المصرية والشرطة فى حربها ضد الإرهاب وضرورة إحياء العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين وتطويرها والارتقاء بها إلى آفاق أرحب فى مختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وتطرق الرئيسان إلى كيفية مواجهة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف خاصة أن الرئيس السيسى أول من نادى إلى تجديد الخطاب الدينى الإسلامى واستبعاد الفكر المتطرف من صحيح الدين الإسلامى بما لا يمس الثوابت فى القرآن والسنة، وقد بحث الرئيسان قضية الإعلان عن أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وهى التى خرج من رحمها كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة أو غيرها من الجماعات الإرهابية، وبعد ذلك تقابل الرئيس السيسى مع أعضاء الكونجرس الأمريكى لإعادة الدفء للعلاقات المصرية - الأمريكية بعد العلاقات الفائرة أيام أوباما لذلك تقرر التركيز على المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية وتقرير التواصل بين المؤسسات الرسمية والشعبية بين البلدين، وأنه توجد مصلحة استراتيجية أمريكية - مصرية فى ضرورة مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف عالمياً ومواجهة التطرف العقائدى، وقد أكد مستشار الرئيس الأمريكى فى حملته الانتخابية وليد فارسى أن خروج أكثر من 30 مليون مصرى فى الثلاثين من يونية 2013 خلق واقعاً جديداً أن مصر تجلت فيها إرادة التغيير فى مصر من خلال ثلاثة مستحقات ديمقراطية تمثلت فى الاستفتاء على الدستور الحالى وإجراء انتخابات الرئاسة والبرلمانية، وأن تعزيز السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط هدف أمريكى - مصرى خاصة أن مصر هى بوابة القارة الأفريقية، مما تقدم يتضح نجاح دعوة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى بأنه يجب مكافحة الإرهاب كظاهرة عالمية بالاشتراك مع جميع دول العالم كله لابد من اشتراك جميع دول العالم فى مواجهة الإرهاب كما تدعو قرارات مجلس الأمن.

ثالثاً: نعود الآن للسؤال الذى طرحناه فى عنوان المقالة هل يملك الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر أو رئيس الوزراء أو أى مسئول من المسئولين أو البرلمان التصالح مع الإرهابيين والإخوان طبقاً للدستور، نجد أنه بالاطلاع على الدستور المصرى الصادر فى عام 2014 الآتى:

- فى المادة الثانية من الدستور «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، وعلى ذلك لا يجوز مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية من السيد رئيس الجمهورية أو غيره من المسئولين.

- المادة 59 من الدستور «الحياة الآمنة حق للإنسان وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لكل مقيم على أرضها»، وعلى ذلك واجب الدولة حماية جميع مواطنيها من الجرائم الإرهابية ورئيس الجمهورية بوصفه رئيس السلطة التنفيذية مكلف بحماية جميع المواطنين وهذا التزام دستورى، فبالتالى لا يملك العفو أو الصلح مع مرتكبى الجرائم الإرهابية أو من هم على قوائم الإرهاب مثل الإخوان المسلمين.

- وتنص المادة 86 من الدستور «الحفاظ على الأمن القومى واجب والتزام الكافة بمراعاته مسئوليته وطنية يكفلها القانون والدفاع عن الوطن وحماية أرضه شرف وواجب مقدس» وحيث إن

الجرائم الإرهابية تخل بالأمن القومى فليس من حق رئيس الجمهورية الصلح مع مرتكبيها.

- وتنص المادة 94 من الدستور «سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وتخضع الدولة للقانون» وطالما أن الجرائم الإرهابية جرائم جنائية منصوص عليها فى قانون العقوبات ومنصوص عليها فى قانون مكافحة الإرهاب رقم 8 لسنة 2015 فلا يجوز لرئيس الجمهورية أو غيره من المسئولين التصالح فى الجرائم الجنائية خاصة الجرائم الإرهابية.

- وطبقاً لنص المادة 96 من الدستور فلابد أن يحاكم كل من ارتكب جريمة جنائية وجرائم الإرهاب جرائم جنائية ولكن مرتكبها برىء حتى تثبت إدانته طبقاً لنص المادة 96 من الدستور، وعلى ذلك لا يملك رئيس الجمهورية إعفاء مرتكبى أى جريمة جنائية من التحقيق معه وتقديمه للمحاكمة.

- وتنص المادة 96 من الدستور: «كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم»، وعلى ذلك فإن جميع الجرائم الإرهابية جرائم جنائية فيها اعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين يجب معاقبة الجناة لا بالتصالح معهم من أى شخص فى الدولة.

- تنص المادة 139 من الدستور «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية يراعى مصالح الشعب ويحافظ على استقلال الوطن ووحدة أراضيه» من اختصاصات رئيس الجمهورية مراعاة مصالح الشعب فيعد قتل وإصابة عشرات آلاف من أبناء الوطن من الجماهير الأبرياء، وأبناء القوات المسلحة وجهاز الشرطة أن الصلح مع الإرهابيين ليس فيه أى مراعاة لمصالح الشعب بكل طوائفه.

رابعاً: أهم مادة فى اختصاصات رئيس الجمهورية فى الدستور هو نص المادة 155 من الدستور «لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفيضها ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون يقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب» وهذا النص صريح ولا اجتهاد مع صراحة النص أنه ليس من حق رئيس الجمهورية التصالح مع الإرهابيين فى الجرائم الإرهابية فى مرحلة التحريات أو التحقيق أو المحاكمة وأنه حقه فقط فى الآتى:

- حق رئيس الجمهورية فى العفو عن العقوبة أو تخفيض العقوبة على المتهمين فى الجرائم وذلك بعد صدور حكم المحكمة المختصة وضرورة أن يكون هذا الحكم نهائياً، فلا بد أن يحاكم المتهم أمام المحكمة المختصة وبعد صدور الحكم يأتى حق رئيس الجمهورية فى العفو عن العقوبة أو تخفيضها.

- ليس حق رئيس الجمهورية مطلقاً فى العفو عن العقوبة أو تخفيضها بل لابد دستورياً من أخذ رأى مجلس الوزراء قبل إلغاء العقوبة أو تخفيضها.

- ولا يكون العفو الشامل طبقاً للمادة 155 من الدستور إلا بموافقة مجلس النواب وعلى ذلك لا يملك رئيس الجمهورية التصالح مع الإرهابيين والإخوان المسلمين الذين ارتكبوا جرائم إرهابية جنائية طبقاً للدستور.

خامساً: وبالاطلاع على قانون العقوبات المصرى وكل تعديلاته الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وكل تعديلاته حتى كتابة هذا المقال لم أجد نصاً واحداً يسمح لرئيس الجمهورية أو أى مسئول تنفيذى بالتصالح فى الجرائم الإرهابية أو التصالح مع الإرهابيين لأنها جرائم جنائية يجب العقاب عليها وإن كان هناك سبب وجيه يحقق المصلحة العامة فهو تخفيف العقوبة أو إلغاؤها بعد المحاكمة وصدور حكم للجناة طبقاً لنص المادة 155 من الدستور.

وبالاطلاع على القانون رقم 97 لسنة 1992 الخاص بتشديد العقوبات فى الجرائم الإرهابية وكذلك قانون مكافحة الإرهاب رقم 8 لسنة 2015 لم أجد نصاً واحداً يسمح لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أى مسئول بالدولة بالتصالح مع الإرهابيين.

سادساً: مما تقدم يتضح أنه ليس من حق رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أى مسئول بالدولة أو البرلمان التصالح مع الإرهابيين قانوناً ودستورياً وقد سبق أن أوضحنا فى مقابل سابق نشر فى العدد الأسبوعى السابق فى جريدة الوفد أنه ليس من حق أى مسئول فى الحكومة أو البرلمان التصالح مع الإرهابيين طبقاً لنصوص الشريعة الإسلامية وطبقاً لأقوال وآراء الفقهاء الأربعة مالك والشافعى وأبوحنيفة وأبوحنبل والتلميذين محمد وأبويوسف وطبقاً لنصوص القرآن والسنة النبوية وفى هذا المقال نثبت أنه ليس من حق أى مسئول فى الدولة أو فى البرلمان التصالح مع الإرهابيين طبقاً لنصوص الدستور والقانون والمحصلة من ذلك والخلاصة النهائية فى المقالين لا يحق لأى مسئول فى الدولة أو البرلمان التصالح مع الإرهابيين وفى النهاية أكد رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال فى إحدى جلسات البرلمان أن أمر المصالحة مع الإرهابيين أمر يملكه ويقرره الشعب المصرى وليس البرلمان باعتبار أن القانون المنظم لذلك يجب أن ينبع من إرادة الشعب المصرى فقط وحيث إن الشعب يرفض الإرهابيين الذين قتلوا الشعب المصرى فالصلح معهم أمراً مرفوضاً شكلاً وموضوعاً ودستورياً طبقاً للشريعة الإسلامية.