عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صراع الغاز في البحر المتوسط.. مصر تضرب حلم تركيا وتصبح محوراً للطاقة العالمية

تصميم: محمود حسن
تصميم: محمود حسن

تقرير: محمد ثروت

 

إذا كان التركيز انصب منذ فترة طويلة على مصطلح حروب المياه، فإن الصراع يتحول الآن إلى منطقة أخرى وهي مصادر الطاقة، والتي أصبح الغاز الطبيعي يلعب دوراً محورياً فيها بعد تراجع أسعار النفط، ونضوب موارده، وبالتالي فإن منطقة البحر المتوسط الغنية بالغاز ستكون مسرحاً لصراع مصالح بدأ بالفعل.

 

لم يترك الرئيس عبدالفتاح السيسي المجال مفتوحاً أمام الاجتهادات فيما يتعلق بصفقة استيراد مصر للغاز من إسرائيل، والتي أعلنتها حكومة تل أبيب منذ أيام قليلة، وأثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري وبرامج التوك شو وغيرها من الأوساط السياسية والبرلمانية، والتقطتها الأطراف المناوئة للدولة المصرية.

 

كعادته، كان السيسي صريحاً ومباشراً، وقال إن الحكومة ليس لها أي علاقة باتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل، وأشار إلى أن الاتفاق تقوم به شركات القطاع الخاص المصرية مع تل أبيب.


وأضاف الرئيس بقوله: "مصر تمتلك تسهيلات ومنشآت للتعامل مع الغاز غير موجودة في دول كثيرة بمنطقة البحر المتوسط، وبالتالي كانت الاستفادة من الغاز المكتشف في شرق المتوسط بقبرص وإسرائيل ولبنان وغيره من 3 طرق.. إما يطلع الغاز عن طريق تركيا أو عن طريق الدول المنتجة بنفسها أو عن طريق مصر".

 

وبعيداً عن الاستفادة الاقتصادية، التي قدّرها رئيس شعبة الغاز في مصر محمد سعد الدين إبراهيم، بأن مصر ستستورد الغاز من إسرائيل بـ15 مليار دولار، مقابل مكاسب متوقعة تصل إلى 50 مليار دولار، فإن تصريحات السيسي كشفت بعداً آخر، وهو أن الاتفاقية تأتي رداً على الاستفزازات التركية، وضربة لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي كانت تتفاوض مع تل أبيب كي تكون تركيا ممراً للغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
 

وكان الحلم التركي قائماً على أن تصبح تركيا محوراً لنقل الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وهو ما كان سبباً في الحرب الدولية التي اشتعلت في سوريا، ولعب فيها الغاز الطبيعي دوراً كبيراً من وراء الكواليس، فقد سعت قطر وتركيا لإسقاط نظام بشار الأسد لتمرير مشروع الغاز، بينما دخلت روسيا للدفاع عن الأسد لوقف هذا المخطط، الذي كان سيمنع موسكو من تمرير الغاز الروسي إلى أوروبا عبر منفذ البحر المتوسط.

 

 

وفي نفس الوقت، فإن هناك مفاوضات متقدمة بين مصر وقبرص، التي ترغب في تصدير الغاز إلى مصر، التي تتوافر بها إمكانات تسييل الغاز، وبالتالي تستطيع القاهرة أن تستغل تلك الميزة في تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، تتمثل في أنها ستكون محوراً إقليمياً رئيسياً في صادرات الغاز الطبيعي من منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط إلى القارة الأوروبية، إضافة إلى دعم خزينة الدولة من العملة الصعبة، والتي تأثرت بشدة في أعقاب 25 يناير 2011، وما تبعها من أحداث سياسية وهجمات إرهابية كان لها تأثير كبير على الاحتياطي النقدي الذي تأثر سلباً أيضاً بعد تراجع معدلات السياحة وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

 

وفي هذا السياق، تحدث خبراء الطاقة في العديد من المؤسسات الدولية عن السوق الواعدة للغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط، وأكد العديد منهم أن مصر تستطيع أن تكون مركزاً ومحوراً إقليمياً لتلك السوق المزدهرة.

 

وقال ستيفن فولرتون، المحلل في شركة "وود ماكنزي"، إن هناك الكثير من الاستكشافات الجارية في المياه القبرصية، ومن المرجح أن يتم

اكتشاف المزيد من الغاز.

وأضاف "أن أي اكتشافات أخرى ستبحث عن مصر بوصفها الخيار الأمثل للتصدير، وتحويل الغاز إلى غاز مسال، وبالتالي فإن القاهرة ستكون مصدراً لاستقبال الغاز القبرصي".

 

وتأتي تلك التقارير، في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التصريحات بين الدول ذات الصلة باكتشافات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.


وبدأت تركيا في التصعيد، عبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، الذي صرّح مطلع هذا الشهر بأن أنقرة لا تعترف باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، والموقعة منذ 5 سنوات وتم تسجيلها في الأمم المتحدة.

 


وواصلت أنقرة أعمالها الاستفزازية، ومنعت سفنها الحربية إحدى السفن التابعة لشركة "إيني" الإيطالية التي كانت متجهة لإجراء بعض أعمال الاستكشاف في المياه الإقليمية القبرصية، بحجة وجود تدريبات عسكرية تركية في تلك المنطقة.

التحركات التركية المريبة تبعها بيان مباشر من الخارجية المصرية، بأن مصر لن تقبل أي تعدي على حدودها البحرية أو سيادتها على أراضيها في ضوء البيان التركي.


وفي نفس السياق، نشر الموقع الرسمي للقوات المسلحة المصرية فيديو أكد خلاله قيام القوات البحرية بدوريات في مناطق آبار الغاز المصرية في البحر المتوسط، وتأكيده على أن مصر سترد بقوة ضد أي عدوان محتمل.

 

من جانبها، أعلنت قبرص أنها ستواصل أعمال استكشاف الغاز الطبيعي في مياهها الإقليمية، بغض النظر عن التهديدات التركية.

 

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" إن التوترات تشتعل في البحر المتوسط على خلفية ثروات الغاز الكبيرة في المنطقة المضطربة.


وقال أندرو نيف، الخبير الدولي في شركة بريطانية لتحليل ومعلومات اتخاذ القرار، والتي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، إنه لا يتوقع أن تقوم تركيا بالمزيد من التصعيد في هذا الملف.


وأضاف بقوله "إذا اقتربت أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي كثيراً من المياه الإقليمية التركية، فإن أنقرة ستقوم بالمزيد من دبلوماسية السفن البحرية دفاعاً عن مصالحها".
 

وأشارت فرانس برس إلى أن مصر، التي تضم مياهها الإقليمية أكبر احتياطات للغاز الطبيعي في المنطقة، ستعزز مكانتها في سوق الطاقة العالمية من خلال الاتفاق المتوقع مع قبرص لاستيراد الغاز وتسويقه أوروبياً بعد تحويله إلى غاز مسال بفضل منشآتها الفريدة من نوعها في هذا المجال.