عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مع مصر.. لسه رقبتك سدادة؟


"أنا رقبتي سدادة"، جملة ارتبطت في أذهاننا بوطنية وشجاعة "رأفت الهجان"، التي كان يرددها للتدليل على وطنيته وانتمائه والترحيب بالتضحية بنفسه في سبيل مصر.

اختلف الأمر الآن، وأصبحت الرقبة تباع لمن يدفع حتى لو كان الثمن زهيدا، كما أصبح التجسس على الوطن لحساب العدو أمرا يسعى إليه بعض الشباب، مثلما حدث في حالة "طارق عبد الرازق حسين" صاحب قضية التجسس الأخيرة.

والسؤال.. لماذا تغير الانتماء لهذا الشكل؟، وما هي الأسباب التي تدفع الفرد إلى العمل بالتجسس على وطنه لحساب العدو؟

بطالة وغربة

وليد حمدي 30 سنة يقول: "أي حد مصري حاليا ممكن يتجسس، والسبب انتشار البطالة، والفساد، وعدم القدرة على الزواج، وعدم الثقة في أي شيء ويكفي ما رآه الشباب في الانتخابات الأخيرة، وبرأيي أن الحل الذي يمنع خطورة التجسس هو التقرب من الله والتدين، فهما السبيل في أصعب الظروف".

أما تامر عيسى 25 سنة فيقول: "الجاسوس طارق بدأ اتصاله بالموساد وهو في الصين، وهنا برأيي تكمن المشكلة، ففي الغربة يجد المصري إهانة كبيرة جدا، وأصبح معروفاً أن المصري ليس له وزن بالخارج، لذا فهو لجأ إلى ذلك للبحث عن المكانة والمادة، وهذا ليس تبريراً من جانبي فأنا أراه مخطئا خطأ بالغاً، وليس كل فرد تقابله مشكلة يذهب للتجسس".

وطنية الكورة

مي مصطفى 29 سنة ترى أن الوطنية والانتماء لدى الشباب الآن أصبحت تتركز في تشجيع منتخب مصر في مباريات كرة القدم والتنافس في البطولات الرياضية فقط، وتضيف: "يشتعل الشعور بالانتماء وحب الوطن لدى الشباب في تمنيهم بفوز مصر رياضيا بغض النظر عن تخلفها وتأخرها في الأمور والقضايا الأهم، أعتقد أن الكثير من الشباب لم ينشأ في الأساس على حب الوطن واحترام بلده، وهذا بالطبع ما يدفع الكثير من الشباب ضعاف النفوس إلى الانسياق للتجسس والتخابر ضد بلده" .

في حين تجد سحر مينا 23 سنة أن حالات التجسس في مصر حالات نادرة وليست منتشرة على قدر كبير، وتقول: "لا أعتقد أن تورط شاب مصري في شبكة تجسس تعني أن الوطنية والانتماء اختفت لدى الشباب، فمازال لدينا من يحبون مصر ويتفانون من أجلها على الرغم من الظروف الصعبة التي نعاني منها، فمن الممكن أن يغضب الشباب من مصر ويكرهون الظروف الصعبة التي يعانون منها ولكن مهما حدث فهم يظلون مصريون".

وتواصل دفاعها: "حالة طارق ومن سبقه من الشباب الذين تجسسوا على مصر وكذلك حالة الشباب الذين يهربون إلى إسرائيل ويتزوجون من إسرائيليات حالات فردية قليلة جدا جدا، لا يمكن تعميمها أو اعتبارها مرآة عاكسة عن حال الشباب المصري كله أو حتى نصفه، فأرى أنها حالات قليلة لا تعبر إلا عن هؤلاء الشباب فقط ".

أدوات الانتماء قديمة

عن الأسباب التي تدفع الشباب المصري لأن يعرض على الأعداء التعاون معهم والتخابر لصالحهم ضد مصر، يقول د.أحمد البحيري استشاري الطب النفسي: "قائمة الأسباب تطول،

منها القيم المادية السائدة والأخذ بها، وتوغل العولمة وسهولة الاتصالات والاطلاع على ما لدى الدول الأخرى والتأثر بقيمهم والإعجاب والافتنان بها، مما يشوش على بعض الناس فلا يفرقون بين الخاص والعام، ويجعل بعض الشباب يفقد الخصوصية لوطنه الأصلي".

ويرى د. البحيري أن عبارة مثل "أنا رقبتي سدادة"، "بالروح والدم" التي تدل على الانتماء وغيرها تراجعت الآن. مضيفا: "تغير الحال وأصبح بعض الشباب نسمعه يقول (هي إسرائيل وحشة؟) وذلك عندما يقارن بين حاله وحال شباب في دول أخرى، لكن ليس معنى أن تكون دول أغنى أو أفضل منا تكنولوجيا أن نحبها أكثر من بلدنا، لأننا لو طبقنا هذا بشكل مصغر فكل شاب فقير مثلا يكره والديه ويختار له أب غني!، فالتفكير بهذه الطريقة ضد قيم البناء والانتماء والحلول الإيجابية".

أمر آخر يشير إليه وهو أن أدوات الانتماء التي تستخدم في مصر أصبحت قديمة، وتناسب الأجيال السابقة، فلا نزال نستخدم شعارات الستينات وأغنياتها وشعاراتها، وبالطبع هذا يضعف الانتماء حاليا، لذا لا بد من تطوير هذه الأدوات، فحول العالم كثير من الدول الفقيرة لكنها حافظت على انتماء أفرادها مثل الهند.

وبرأيه أن التطوير يكون باستغلال الأدوات الحديثة من فضائيات وكمبيوتر وإنترنت، كما أن العولمة ليست معناها الذوبان في الآخر، ولكنها التعامل وفهم الآخر، فلابد أن تكون الفنون من واقعنا، والقدوة من واقعنا، وكذلك الموسيقي والآداب، فالهند مثلا الفنون والعلوم لديها مصبوغة بثقافتهم وليس الثقافة الغربية فقط، فأبطال الكرتون لديهم هنود، وهكذا.

وحتى يعود الانتماء إلى الشباب المصري، يرى د. البحيري أن ذلك يتحقق بعوامل عديدة، منها استخدام اللغة العربية وتفعيلها في كل الأعمال، خاصة أن الشباب يكتب في الدردشة بالحروف اللاتينية أو الفرانكوأراب، إلى جانب إنتاج برامج كمبيوتر وألعاب وعلوم وفنون تحافظ على هويتنا، إلى جانب إرساء أساسيات التنافس الشريف والبعد عن الظلم والغش، وكيفية التعايش مع ظروف المجتمع والصبر على المكاره.