رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عقل مصر فى «إجازة»

بوابة الوفد الإلكترونية

أين المثقفون مما يحدث في مصر الآن؟ سؤال يطرحه الكثيرون عندما يرون قلة من الأدعياء يحتلون الشاشات ويتحدثون باسم المصريين فيطالبون ويحذرون، والواقع

أن فترة حكم مبارك قضت على البقية الباقية من المثقفين، بعدما بدأ السادات الحرب ضدهم، فتعمد تهميشهم واستقطابهم بالترهيب أو بالترغيب، فانكفأوا على أنفسهم وانعزلوا عن الشارع، وتحول الكثيرون منهم الى شىء من التراث وجزء من الماضي.
وعن سبب ابتعاد المثقفين عن المشهد يقول الشاعر فاروق شوشة، قال: إن هناك عزوفاً عن المشاركة في المؤسسة الثقافية وما تقدمه، نتيجة احساسي بفشل هذه المؤسسة على مدار عقود طويلة من الزمان، في أن تتيح مناخاً لفرص الابداع القائمة على أحكام سليمة وتحقيق العدالة، بمعنى أن الذين يستحقون الجوائز هم الذين يكرمون، والذين يستحقون المعونة والذين ينبغي أن يمثلوا مصر في المحافل الداخلية أو الخارجية.
وأضاف: أن العزوف أيضاً، نتيجة عقود كانت فيها الأمور لا تمضي دائما على الوجه العادل والصحيح، لكن في قلب المشهد هناك مبدعون لجأوا الى مشاريعهم الخاصة ومنهم أنا، فبدلاً من تضييع الوقت في لجان واجتماعات وحضور مؤسسات وأنشطة غير صحيحة وغير منتجة لما لا يهتم المبدع بمشروعه الخاص، سواء كان هذا المشروع في الشعر أو القصة أو الرواية أو الدراسة الأدبية أو أي شكل من هذه المشاريع ويعمق ارتباطه بهذا المشروع، وبالتالي يعكف عن الانتاج بدلاً من أن يصبح واحداً من المهمشين.
وقال الروائى ابراهيم عبدالمجيد إن سؤال: أين النخبة؟ يسبب لي ازعاجاً، فالناس تتصور أن هذه النخبة غير موجودة لكن في الحقيقة هي موجودة وموزعة على الاحزاب الجديدة والقديمة، وأنا أتواجد معهم فعلياً ولم يغب عنا سوى كبار السن من المثقفين نظراً لظروفهم الصحية، لكن معظمهم لا يمتنع عن الكتابة، إذن النخبة لم تغب كما يقولون، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في وجود هذا الزخم الكبير بالميادين والشوارع، وبالتالي لم ير الناس تواجد المثقفين وسط هذا الزحام، لكن أؤكد اننا موجودون في صفحات الجرائد وبرامج التليفزيون بقوة، وهناك أيضاً جبهة ابداع، أذكر أنني تواجدت معهم مرة في الشارع مع الشعب، ومرة تواجدت معهم في مؤتمر بنقابة الصحفيين.
وتابع عبد المجيد أن الغالبية العظمى من المثقفين موجودون مع الناس، لكن ليس من المعقول أن يكونوا في الصفوف الاولى لاستقبال الضرب، لكن المهم أنهم موجودون ولو بأعداد محدودة على الفضائيات، وأنا واحد منهم اكتب ثلاثة مقالات في الأسبوع، والخلاصة أن «الشباب مستكفي» ونحن نمشي وراء الشباب وليس أمامه.
وشدد على أن معظم المثقفين داخل الأحزاب، أما المبدعون فهم غائبون ولابد أن يغيبوا، لأن المبدع لا يستطيع أن يعمل في ظل أي حزب لأنه اكبر من كل الاحزاب، والمبدعون لا يتحملون النظم الصارمة للأحزاب، والقواعد الفكرية الثابتة والعقائدية والمبدعون لا يتحملون النظم الصارمة للأحزاب، والقواعد الفكرية الثابتة والعقائدية والمبدعون أكثر حرية وتحررا، وإذا استبعدنا المبدعين نجد أن الاحزاب تضم المثقفين من الصحفيين والنقاد والمفكرين، والمثقف طول عمره مناضل بالكتابة أو بالفعل لكن نتيجة تخوفه من السلطة لا يوجد له دور محدد، وللأسف المثقفون متفرقون وبالتالي لا نرى معارك ثقافية حقيقية.
ويقول الكاتب محمد سلماوي - رئيس اتحاد كتاب مصر - إن ما يحدث هو علاقة جدلية بين المثقفين والسلطة، ولا يمكن أن تتطابق المواقف بين المثقفين ورجال السياسة، فالمثقفون دائما يتطلعون الى الامان والى ما هو افضل، ويطالبون رجال السياسة بما هو أكثر وأفضل، ومن هنا لا يمكن أن يكون هناك تطابق، لكن ليس من المنطقي أن تتحول العلاقة الى صراع ومواجهة بين المثقفين ورجال السلطة، لأن المسألة ليست حرباً وليست صراعاً والمجتمعات التي ينشأ فيها حرببين المجتمعات وبين السياسة هي مجتمعات غير سوية وليس لها حظ كبير في التقدم لأن التقدم يكون باستمرار الحوار بين السياسة والثقافة فتستفيد السياسة من فكر المثقفين وآرائهم وتوجهاتهم.
وقال الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي: إن القاعدة تقول إذا كانت السلطة ديمقراطية فكل شىء يكون في مكانه، والسلطة الديمقراطية هي التي يختارها الناس كما يقول الدستور لأن الأمة مصدر السلطات، وإذا كانت السلطة نزيهة فلابد أن تعترف بدور المثقف على اعتبار أنه سلطة اخلاقية يحاكم ويحاسب.
وأشار حجازي الى الفرق بين المثقف والسياسى، قائلا: إن المثقف ينظر الى المبادئ والقيم الأساسية والمثل العليا يرعاها ويدافع عنها، بينما رجل السياسة ينظر الى المطالب اليومية فهو مضطر لأن يكون عملياً لأنه يتعامل مع عامة الناس، لذا المثقف يجب أن يراقب ويحاسب والسياسي يجب أن ينجز مطالب الناس لكن لابد أن تكون هذه الطريقة اخلاقية ولا تتعارض ولا تتناقض مع القيمة أو مع مثل أعلى أو دستور، وإذا قال السياسي سوف أحسن مستواكم المعيشي شرط ان تتنازلوا عن الحرية أقول له لن نتنازل عن الحرية، ويكون من حقنا ان ننتخب آخرين يحققون ما نريده بالطريقة الشرعية وبما لا يتعارض مع الدستور.
وأضاف حجازي: أنه يرفض كل وصايا يفرضها من

يقولون إنهم رقباء ويلعبون دور الرقيب على الابداع والحياة الثقافية تحت أي مبرر، فهناك أسماء ما أنزل الله بها من سلطان تريد أن تفرض وصايتها على الثقافة ولكننا لن نسمح بذلك.
بينما طالب الناقد والكاتب الدكتور شاكر عبد الحميد، على الجميع أن يعلم أن المثقفين موجودون وبقوة في الميادين، من خلال دور هيئة قصور الثقافة بالامكانيات المحدودة المتاحة لها، تعقد ندوات وامسيات وقوافل ثقافية في القرى والمحافظات، لكن بعضهم ذهب الى مجلس الشعب والبعض الآخر ذهب الى القنوات الفضائية الجديدة، وآخرون لجأوا الى الانطواء على النفس وتأمل الذات وكتابة الذكريات والاعمال الأدبية والفنية ويشعر بالحزن والأسى، بسبب ما يحدث فى مصر، ولكن أثناء قضية الفنان عادل إمام كان هناك مشاركة وتواجد من جانب المثقفين من خلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من اتحاد الكتاب ومن جبهة الابداع.
ويقول شاكر: إن المثقفين للأسف لا يقومون بدورهم، لعدم وجود منابر كافية لهم، ولعدم وجود حزب يجمع المثقفين، وكان يجب علي المثقفين أن يشكلوا حزباً ليبرالياً توافقياً يجمع جميع الاتجاهات والهدف منه يكون الدفاع عن حرية الابداع وحقوق المبدعين والدفاع عن مصر أولاً التى تقوم على أساس الحلم والفن والتربية الجديدة التقدمية التي تطرح القيم الإنسانية قيم الخير والحق والجمال والعدالة، وكل ما من شأنه أن يرقى بالمجتمع، لكن للأسف الكثير من المثقفين ليس لديهم ما يسمي بسياسة النفس الطويل، فبعضهم يشعر بالممل والإحباط ويفضل الانسحاب بسرعة، لكن لابد من وجود كيان للمثقفين يحثهم علي التواجد والمشاركة فى الحياة السياسية، لكن عقل الأمة ليس فى خطر لكن عقل الأم يتعرض لتهديد.
ويؤكد الكاتب والروائي يوسف القعيد، أن المثقف بعيد عن المشاركة من الحياة الحساسية، لأن السلطة لن ترضى عن أداء المثقفين، والمثقفون لن يرضوا عن أداء السلطة، والسلطة الآن هي الخاسرة لأنها لا تستفيد من رؤى المثقفين وأحلامهم وأحاسيسهم ومن الصواب الذى يشير إليه المثقف.
ويضيف أن الغرور يعمي من يتربع علي عرش السلطة، وأن هناك أحزاباً بها أمانة عامة للكتاب والأدباء والفنانين، ولكن هذا الوجود مرتبط بكونهم أدباء وكتاباً ومثقفين، بمعنى أنه لا يوجد لهم دور سياسى في الأحزاب، وهذه طبيعة العصر، ولنا أن نذكر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما ذهب إلى جريدة «الأهرام» عام 1969 وسلم على نجيب محفوظ قال له: «أنا بقالي فترة كبيرة لم أقرأ لك شيئاً»، وأذكر أيضاً أن خالد ابن جمال عبدالناصر عندما ذهب إلي نجيب محفوظ - وهذا كان في حضورى - قال له: عندما كانت تصدر رواية جديدة كان والدى يعطى لنا الرواية ونقرأها ويمتحنا فيها.
أما أنور السادات فشتم المثقفين في منتصف السبعينيات، وقال عليهم «أفنديات»، هذه السبة التي مازالت مستمرة حتى الآن بشكل أو بآخر، وأنا لا أرى بلداً يلعن مثقفيه مثل مصر الآن، حتي تحول إلي بلد طارد، السلطة فيه لا تقرأ ولا تتابع.
أما الكاتب جمال الغيطاني، فأكد أن مصر خسرت المبدعين وكسبت الموظفين الأثرياء، موضحاً أن المثقف لابد أن يدافع عن الأغلبية الصامتة، وإذا نظرنا إلي جيل الستينيات نجده من أهم وأنبل الأجيال التى ظهرت علي الساحة المصرية، فلا يوجد جيل ضحى مثل هذا الجيل منذ أن كان «الأفندية» المثقفون يتظاهرون ضد الإنجليز، وحتي دخول المعتقلات والسجون.